متابعات

أبو بكر انغير: البوليساريو حركة إرهابية وأسطورتها بدأت تنهار

مقال رأي للمنسق الوطني للعصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، أبو بكر انغير

تعتبر حركة البوليساريو من مخلفات الحرب الباردة، وشكلت ورقة في أيادي إقليمية ودولية للضغط على المغرب والمنطقة المغاربية عموما لمنع أي تقارب جدي وفعال بين الدول المغاربية، وعطلت الاندماج المغاربي ونشرت حركة البوليساريو الشقاق بين المغاربة والجزائريين وبين المغاربة والليبيين.

إن أي تقارب اقتصادي وسياسي بين الدول المغاربية سيشكل قطبا إقليميا فاعلا في القضايا الدولية، فالمغرب وتونس كبلدين فلاحيين رائدين يمكنهما تغطية الاحتياجات الفلاحية والغذائية للدول الخمسة بسهولة فائقة، كما أن تواجد الغاز الجزائري والبترول الليبي ومعادن موريتانيا يمكن أن يكفي الدول الخمس في احتياجاتها الطاقية.

فمن يعطل الاتحاد المغاربي إذا، ومن له مصلحة بقاء الدول الخمسة مشتتة تسعى كل واحدة منها على حدة استجداء المساعدات وتخصيص ثرواتها الهائلة من أجل شراء أسلحة أوروبية وأمريكية قديمة ومغشوشة بدعوى التصدي لمناورات الخصوم؛ أي الجيران؟

فقد حطمت المغرب والجزائر أرقاما قياسية في التسلح على الصعيد الافريقي، وكان هذا على حساب قوت وكرامة الشعبين وكان المستفيد الأكبر من هذا الجو المكهرب هو شركات التسلح العالمية التي عانت كسادا ماليا كبيرا منذ سنة 2008 وتسعى اليوم جاهدة إلى توتير وتثوير الأجواء الدولية والإقليمية، من أجل بيع مخزونها من الأسلحة غير الصالح أغلبها للاستعمال، ولكن لماذا انطلت الحيلة والخدعة على نخب وسياسيو الشعبين المغربي والجزائري؟

أي تقارب مغربي جزائري وأي إتحاد مغاربي لابد ان يكون هدفه إنهاء أسطورة البوليساريو أولا، لأن البوليساريو كحركة إرهابية وجدت لتعكير أجواء المصالحة المغربية الجزائرية من طرف منظري وخدام الحرب الباردة، فلنتذكر جميعا ظروف نشأة البوليساريو ومن أنشأها ولأي غايات؟

البوليساريو اُنشئت في إطار الصراع السياسي والإيديولوجي تحديدا بين نظامي الحسن الثاني وهواري بومدين، الأول كان تابعا للمنظومة الرأسمالية الدولية بزعامة فرنسا والولايات المتحدة، والثاني كان تابعا للاتحاد السوفياتي والصين بدرجة أقل.

ولكن بعد نهاية الحرب الباردة لم يقم المجتمع الدولي بما فيه الكفاية لمحو أثار الحرب الباردة المدمرة على الشعبين المغربي والجزائري فبقيت قضية استكمال الوحدة الترابية المغربية من ضحايا الصراع الايديولوجي والسياسي الدولي بين المعسكرين، وخُلقت البوليساريو لتقوم بمهمة تعطيل المسلسل التنموي للمغرب وورقة ضغط على النظامين لتحقيق مصالح الدول الكبرى.

لكن أليس الوقت اليوم مناسبا لتجاوز هذا الابتزاز الذي تشكله جبهة البوليساريو للنظامين وللشعبين؟

ثانيا؛ في أحدث تقرير لمنظمة هيومان واتش رايتس حول مخيمات تندوف وممارسات القيادة الأبدية للبوليساريو، سلطت المنظمة الضوء على وجود انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في المخيمات وعلى انعدام شروط الحياة الكريمة للأطفال والنساء والمسنين، ووقفت على انتهاكات حرية التعبير والتجمهر والرأي المعارض وعلى وجود اختطافات واعتقالات واغتصابات جماعية للنساء وممارسات غير مقبولة شرعا وقانونا.

وكل هذه الممارسات تحدث فوق أراضي الجزائر –البلد المستضيف- وبعلم مسبق بتفاصيلها مما يدل دلالة قاطعة على أن الأسطوانة الكاذبة التي يكررها ساسة الجزائر بأنهم لايتدخلون في قرار جبهة البوليساريو وليسوا طرفا في الصراع بين المغرب وجبهة البوليساريو عار عن الصحة.

الحقيقة هي أن الجزائر طرف رئيسي في نزاع الصحراء وتحتضن على أراضيها جبهة مارقة وإرهابية وهي وفق القانون الدولي تتحمل مسؤولية ما يجري على أراضيها من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان فلماذا يصر ساسة الجزائر على إشعال نار الفتنة بين الشعب الجزائري والشعب المغربي؟ لماذا لا يفكر ساسة البلدين في استثمار الأموال المهدورة في السلاح والصراع الاستخباراتي في تمويل التنمية والتعليم والصحة والتشغيل؟

هل تملك جبهة البوليساريو مقومات إنشاء دولة مستقلة في الصحراء وقيادتها الهرمة لا تستطيع حتى قيادة المخيمات؟، فهي قيادة متسلطة فاسدة لا تسمح للآراء الأخرى المناوئة لها بالظهور وتعاقبها بالسجون والقتل والترهيب.

فمعتقلات الجبهة مليئة اليوم بمعتقلي “خط الشهيد” وهو تيار معادي لقيادة الجبهة وينتقد فساد قيادييها وتلاعبهم بأموال المساعدات الدولية الممنوحة من طرف المنظمات الدولية، كما أن ربيع مخيمات تيندوف جوبه بالقمع والقتل.

ولعل ما حدث لـ “شباب التغيير” في المخيمات دليل قاطع على أن جبهة البوليساريو تخطط لإنشاء دولة قهرية مستبدة لاتحترم حقوق الإنسان، أما ما حدث للأسرى المغاربة المحتجزين لدى الجبهة لعقود من الزمن وحكاياتهم الأسطورية عن ما عانوه وقاسوه من تعذيب وتنكيل من طرف مجرمي البوليزاريو، فهو وصمة عار على جبين الإنسانية.

لكن عجز المجتمع الحقوقي الدولي عن جلب المجرمين إلى ردهات المحاكم الدولية ومعاقبتهم على الجرائم البشعة التي اِرتكبوها، وأنا في الحقيقة لا أعلم واستغرب لماذا لم يقم المغرب برفع دعوى دولية في محكمة الجنايات الدولية ضد قيادات البوليساريو جراء الانتهاكات والجرائم التي اقترفوها ضد الأسرى المغاربة ضدا على اتفاقيات جنيف وضدا على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان فهل يسعى المجتمع الدولي عبر صمته على جرائم البوليساريو تبرير قيام دولة ارهابية فاشلة في خصر الاتحاد المغاربي؟

إن الملك محمد السادس في خطابه ليوم 6 نونبر 2014 بمناسبة عيد المسيرة الخضراء كان محقا عندما فرق بين الشعب الجزائري الشقيق والنظام الجزائري المتآمر ضد الوحدة المغاربية، وضد حقوق المغرب في الاستقرار والأمن، لذلك فنحن كمغاربة عبرنا دائما عن احترامنا وتقديرنا للشعب الجزائري وقواه المدنية الحية وأملنا كبير في أن نصنع اتحادا مغاربيا يحترم التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك بيننا كشعوب تواقة إلى التنمية واللحاق بركب المجتمعات المتقدمة.

هذه الأماني والطموحات النبيلة لا يمكن أن تكون إلا باحترامنا المشترك لحقوق غيرنا وأن نقوي أواصر التعاون والأخوة بيننا على جميع الأصعدة وليس بنشر خطاب الحقد والكراهية كما تفعل للأسف الشديد بعض المنابر الاعلامية والقنوات التلفزية الجزائرية التي تخصصت في سب وشتم المغاربة إلى حدود غير مستساغة.

منها أن المغرب مثلا طالب بتأجيل تنظيم فعاليات كأس إفريقيا للأمم في نسختها الثلاثين لسنة 2015 بدعوى خوف المغرب من فوز المنتخب الجزائري بكأس إفريقيا، متناسية أن في المغرب ملك وحكومة وشعب يهتمون بصحة المواطنين ومؤتمنون على مستقبلهم، لذلك اعتبر شخصيا أن قرار بلدي في عدم تنظيم “الكان” موقف تاريخي ووجيه ومسؤول لأن صحة المواطن فوق كل اعتبار.

أما وقد قررت غينيا الاستوائية تنظيم كان 2015 فنحن ننتظر أن تؤول الكأس للجزائر ولا ضير ولا حنق في ذلك، لكن لا يجب أن ننسى بأن كرة القدم مثلها مثل الحياة لا تعترف بالمعادلات الرياضية المجردة رغم اهميتها بل للميدان لغته الأولى والأخيرة.

ولكن الأحرى بالإعلام الجزائري أن يتحرى الصدق ويخاطب شعب الجزائر بالعقل ويروم نشر الوعي الحقيقي وليس الزائف، فالمغرب ليس عدوا للجزائر بل عدو المغرب والجزائر معا هو الفقر والأمية والمرض والتخلف والاستبداد.

فمتى استطعنا أن نهزم هؤلاء فقد نستطيع حينئذ أن نفوز بكأس الدول الملتحقة بركب التطور والديمقراطية وهي أعظم هدية يمكن أن نورثها للأجيال المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *