ملفات

إدريس .. طالب مغربي بروسيا فضل قضاء رأس السنة في سيبيريا

سجل الطالب المغربي إدريس بنسارية الذي ينحدر من إقليم الناظور ويدرس الصيدلة بمدينة  Tcheboxaryبروسيا، (سجل) اسمه كواحد من المغاربة القلائل الذين وصلوا منطقة سيبيريا التي تسجل بها البرودة مستويات قياسية تصل إلى أقل من 60 درجة تحت الصفر.

وقام هذا الطالب برحلة كانت عبارة عن مغامرة، بحيث قرر قضاء عطلة رأس السنة الميلادية 2015 في ضيافة إحدى الأسر بمنطقة “خانتي مانسييسك” ضواحي مدينة “سالخارد” بسيبيريا.

وكان الفضل في إنجاز جزء كبير من  التقرير التالي للمشرفين على صفحة المغاربة لي ساكنين في روسيا على موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، والتي يشرف عليها مجموعة من الطلبة القاطنين بروسيا والتي تعتبر صلة وصل بين الجالية المغربية بروسيا في مابينها ومع عائلات أعضائها وزوارها بالمغرب.

aze (2)

إدريس بن الحسان .. عاشق مغامرات “عش سافاري”

لم تكن فكرة زيارة منطقة نائية كهاته بالغريبة على الطالب إدريس المزداد بتاريخ 1990 بمدينة الناظور، فهو ابن أسرة معروفة بأبيها العصامي الذي يشغل اليوم منصب مندوب وزارة السياحة بإقليم الناظور والذي جاب الأرض طولا وعرضا، وزرع في ابنه الوحيد حب وعشق المغامرات.

فلم يتأخر في توجيه ابنه نحو الحياة بل وجهه إلى الاعتماد على النفس حسب قول إدريس “كان والدي صارما معي، فكانت رأفته وحنيته في قساوته، أتذكر كلماته لي حين كنت تلميذا حين كان يرغبني على الدراسة، وكان يترك لي الخيار في بعض الأمور على أن أتحمل مسؤولية الاختيار لذلك كان لي قدوة، وكان ظله يرافقني، وأنا وسط شعب الايسكيمو أتذكره وأنا على علم أنه سيكون جد فخور بابنه يصل إلى هذه اللمنطقة التي لم تسجل الساكنة التي التقيت بها وصول مغربي لها”.

خوف المغاربة من سيبيريا وراء خوض المغامرة

قرر إدريس خوض تجربة تعد فريدة من نوعها، فسيبيريا من المناطق التي لا يخطر على بال المغاربة زيارتها وخاصة في فصل الشتاء، حيث أن الحرارة تصل في درجاتها مستويات قياسية بهذه المناطق، يقول إدريس “كوالدي كنت عاشقا للسفر والبحث عن الثقافات، فكانت أول خرجة في مشواري حين كنت في 15 من عمري إلى إسبانيا ولم يكن أحد حينها برفقتي، تبعتها بعد ذلك زيارات لأوربا حتى أكاد أجزم أنني زرت أغلب الدول الأوربية، وخاصة بعد حصولي على الباكلوريا وتوجهي إلى بلجيكا للدراسة.

كان التحاقي بروسيا منذ خمس سنوات، واليوم وأنا في سنتي الرابعة في كلية الصيدلة، وقررت خوض تجربة فريدة وبشهادة ساكنة المنطقة التي زرتها فهم لا يعرفون بلدا إسمه المغرب، وربما لم يطلعوا على هذا الإسم إلا من خلال “الكليمانتين” والبرتقال المغربي.

aze (3)

انطلقت يوم 27 دجنبر  عبر القطار من المدينة التي أدرس بها الطب وتدعى “تشيبوسكاري”  Tsheboksaryوقضيت أزيد من 13 ساعة عبر القطار  وصولا إلى مدينة موسكو ، ومنها أخذنا الطائرة في رحلة جوية لنحط الرحال بمدينة “سالخارد” التي تتواجد وسط سيبيريا، والتي لا تتعدى ساكنتها 9000 نسمة.

وبمجرد نزولي بالمطار كانت درجات البرد تشير إلى أقل من 30 درجة، وتوجهت رفقة العائلة الروسية التي استضافتني إلى أدغال سيبيريا عبر سيارة رباعية الدفع لننهي مسيرتنا بعد أن تعذر مرور السيارة بعربة يجرها حيوان “الأيل”، وبدأت درجات الحرارة تسجل انخفاضا لم أشهد له مثيل.

ووقفنا أمام خيمة لإحدى العائلات من قبيلة Khanti ودرجة الحرارة سجلت في هاتفي المحمول ناقص 60 درجة، وأول ما لاحظته في هذه القبيلة كرم الضيافة وابتعادهم عن التكنولوجيا فهنا لاكهرباء ولا هاتف ولا تلفاز ولا قنوات فضائية.

استقبلوني بالشاي الساخن الذي يقدم لديهم في “جبانيات”، ولاحظت أن هذا المشروب له دلالة كبيرة في ثقافة شعب الايسكيمو فهم لا يتوانون عن ملء هذه الجبانيات، وتجاذبت معهم أطراف الحديث، ووقفت على ثقافة رائعة مليئة بالإثارة حاولت نقلها عبر العشرات من الصور بصفحة “المغاربة لي ساكنين في روسيا” على الفايسبوك، والتي تلعب اليوم دورا مهما في تقريب مغاربة روسيا بأهاليهم ويسهر عليها طاقم شاب أغلبهم طلبة.

إدريس بنسارية في سيبيريا

“الايسكيمو ” يطبقون نظام المناصفة داخل خيامهم

من أغرب ماحكاه إذريس هو تطبيق نظام المناصفة داخل الخيمات التي تؤم عائلات الايسكيمو، يقول في هذا الصدد: “دخلت الخيمة التي يطلقون عليها اسم Tshom ولاتتعدى مساحتها 9 أمتار مربعة، تساءلت كيف يمكن لعائلة تتكون من زوجين وثلاثة أبناء أن يعيشوا كلهم هنا، ويستقبلوا ضيفا عندهم؟

كل تلك الأسئلة حاولت أن أجد لها جوابا من خلال حديث جانبي مع أفراد الأسرة، وفعلا وجدت الجواب. حكى لي رب الأسرة أشياء غريبة ولكنها مثيرة، فالخيمة تقسم إلى قسمين الأول خاص بالمرأة وتبدأ حدوده من باب الخيمة  إلى منتصفها حيث تتواجد آلة التدفئة ومائدة، والنصف الآخر الداخلي خاص بالرجل وتبقى جنباتها خاصة بالأطفال.

وتقوم المرأة بإعداد الطعام في النصف الخاص بها حيث يتواجد المطبخ، ويتم وضعه في وسط الخيمة وتجلس المرأة في نصفها والرجل في نصفه، وفي الليل تنتقل المرأة لتنام بجانب زوجها. ولدى شهب الايسكيمو ثقافة وعادات يحترمونها كثيرا، فالمرأة هي أول من يستيقظ، وتقوم بإعداد الفطور.

وينطلق الزوج إلى عمله الذي لا يتعدى صيد الحيوانات، وخاصة الأيل الذي يعد الأكلة الرسمية لشعب الايسكيمو والحيوانات المفترسة بما فيها الدب القطبي والذئاب التي يستعمل وبرها لصنع الملابس، وقد ينطلق الزوج لرحلة صيد نوع من الأسماك تدعى بالروسية Mokson، ويفضلون تناول هذه اللحوم خضراء دون طهيها وربما أكلها والدم يتقطر منها، بحيث يبقى قلب الأيل من أحسن الأكلات لديهم.

زرت مناطق في سيبيريا ظننت أنني لن أعود منها

تحدث إدريس عن المنطقة التي زارها قائلا: “زرت مناطق ظننت أنني لن أعود منها، فالجو هنا لا يوحي بالحياة، اليوم قصير جدا بحيث تشرق الشمس على الساعة التاسعة والنصف صباحا وتغرب في الواحدة بعد الزوال، انطلقنا في يوم عيد الميلاد في الأدغال المحيطة بالخيام المنتشرة بالمنطقة ودخلتا بين أشجار من صنف IVA، واستعملنا عربات تجرها حيوانات “الأيل” وتدعى Narta.

ومن عادة هذا الشعب الانطلاق بثلاث عربات تخصص الأولى والثانية لنقل الأشخاص، والثالثة لنقل المؤونة، ويتم وضع وبر الحيوانات فوقها. انطلقنا نحو المجهول في دنيا كلها بياض، استعنا بلباس يدعى Malitsa وحذاء kissi  المصنوع من وبر الحيوانات. هنا لا مكان للدجينز أو القمصان، فاللباس كله مصنوع من وبر الحيوانات التي يقوم الاهالي باصطيادها.

إدريس بنسارية في سيبيريا

شعب الايسكيمو يحتفل برأس السنة واقفا

“من ضمن أهم ما استرعى انتباهي، فبحلول الثانية عشرة ليلا من فاتح يناير 2015 وقف كل أفراد الأسرة إحتراما لبوتين الرئيس الروسي الذي يلقي خطابا في التلفزة بالمناسبة، ويحي من خلاله الشعب ويهنئه بحلول السنة الميلادية الجديدة، بعدها تنطلق الاحتفالات التي تكون عبارة عن القيام ببعض الطقوس المتعلقة باللعب فوق الثلوج وصنع مجسمات بها، ثم إعداد وجبة عشاء تكون مكونة أساسا من طعام الأيل النيء”.

اعشق المغرب وأخصص عطلتي للتطوع في المستشفى

بالرغم من بعده عن المغرب بآلاف الكلمترات إلا أن إدريس لم يخف عشقه الكبير لبلده المغرب. ففي العطلة الصيفية التي يحضر فيها إدريس إلى المغرب يقول إنه في الوقت الذي يفضل الكثير من أصدقائه قضاءها بالمنتجعات البحرية والسياحية، إلا انه يقضيها بمستشفى مدينة الناظور، حيث عمل متطوعا بالقسم المخصص لطب الأسنان.

وأوضح قائلا: “أعمل بجانب الطاقم الطبي طيلة العطلة، فحين أعمل في هذا القسم أحس بارتياح كبير وأنا أقدم خدمة لبلدي وللمرضى. كنت في السنوات الأولى أقوم فقط بتقديم بعض العلاجات الأولية للمرضى واليوم بفضل دراستي ووصولي للسنة الرابعة، فقد أصبحت أُجري جميع الاسعافات المتعلقة بالأسنان، بما فيها العلاج والقلع والجراحة والتنظيف، وهذا أقل ما يمكن أن أقدمه لبلدي ولأهل بلدتي الناظور”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *