متابعات

حكام الجزائر المتآمرون على المغرب يوزعون تهم المؤامرة

مقال رأي:

كشفت أحداث غرداية الدامية بالجزائر، إلى جانب التردي الاجتماعي وتفشي الأزمة، أن نظرية المؤامرة تسكن عقول حكام الجزائر، حيث عبر أكثر من مسؤول جزائري أن هناك أيادي مغربية في هذه الأحداث، وهي الأسطوانة المتكررة التي يلجأ إليها حكام قصر المرادية كلما اشتد حبل الغضب الشعبي حول أعناقهم. لقد أبانت تصريحات هؤلاء المسؤولين أن مرضا مزمنا يسكنهم اسمه المغرب، وهي حالة مرضية مرتبطة في الأساس بعقدة النقص.

إن نزوح المسؤولين الجزائريين إلى اتهام المغرب بتحريك أحداث غرداية، هو اعتراف ضمني بما يمارسونه وهم يتعاملون مع القضايا الإقليمية القريبة منهم، فنظرية المؤامرة التي فسروا بها ما وقع بغرداية من أحداث دامية، تفسر أيضا مواقف وتدخلات هؤلاء الحكام بخصوص قضية الصحراء، فمن يتبنى مقاربة المؤامرة رسميا إنما هو من يعتنقها كمبدأ وممارسة.

فحسب التصريحات العلنية لمسؤولين جزائريين رسميين، فإن الأحداث المأساوية التي وقعت بهذه المنطقة الواقعة جنوب الجزائر، تم تدبيرها بالخارج من طرف أجهزة استخباراتية تابعة للعديد من البلدان، وخاصة أجهزة البلد الجار في الغرب.

وهكذا يتبين أنه كلما واجهت البلاد كارثة وطنية، إلا وتجندت أبواق النظام الجزائري لتردد بطريقة تكاد تكون لا واعية نفس الخطاب الحقود حول مؤامرة تم تدبيرها وحياكتها من طرف أياد أجنبية وقد فضحت الأحداث المأساوية الأخيرة التي شهدتها غرداية مدى اتساع نطاق غرور حكام الجزائر الذين دربوا المتحدثين باسمهم ووسائل الإعلام على الإذعان لأوامر بث هذا الخطاب التحريضي على أمل تحويل النقاش نحو عدو خارجي غير أن واقع الأمر يتعلق بيأس شعب بأكمله وضدا على أي منطق، وعكس جميع المعطيات الموضوعية التي تندر بانفجار الاوضاع في غرداية، فإن النظام أصر على ترديد لازمة “اليد الخارجية” الشهيرة والتي يراد من خلالها إخفاء لامبالاة وعجز النظام وأتباعه الذين يقودون البلاد نحو الهاوية من خلال إصرارهم على عدم مواكبة الحقائق الجيو إستراتيجية الجديدة والتحولات التي يشهدها محيطهم والعالم من حولهم.

عموما ومنذ 1974 كانت مواقف النظام الجزائري ثابتة في مناهضة شرعية مغربية الصحراء، وقد ظهر ذلك من خلال مواقف قادة قصر المرادية الذين كرسوا سياسة العداء والمناورة، لا لشيء سوى غيرتهم وحسدهم من بلد جار يشق طريق التنمية والنمو بثبات وراء ملك شاب شغله الشاغل هو خدمة بلده.

وقد ازداد غيض الجزائر ضد المغرب وتصعيد موقفه إزاء قضية الصحراء خاصة خلال الخمس سنوات الأخيرة، حيث أقدمت على اقتراح تقسيم الصحراء على المبعوث الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة جيمس بيكر، وذلك لصرف النظر عن الاتفاق /الإطار الذي لقي قبولا واسعا في الأمم المتحدة ولدى الاتحاد الأوربي، في المقابل نجد الجزائر تدعي في وسائل الإعلام أن لا ناقة لها ولا جمل في قضية الصحراء.

إن إبقاء ملف الصحراء المغربية مفتوحا يشكل هدفا في حد ذاته بالنسبة للجزائر، ويصاحب ذلك التطلع إلى أن يتم بواسطة المراودة الحثيثة في إحداث ثغرة في الموقف الأمريكي مع مضاعفة الجهود لكسب مزيد من التأييد للأطروحة الجزائرية في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي حالة واحدة يمكن أن تشعر الجزائر بأنها مجبرة على التفاوض، وهي الشعور بأنها تتضرر من عدم مسايرة منطق التعاون وحسن الجوار في نطاق اتحاد المغرب العربي، وقد رأينا أنها لا تقيم وزنا لمثل هذا الخطاب، بل إن طمعها في ممارسة الزعامة في المنطقة لم يخب، وهي تزداد تمسكا بمراهناتها في هذا الصدد، على إيقاع ريع النفط الذي يؤجج لديها الركون باقتناع إلى مخططها القائم على النفس الطويل، والاقتناع بأن الآخر محكوم عليه بالتنازل والرضوخ إلى ضغوط قاهرة.

ويمكن القول إنه ومنذ أن أعلن المغرب عن إرادته في استرجاع الصحراء المغربية الموجودة تحت الاحتلال الإسباني واجه معارضة ليس فقط من إسبانيا- الدولة المحتلة- ولكن أيضا من طرف موريتانيا والتي اعتبرها القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 شتنبر 1966 طرفا معنيا بتصفية الاستعمار في المنطقة إلى جانب المغرب، وعلاوة على ذلك فقد برزت تدريجيا معارضة الجزائر والتي اعتبرت دائما نفسها مهتمة بما يجري في المنطقة، وبسبب غياب مطالب ترابية مباشرة لها، فإن الجزائر ستتحرك عبر صنيعتها وتابعتها البوليساريو.

أو لم يقل الرئيس الجزائري الراحل الهواري بومدين بخبث: سأترك للمغرب حصى في حذائه وهو يتحدث عن البوليساريو، أو ليس بوتفليقة وأعمدة نظامه من سلالة بومدين التي تنظر إلى المغرب بعقدة للنقص وتعمل بحماس لعرقلة مشروعه التنموي الكبير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *