المشهد الأول

عندما تحولت جل الأحزاب إلى نواد ودكاكين موسمية

أثبتت الحملة الأخيرة للتسجيل في اللوائح الإنتخابية عن ضعف شديد اعترى جسم أغلب الأحزاب المغربية، إذ لم تقم هذه المؤسسات بأدوارها الدستورية في تأطير المواطنين وتوجيههم للانخراط الواعي في عملية التسجيل في اللوائح الإنتخابية نظرا لأهمية هذه المحطة في مسلسل الاستحقاقات الانتخابية القادمة، وقامت هذه الأحزاب التي تحصل على تمويلات هامة من خزينة الدولة بلعب دور المتفرج، واكتفت بذلك باعتناق ثقافة تواكلية مبنية على قاعدة «كم حاجة قضيناها بتركها».

وبالرغم من التحركات الملحوظة في مجال تسجيل المواطنين التي قامت بها شبيبة البيجيدي مع نوع من الاستعراض الدعائي والانتخابوي، فإن غالبية الأحزاب لم تتجشم عناء التواصل المباشر الميداني مع المواطنين، بل انخرط أغلب أعضائها في حلقيات مغلقة بالصالونات لنقاش كيفية توزيع كعكة المجالس المنتخبة في أفق الاستحقاقات القادمة، لتبين في الأخير أن هذه الأحزاب قد تحولت بالنسبة لبعض قياداتها وأعضائها إلى أصول تجارية ومجال للريع السياسي لاأقل ولاأكثر.

إن ظاهرة تحويل الأحزاب إلى نواد مغلقة ودكاكين موسمية لاتفتح مقراتها سوى خلال الانتخابات ينم على أن المشهد الحزبي المغربي يعاني من أمراض مزمنة وعصية على الشفاء، وهي ذات الأمراض التي دفعت وتدفع السواد الأعظم من المواطنين إلى الكفر بالعملية السياسية والحزبية بالمغرب، وهو الشيء أيضا الذي يدفع سواء إلى العزوف عن الشأن السياسي والحزبي أو النزوح نحو أشكال تطرفية للتعبير عن المواقف وتصريفها، وهي كلها ظواهر خطيرة لها انعكاسات سلبية على المجتمع، وهذا مايدفع إلى الاعتقاد بكون الأحزاب أصبحت مسؤولة عن عدد من المظاهر التطرفية وعن غياب المشاركة السياسية والعزوف الحزبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *