آخر ساعة

محمد عبد العزيز .. الفضائح والانتفاضة

مقال رأي:

أخيرا ظهر الحق وانكشف عنه الغطاء، وانكشف معه النصب والاحتيال  والاختلاس المستدام، الذي تورط فيه النظام الجزائري وقيادة عصابة “البوليساريو ” منذ مؤامرة تأسيسها. عبر نتائج التحقيق التي كشف عنها  “الإتحاد الأوروبي” في سابقة من نوعها، والتي وجه  على إثرها اتهاما صريحا للجزائر و”البوليساريو”، بالتورط في عملية نصب واستغلال منظم، عبر التلاعب  بمساعدات الأمم المتحدة، الموجهة لساكنة مخيمات تندوف.. استعانة بتقرير تحقيق أجراه مكتب محاربة الغش، يؤكد تورطهما في المتاجرة بالمساعدات الإنسانية التي كانت تبعثها “الأمم المتحدة” وبعض المنظمات، في إطار مهمتها في تامين مستلزمات الحياة، من أجل التخفيف من محن ساكنة “تندوف” الممثلة ب”جبهة البوليساريو”.

وأعلنت “كريستالينا جيورجيفا”، “مفوضة الاتحاد الأوروبي في الميزانية”، حين أكدت في جلسة للبرلمان الأوروبي، على أن جزءًا مهما من المساعدات الإنسانية التي يبعثها “الاتحاد الأوروبي” لسكان مخيمات “تندوف”، يتم استغلالها من قبل السلطات الجزائرية التي تتاجر فيها..بالتواطؤ مع قيادة “البوليساريو”، و أنها كانت على علم بهذا الاختلاس الكبير منذ سنوات، بعد تحقيق استغرق 4 سنوات، أجرته ما بين سنة 2003 و 2007، صاغته في تقرير تم التكتم عليه لمدة 7 سنوات كاملة، حيث قالت بالحرف:”قمت بتحقيق من 2003 إلى غاية 2007، وتبين لي أن هذه المساعدات لا تصل إلى أصحابها”.

ووجهت “اكريستينا” اللوم ل”الإتحاد الأوروبي”، للاستمرار في إرسال المساعدات الإنسانية نحو “تندوف”، والتي تبلغ قيمتها  10 مليون “يورو”، أي ما يعادل 100  مليون  درهم مغربيّة، على الرغم من علمه بكونها تستغل من طرف الجزائر، ولا تصل إلى من تستهدفهم.. وأكدت أنها تتوفر على أسماء الأشخاص الذين يتاجرون بالمساعدات الإنسانية وسط الجزائر، بعد أن يقومون بالاستيلاء عليها عندما يتم تفريغها في ميناء مدينة “وهران”.. هناك يقومون بالاستيلاء على جزء لبيعه، بينما جزء بسيط هو الذي يتم توجيهه إلى مخيمات “تندوف”.

وأضافت أن المستغلين يلجئون إلى حيل كثيرة، منها استبدال القمح الكندي المعروف بجودته، ليتم بيعه في “مشراية” الجزائرية، و”نواديبو” في “موريتانيا”، وأسواق “مالي” و”النيجر”، على الرغم من أنه لا ينبغي أن يتاجر به، ليعوض بقمح رديئ الجودة  وأرخص ثمنا، ومن ثم يتم توجيهه بكمية ضئيلة إلى المخيمات. أيضا حيلة تضخيم عدد ساكنة المخيمات، وتجلت في رفض مستمر ل”الجزائر” و”البوليساريو” قيام الاتحاد الأوروبي بعملية إحصاء تطال ساكنة مخيمات “تندوف”، مما يفسر رغبة “الجزائر” و”البوليساريو” في تقديم أرقام غير صحيحة، تساهم في الرفع من حجم المساعدات، وبالتالي الحصول على قيمة أكثر لمساعدات أكبر. ناهيك عن منتجات مزارع الدواجن التي تم تشييدها في المخيمات بأموال أوروبية، لا يستفيد من منتجاتها سكان المخيمات، وإنما يتم بيعها في “الجزائر”.

الانتقاد والاتهام الصريح الذي وجهه الإتحاد الأوروبي للجزائر، دليل قاطع أن تمت ملفات كثيرة وكبيرة، لازالت عالقة وتنتظر دورها للظهور، تتعلق بجرائم النظام الجزائري وتواطؤ القيادة الدمية ل”البوليساريو” في حق الأهالي الصحراويين بمخيمات “تندوف”. ومن الواضح أيضا أن قرار الكشف عن هذا الملف في الوقت الراهن بالضبط لم يكن عبثا، بل يجب الوقوف عنده وقفة تأمل، ستطرح خلالها فرضيات مؤكد أنها صحيحة جميعها، وتعد أسبابا واقعية وموضوعية، نظرا لطبيعة سلوك النظام الجزائري في تجميد ملفات فساده وجرائمه لدى الأمم المتحدة، أيضا بعض الهيئات المأجورة، المنضوية تحت لواء “الأمم المتحدة”، التي ربما انقطع عنها البترودولار الجزائري الذي كان وقودا يحرك عربة الفساد والتكتم عن الحقيقة وتجميد ملفات منها:

قمع صوت الشعب الجزائري، واغتصاب الديمقراطية بالانقلاب على إرادته في انتخابات الرئاسة.

ارتكاب في حقه المجازر الدامية التي لم ولن ينساها الجزائريون، حيث قتل منهم 200 ألف جزائري وعذب واختطف الملايين، غدرا وانتقاما لا لسبب سوى لان الشعب كان يريد اختيار حكم التنظيم الإسلامي المعتدل “الجبهة الإسلامية للإنقاذ”

خلق النظام واستغلال مجموعات إرهابية مسلحة ، أغلب أفرادها من المخابرات الجزائرية والجيش الجزائري، والتي أحدثت مجازر في حق المواطنين الجزائريين.

ثروات الجزائر من البترول والغاز، التي تنهب منذ استقلالها، وتهرب بمليارات الدولارات إلى الخارج في حين يعيش الشعب الفقر المدقع، الشاهدة عليها ملفات قضايا نهب ورشاوى أثارتها هيئات قضائية أوروبية منذ سنوات.

احتجاز وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في حق الصحراويين بمخيمات “تندوف”، بالتواطؤ مع صنيعتها “البوليساريو”.

إنتاج وتهريب العقاقير المهلوسة، التي تستعملها كسلاح حرب ضد الدول المجاورة بقتل أبنائها وتخريب عقولهم.

كل هذه الملفات وملفات أخرى لم نفصح عنها، بدأ الكشف عنها مع انهيار أسعار النفط، والأزمة المالية الخانقة التي أضحى يعانيها صندوق دعم الفساد في النظام الجزائري بقيادة كل من الجنرال” توفيق” و”بوتفليقة”.

       ومن اجل هدا كله و استنادا إلى معلومات متداولة على نطاق واسع نشرت في نهاية أشغال اجتماع ما يسمى “الأمانة الوطنية” لجماعة البوليساريو، المسيرة من طرف الجزائريين، مؤخرا، حيث عبر محمد عبدالعزيز المراكشي رئيس هذه الجماعة وهو في نفس الوقت رئيس الجمهورية الوهمية عن تخليه عن الرئاسة، داعيا إلى انتخاب أمين عام بديل عنه، وإلى اختيار قيادة جديدة تتولى توجيه الجماعة الانفصالية، بينما قرار التنحي، وإن شكل سابقة، إلى أن المطالبين بالتغيير والحقوق رأوا فيه مناورة جزائرية تروم امتصاص غضب ساكنة المخيمات. ويبدو أن الجزائر تعتزم الاستغناء عن خدماته، واحتمال تغييره بشخص أكثر ثقة منه ومن المرجح أن يتم اختيار، العسكري الجزائري البوهالي لمين الذي يعتبر المسير الفعلي لجماعة البوليساريو.

ويرجع هذا التغيير المفترض إلى كون المشروع الانفصالي الذي خلقته ورعته الجزائر نفسها قد فشل أمام قوة شرعية ومشروعية مغربية الصحراء، وترجع هذه الخطوة أيضا للظهور الواضح لبوادر انتفاضات أجنحة من جماعة البوليساريو داخل المخيمات منها من تؤيد الحكم الذاتي للصحراء في إطار السيادة والوحدة المغربيتين، ومنها من تطالب بحق لجوء كما تنص عليه المواثيق الدولية والتي حرمتها منه الجزائر منذ 40 سنة، كحق العمل والتعبير والتنقل والإحصاء وغيرها، ومنها من تنادي بشن الحرب على المغرب وتكثيف العمليات الإرهابية ضده وأقواها هي شباب التغير الذي خرج إلى العلن ونادى ورفع شعارات مناوئة للقيادة الحالية.

وستضطر الجزائر في أخر المطاف إلى الرضوخ لضغوطات المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة بتأييد الحكم الذاتي بالصحراء المغربية ومنح ساكنة المخيمات حقوقها الإنسانية الأساسية، والنتيجة ستكون حتما إفراغ المخيمات من الساكنة عبر العودة إلى المغرب أو الذهاب إلى الخارج، وبالتالي ستسقط ورقة ساكنة مخيمات احتجزتها الجزائر ورفضت إحصائها منذ أربعين سنة، والتي كانت تستعملها في نزاعها مع المغرب على المستوى الإقليمي والقاري والعالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *