متابعات | هام

المغرب: قرار المحكمة الأوروبية حول التبادل الفلاحي منحاز ومسيس

جاء الرد الحاسم والحكيم للاتحاد الأوروبي، شريك المغرب، سريعا على القرار المتحيز الذي أصدرته المحكمة الأوروبية، أمس الخميس بلوكسمبورغ، والذي قرر إلغاء توسيع الاتفاقية بين المغرب والاتحاد الأوروبي في المجال الفلاحي الموقع في 2012.

وأكدت فيديريكا موغريني المسؤولة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالسياسة الخارجية والأمن، اليوم الجمعة، أن المغرب والاتحاد الأوروبي تجمعهما شراكة واسعة، قوية ومتجذرة في إطار الوضع المتقدم الذي تستفيد منه المملكة “.

وشدد الاتحاد الأوروبي الذي سيستأنف هذا القرار القائم على حجج سياسية مغلوطة، على أن لا شيء يمكن أن يقوض الاتفاقيات مع المغرب، مشددا التزامه اتجاه المملكة، التي تعد “شريكا أساسيا في الجوار الجنوبي”.

ومن خلال موقفه هذا، يكون الاتحاد الأوروبي قد اختار طريق الحكمة والحق والقانون، وعيا منه بأن المغرب يتصرف بشكل قانوني فوق أراضيه، وفي احترام لالتزاماته الدولية.

فالمحكمة الأوروبية، والتي تتألف من سويدي ويوناني وبلغارية من الواضح أنه تم تسخيرهم من خلال دفاعهم المستميت عن الأطروحة الانفصالية، أدخلت نفسها في اعتبارات لا أساس لها من الصحة وتأويلات تمس باستقلالية القضاء واتخاذ المواقف السياسية. النتيجة كانت اتخاذ قرار ملغوم ومخالف للحقائق، يشكل سابقة قضائية لا أساس لها.

وفي رأي ستيفان رودريغز، المحامي ببروكسل والمتخصص في القانون الأوروبي، فإن المحكمة تجاوزت الحدود في تأويلاتها وخلاصاتها.

فبخصوص قبول الدعوى، أكد أن المحكمة أعطت لنفسها الحق في الحديث باسم المملكة المغربية في العديد من نقط القرار، كما أقدمت على تفسير موقف لم يتم إثارته خلال مسطرة الحكم.

وقال ” أمر الغريب أن تقوم محكمة بالحديث باسم طرف دون أن تستمع إلى موقفه ” خاصة أن إسم المغرب ورد 178 مرة في هذا القرار.

وعلى مستوى الموضوع، إن قراءة في هذا القرار الذي تمت فبركته كما هو الشأن بالنسبة لأولئك الذين أصدروه، تكشف التأويلات والخلاصات غير المدروسة وذات الطابع السياسي للقرار.

ويتمثل الجانب الأكثر إثارة للدهشة والأكثر تسيسا في قبول صاحب الدعوى، جبهة البوليساريو وأهليتها في مباشرة إجراءات التقاضي. وفي هذا الصدد، كان موقف مجلس الاتحاد الأوروبي منسجما، حيث أكد كما هو مشار إليه في القرار نفسه أن صاحب الدعوى لا يتوفر على الأهلية القانونية لمباشرة هذا الإجراء.

وأكد المجلس أن “الشخصية القانونية لجبهة البوليساريو مشكوك فيها “، مضيفا أن هذا الأخير لا يتوفر على حق المثول أمام المحاكم.

من جهة أخرى، ومن خلال منحه، وبشكل غير عادل، صفة ” ممثل ” للبوليساريو، تجاهل قرار المحكمة فئة واسعة من الساكنة الصحراوية، التي تعيش في الأقاليم الجنوبية والتي تتمتع بجميع حقوقها المدنية وبظروف عيش كريمة.

هذه الساكنة لم تتوقف منذ استرجاع هذه الأقاليم على تأكيد تشبثها بمغربيتها، وذلك من خلال مشاركتها المكثفة في جميع الاستحقاقات الانتخابية التي نظمت في هذه الجهة، على غرار جميع المغاربة من طنجة إلى لكويرة. فمن خلال هذه المشاركة، تنتخب هذه الساكنة، بفضل اقتراع حر ونزيه، يحضره مراقبون دوليون، ممثليها على المستوى المحلي والوطني. وتعكس المشاركة المكثفة لساكنة الأقاليم الجنوبية في الانتخابات الجماعية، الأخيرة، بشكل واضح تشبث مواطنيها بمغربيتهم وبالوحدة الترابية للمملكة.
فعن وعي أو غير وعي، وضعت المحكمة الأوروبية العربة قبل الحصان بمنحها البوليساريو صفة ” ممثل “، وأعطت بالتالي حكما مسبقا، بصفة متعمدة هذه المرة، لنتائج مفاوضات جارية بين الأطراف حول الوضع النهائي لأرض “متنازع بشأنها”، تحت إشراف الأمم المتحدة. وهذا يعني أن المحكمة الأوروبية حلت محل الأمم المتحدة، وهو خطأ فادح لقضاة يفترض أنهم على دراية واسعة بالقانون الدولي.

حجة أخرى، لا تقل أهمية وتتعلق بالروابط التي جمعت المغرب بصحرائه على مر التاريخ : الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، والذي ورد في قرار المحكمة. هذا الرأي يعترف بأن الصحراء ” لم تكن أرضا خلاء عند استعمارها من قبل المملكة الإسبانية، مشيرا إلى “روابط قانونية” كانت تجمعها بالمملكة المغربية.

الأكثر من ذلك، فإن مشروع الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب لهذه الجهة والذي تمت صياغته بشكل تشاركي، يهدف إلى توسيع هذه المشاركة وتمكين مواطنيه من تدبير شؤونهم بطريقة ديمقراطية.

وعلى مستوى حقوق الإنسان، قام المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإحداث تمثيليات في أهم المدن الصحراوية لمراقبة مدى احترام الحقوق الإنسانية الأساسية، وهو ما نوه به الاتحاد الأوروبي على لسان رئيسة الدبلوماسية الأوروبية فيديريكا موغريني.

من جهة أخرى، اعتمد قرار المحكمة الأوروبية على حجة واهية لصاحب الدعوى وهي ” فشل أهداف التنمية المستدامة ” و”استغلال الموارد الطبيعية ” للمنطقة.

وهنا أيضا تقدم الأرقام دلائل مقنعة : فمؤشر التنمية الاقتصادية والبشرية في الأقاليم الجنوبية والأموال الضخمة التي رصدت للاستثمار لهذه الغاية من قبل الدولة المغربية تتحدث عن نفسها. ألم يكن جريا بالمحكمة أن تأخذ بعين الاعتبار هذه الأرقام لرفض هذه الحجة، والتي، وعلاوة على ذلك، تم الترويج لها من قبل مجموعة من المجرمين جعلوا من تحويل المساعدات الإنسانية أنشطتهم الأساسية، ومن السكان المحتجزين في مخيمات تندوف أصلا تجاريا ¿

ألم يكن جريا بهذه المحكمة، التي ضمنت القرار طوال صفحاته التسعة والأربعين كتابات وتقارير ووثائق أخرى مشكوك في صحتها، الإشارة إلى التقرير الشهير الذي أصدرته مؤسسة أوروبية تتمتع بقوة قانونية لا جدال فيها، والمتمثلة في مكتب الاتحاد الأوروبي لمحاربة الغش حول التورط الفاضح للبوليساريو والجزائر في التحويل المكثف للمساعدات الإنسانية الأوروبية.

وفي ما يتعلق بالمغرب، القوي بعدالة قضيته ومشروعية مبادراته، فهو يواصل بكل ثقة وعزم جهود تنمية أقاليمه الجنوبية. فقد تم ضخ مؤخرا 77 مليار درهم لتمويل المشاريع المندرجة في إطار النموذج الجديد للتنمية الذي تقوم المملكة بتطبيقه في أقاليمها الجنوبية ، وهو ما يشكل خطوة ملموسة في اتجاه تكريس المسار الذي تم وضعه لهذه المنطقة العزيزة على جميع المغاربة.

وبالنسبة لمؤسسات الاتحاد الأوروبي، فقد حان الوقت للبرهنة على يقظتها أمام مناورات أعداء المغرب والتي يكمن هدفها الوحيد في إفساد العلاقات المتميزة التي تجمع بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *