المشهد الأول

فاجعة طانطان تضع تهريب البنزين في دائرة الضوء

كشفت فاجعة منطقة واد الشبيكة بإقليم طانطان، والتي ذهب ضحيتها 34 شخصا أغلبهم أطفال صغار، مرة أخرى عن تغول ظاهرة تهريب المحروقات من الأقاليم الجنوبية، فالحديث الإعلامي عن هذه الظاهرة، التي تنخر الاقتصاد الوطني المنهوك أصلا، لم يدخل في باب السبق الصحفي، أوفي إطار تسليط الأضواء على ظاهرة طارئة ودخيلة، فمنظر السيارات والحافلات وهي تنقل المواد النفطية من الأقاليم الجنوبية إلى الشمال أصبح مألوفا ومعتادا سواء بالنسبة للساكنة، أو بالنسبة للمسؤولين الإداريين والأمنيين والجمركيين، والذين لا يستطيعون وضع حد لهذه الظاهرة، التي تحولت إلى ريع سياسي واقتصادي يستفيد منه أشخاص معروفون، راكموا ثروات كبيرة بفضل هذا النشاط غير القانوني.

ويطرح عدم تطبيق القانون في هذا السياق أسئلة مقلقة جدا بخصوص هذه الازدواجية غير المبررة، كما أن تكريس ثقافة الريع والمهادنة معها يسائل أيضا المشروع التنموي الذي يراد تنفيذه بالأقاليم الصحراوية والقائم بحسب مهندسيه على المساواة وحرية المبادرة.

ورغم أن محمد السادس قد أمر بوقف كل المظاهر والسلوكيات المرتبطة باقتصاد الريع والامتيازات حين قال في خطاب ملكي: «…صحيح أن نمط التدبير بالصحراء، عرف بعض الاختلالات، جعلتها، مع توالي السنوات، مجالا لاقتصاد الريع وللامتيازات المجانية، وهو ما أدى إلى حالة من الاستياء لدى البعض، وتزايد الشعور بالغبن والإقصاء، لدى فئات من المواطنين.

إننا نعرف جيدا أن هناك من يخدم الوطن، بكل غيرة وصدق. كما أن هناك من يريد وضع الوطن في خدمة مصالحه. هؤلاء الذين جعلوا من الابتزاز مذهبا راسخا، ومن الريع والامتيازات حقا ثابتا، ومن المتاجرة بالقضية الوطنية، مطية لتحقيق مصالح ذاتية… كما نعرف أن هناك من يضعون رجلا في الوطن، إذا استفادوا من خيراته، ورجلا مع أعدائه إذا لم يستفيدوا..».

وأضاف الملك قائلا في ذات السياق: «هنا أقول : كفى من سياسة الريع والامتيازات. وكفى من الاسترزاق بالوطن».

لكن وبالرغم من ذلك، يبدو أن دار لقمان مازالت على حالها في انتظار تدخل حازم يطيح برموز الفساد وأباطرة الريع بالصحراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *