آراء

عندما تخاف مناضلة الاتحاد الاشتراكي

علي بادي
علي بادي

“حزب الاتحاد الاشتراكي هو حزب سياسي مغربي، يعتبر من أكبر الأحزاب اليسارية. تأسس رسميا سنة 1975م، يشارك في البرلمان والجماعات المحلية بالمغرب”. تعريف مدرسي مختصر يصلح ليقدم كملخص لأحد دروس التربية على المواطنة لتلامذة المرحلة الابتدائية بمدارسنا العمومية.

لكن حزب القوات الشعبية عند مناضليه ومناضلاته ،وحسب أقوالهم وقناعاتهم، هو حزب وطني نشأ وترعرع في ظل تنظيمات وقيادات الحركة الوطنية التي كان لها دور مهم في استقلال المغرب. وهو حزب يساري يتبنى الاشتراكية العلمية – كما حددها التقرير الإيديولوجي للحزب في المؤتمر الأول – كمذهب إيديولوجي لأدائه السياسي.

وهو حزب ديمقراطي يعتمد الآليات الديمقراطية في مؤسساته الداخلية لاتخاذ القرارات الحاسمة، و ينهجها أسلوبا في تدبير خلافاته مع باقي الأطراف والأحزاب السياسية في تسيير الشأن العام للبلاد.

ثم هو حزب حداثي يهدف إلى إشاعة قيم الحداثة والتطور والعصرنة في المجتمع، ويقطع مع الأساليب والأفكار الرجعية الماضوية التقليدية، وصولا إلى إنشاء المجتمع الحداثي المرتكز على مبادئ وقيم العقلانية والمعرفة والعلم.

لكنه عندما تخاف مناضلة بارزة في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من طرح سؤال على قيادي في حزبها، بخصوص تصريح له حول فكرة لم تستسغها هي، حيث قالت: أنني أخاف من أن أطرح سؤال على عضو المكتب السياسي حول قوله “بأننا كلنا سلفيون” فهذا أمر يستحق الكثير من الوقوف والتأمل والمساءلة.

عندما تخاف مناضلة الاتحاد الاشتراكي من طرح سؤالها، فهذا يدل على ضعف مستوى الجرأة الأدبية والسياسية لدى مناضلي أحزابنا بخصوص طرح إشكالاتهم وتساؤلاتهم حول واقعنا السياسي والحزبي، وبالتالي محدودية القدرة على مصارحة ذواتنا – أفرادا وتنظيمات – وتوصيف الواقع لتشخيصه وإيجاد الحلول والبدائل لأزمات المجتمع المغربي ونخبه السياسية، الراهنة والمستقبلية وفي كل المجالات والمستويات.

عندما تخاف مناضلة الاتحاد الاشتراكي من طرح سؤالها، فهذا يؤشر على مدى الخوف من الحقيقة، كيفما كانت هذه الحقيقة، التي يزعم الجميع أنه يبحث عنها ويسعى لتحصيلها وإثباتها وتثبيتها، ثم امتلاكها إن لم نقل احتكارها، حيث تتبادل التهم بذلك بين الأطراف المختلفة.

عندما تخاف مناضلة الاتحاد الاشتراكي من طرح سؤالها فإن ذلك يعني أن قيم الحوار والتواصل والنقد مغيبة في نقاشات وفضاءات تنظيماتنا الحزبية، وأنه ليس من العيب أن نقر بذلك، ونعمل جميعا ولفترات طويلة في المستقبل على التأسيس لتلك المبادئ وإشاعتها في علاقاتنا وحواراتنا وداخل هيئاتنا.

عندما تخاف مناضلة الاتحاد الاشتراكي من طرح سؤالها في مدينة هادئة وديعة، مسالم أهلها، وأكثر من ذلك تعتبر هذه المدينة إحدى “القلاع الحصينة لحزب القوات الشعبية” فإنما يعكس ذلك أن محيطنا وفضاءاتنا ممتلئة بالخوف ومسكونة بالرعب من الذات، ومن الآخر، ومن الحقيقة التي مازال البعض يخشى البوح والتصريح بها جهارا على الملأ.

بقي أن أشير أن مناسبة هذا الكلام هو الندوة التي نظمتها الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي حول موضوع الدين والسياسة بفضاء الجامعة الدولية الخاصة بمدينة أكادير، وشارك فيها أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب إلى جانب الأستاذ عبد الوهاب رفيقي أبوحفص وباحثين جامعيين، ليلة الأحد 5 يوليوز2015.

وجدير بالذكر كذلك التأكيد على أن المناضلة الخائفة من سؤالها، هي مناضلة بارزة بالحزب، وتنتمي له بقوة القانون وحق الوراثة باعتبارها بنت أحد المناضلين القدماء لنفس الحزب. ومهم كذلك القول إن هذه المناضلة قد عبرت عن اعتزازها بالانتماء للحزب، قبل أن تتحدث عن خوفها من طرح سؤالها على قيادي حزبها.

أيها السادة لا تلوموني إن نقلت لكم مشهد الخوف هذا، وإنما تعالوا جميعا لنبدد هذه التخوفات، أو على الأقل بعضها، حتى لا تلاحق أحدا بعد اليوم، عندما يريد أن يهم بطرح سؤال داخل تنظيمه أو خارجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *