آراء

الصّحراء .. والمُهرْوِلُون الجُدد

كفاءات من أجل الصحراء،حكومات موازية،أمازيغ الصحراء….وهلُم تنظيمات إفتراضية تعج بها الشبكة العنكبوتية،تسلل القليل منها إلى صالونات نقاش نخبوي والبعض الأخر مايزال يبحث عن موطأ قدم تحت شمس صحراء ملتهبة، وبينهما من يلعب على كل الحبال ويرقص على رمال الصحراء نشذانا للحظوة والتقرب من صانعي القرار “ديال بالصح” وليس فقط الموازي و”الإستئناسي”.

جميل جدا أن يتم إغناء الساحة الحقوقية والجمعوية بتنظيمات مدنية تُؤسس لثقافة الرقابة الشعبية للسياسات العمومية ولمُساءلة الإختيَارات الرّسمية للحاكمين، ولكن أن يتم خلق هكذا هياكل تتماهى مع السياسات الحكومية فالأمر يتعلق بتنظيم يبحث لنفسه عن نصيبه في الكعكعة وليس إقتراح بدائل للترافع على أعدل القضايا والعمل من أجل تنزيل تلك الإقتراحات بالوسائل المتعارف عليها جمعويا.

أمازيغ الصحراء يختزلون مُبررات وجُودهم في المُطالبة بإشراكهم في مُفاوضات “مانهاست”،بينما التّراكم الذي راكمته هذه المفاوضات ومن هندس لها،يسائل جدوى هذه المفاوضات أصـــلا،التي ينتظر الشعب المغربي تقديم حصيلتها ولو من باب أن قضية الصحراء قضية كل الشعب المغربي من تندوف السليبة إلى السعيدية المحررة.

حكومة الشباب للشؤون الصحرواية الموازية،تهدف بحسب إحدى بلاغاتها،إلى “المساهمة إلى جانب الهيئات الاستشارية والتشريعية المنتخبة والسلطات في خلق سياسة شبابية مندمجة تنتقل من الاهتمام على مستوى الخطابات السياسية إلى الواقع”.

لكن لم تستطيع أن يصاحب ميلادها إعلان أرضية تؤطر عمل “الحكومة الموازية للشؤون الصحراوية” وإعلان صريح مواقفها من السياسات العمومية الممنهجة في الأقاليم الصحراوية التي قوامها،طبعا،الريع والفساد والتملص من الواجبات الوطنية ولوبيات فساد مافيوزية تغتني على حساب ملايير رصدت لتنمية الصحراء….تلك التنمية المفترى عليها.

كما أن هذه تشكيل هذه الحكومة لم يكون تتويجا نوعيا لتراكمات بناءة،بل هيئة فوقية هيمن على نقاشاتها هاجس “القيادة” أكثر من حسم مجموعة من النقط الجوهرية في مثل هذه التنظيمات بدليل أنها لاتتوفر على تصور مكتوب بخصوص مهامها الأنية والإستراتيجية،بل أكثر من ذلك شكلت جهازا تنفيديا “الحكومة” قبل تشكيل “البرلمان” الذي يفترض أنه هو أعلى هيئة تقريرية تناط به مهمة تشكيل الحكومة/السلطة التنفيذية وليس العكس.

إن شباب الصحراء في حاجة إلى منظمات النضال من أجل تحقيق ديمقراطية شاملة،لأن هذه الأخيرة هي البديل الحتمي للأزمة البنيوية التي يئن تحت وطأتها كل المغاربة بل أن غيابها من بين أسباب عرقلة حسم ملف الوحدة الترابية وحتى أولئك الذين يطبلون ل”الحكم الذاتي” سيصطدمون بواقع أن لاحكم ذاتي في ظل نظام سياسي مطلق يؤطره دستور ممنوح يكرس للإستبداد بالسلطة والحكم…وهذا موضوع أخر.

إن الشباب الصحراوي مُطالب بمبادرات لتوحيد نضالاته العادلة والمشروعة، وتأطير عفوية نساء وشباب يبتلعهم “غـــول الإنفصال” والعمل من أجل صحراء العدالة الإجتماعية بين أبنائها ،مهما كان أصلهم العائلي ومرتبهم القبلي، والمساواة في الولوج إلى الخدمات العمومية والمناصب الوظيفية، ومن أجل كرامة عامة المواطنين.

إن تنظيما بهذه المواصفات هو ما يمكن أن نسميه “هيئة ترافعية” حقيقية عن قضايا الصحراء وشبابها وعامة أبنائها،في سبيل ربح رهان الوحدة الترابية ووطن الديمقراطية وأداة لتمكين الشباب من الآليات الضرورية التي تخول له اكتساب تجارب ومهارات لفهم السياسات العمومية وتتبعها وتقييمها ومساءلتها….و ما دون ذلك رهانات خاسرة لــ”المهرولون الجدد”.

* رئيس تحرير موقع الجمهور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *