متابعات | هام

نموذج تنمية الأقاليم الجنوبية .. جهود هائلة من حجم طموح أمة

على مدى العقود الأربعة التي تلت تحرر الأقاليم الجنوبية للمملكة من قبضة الاحتلال، تمكنت هذه المنطقة ،التي كانت مهمشة، من امتلاك مصيرها وتحقيق انطلاقة تنموية هائلة لا يمكن لأحد أن ينكرها بالتأكيد.

ولا غرو، فإن المشاريع البنيوية المتعددة والمتنوعة والشاملة التي تم تحقيقها، أو تلك التي ما تزال في طور الإنجاز، بهذه الربوع، تعكس جليا انخراط المغرب في مسلسل تنموي جبار لم تشهد له المنطقة مثيلا على مر تاريخها، منذ أن جثم عليها الاحتلال الاسباني سنة 1884 إلى يوم عودتها إلى حظيرة الوطن الأم سنة 1975.

وإذا كانت ثروات وخيرات هذه الربوع من الوطن قد شكلت مطمعا للمحتل الإسباني عاث فيها سلبا ونهبا، فإن ذوي الحق فيها، الذين استرجعوها شرعا وقانونا، لم يدخروا أي جهد، لاسيما خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، ليحولوها الى نموذج تنموي فريد يحظى بمستقبل واعد.

هو نموذج تنموي واعد يتجسد في إطلاق أوراش وإصلاحات كبرى توفر للأقاليم الجنوبية للمملكة بنيات تحتية تتناسب واحتياجاتها الملحة، وتتناغم مع خصوصياتها السوسيو ثقافية.

وقال الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة “إن تطبيق النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، يجسد وفاءنا بالتزاماتنا تجاه المواطنين بأقاليمنا الجنوبية، بجعلها نموذجا للتنمية المندمجة”.

وهو نموذج، يؤكد الملك في الخطاب نفسه، “كما نريده دعامة لترسيخ إدماجها، بصفة نهائية في الوطن الموحد، وتعزيز إشعاع الصحراء كمركز اقتصادي، وصلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي”، مضيفا “لذا قررنا، بعون الله وتوفيقه، تعبئة كل الوسائل المتاحة لإنجاز عدد من الأوراش الكبرى، والمشاريع الاجتماعية والصحية والتعليمية بجهات العيون الساقية الحمراء، والداخلة وادي الذهب، وكلميم – واد نون”.

ولا يخفى على ذي بال الوتيرة المتقدة التي يسير بها إنجاز الأشغال، وتفعيل المبادرات التنموية التي همت قطاعات عدة لاسيما منها، السكن والتمدرس وتوفير الماء الشروب والكهرباء، تضاهي تلك التي تزخر بها الأقاليم الأخرى بالمملكة.

وقد مكنت مشاريع السكن من تقليص العجز في هذا المجال، ومن القضاء على السكن غير اللائق، ومرحى للعيون وبوجدور والداخلة التي تم إعلانها مدنا بدون صفيح!.

وفي مجال الماء الصالح للشرب، تم تزويد الأقاليم الجنوبية بالبنيات التحتية الضرورية، لاسيما، إحداث محطة لتحلية مياه البحر والتي مكنت من تعميم الاستفادة من هذه المادة الحيوية بنسبة 100 في المئة.

أما بخصوص تعزيز الأقاليم الجنوبية بالشبكة الوطنية للكهرباء، فقد تم أيضا تغطية العديد من مئات الكيلومترات بشبكة كهربائية ذات ضغط عال، فضلا عن مشاريع الطاقة المتجددة، كتلك التي ستزخر بها مدينة طرفاية. هي إذن نماذج تنموية متعددة تعكس التزام السلطات العمومية ومدى انخراطها في ضمان عيش كريم للسكان وللأجيال الصاعدة في هذه الربوع الجنوبية.

وعن مجال البنيات التحتية، قال محمد السادس في خطاب سادس نونبر الماضي “ففي مجال البنيات التحتية، ستتم تقوية الشبكة الطرقية بالمنطقة بإنجاز طريق مزدوج، بالمواصفات الدولية، بين تيزنيت – العيون والداخلة. وبموازاة ذلك، ندعو الحكومة للتفكير في إقامة محور للنقل الجوي، بالأقاليم الجنوبية، نحو إفريقيا”.

فالمغرب، يضيف الملك “إذا وعد وفى، قولا وفعلا، ولا يلتزم إلا بما يستطيع الوفاء به”، “وإن المغرب إذ يلتزم اليوم بجعل الصحراء المغربية مركزا للتبادل ومحورا للتواصل مع الدول الإفريقية جنوب الصحراء، وبوضع البنيات التحتية اللازمة لذلك، فإنه سيقوم مرة أخرى بالوفاء بوعوده أمام خيبة أمل الأعداء وحسرتهم”.

ولا ريب، فإن أولائك المتربصين بهذا النجاح، والذين لا ينفكون عن كيل االحقد والعداء الدفين، يجذفون ضد التيار، ويحاولون، عبثا، النيل من عزيمة جار أبان عن حنكة في كشف ستار عجز أعدائه الذين يتمسكون بخطابات أكل عليها الدهر وشرب وما عادت تناسب رياح التغيير والظرفية الإقليمية والدولية.

وقد تساءل الملك “ولماذا لم تقم الجزائر بأي شيء من أجل تحسين أوضاع سكان تندوف الذين لا يتجاوز عددهم 40 ألفا على أقصى تقدير، أي حي متوسط بالجزائر العاصمة؟ وهو ما يعني أنها لم تستطع أو لا تريد أن توفر لهم طيلة أربعين سنة حوالي 6000 سكن، يصون كرامتهم بمعدل 150 وحدة سكنية سنويا”.

“ولماذا تقبل الجزائر التي صرفت الملايير في حربها العسكرية والدبلوماسية ضد المغرب بترك ساكنة تندوف في هذه الوضعية المأساوية واللاإنسانية؟”، يضيف الملك، مشيرا إلى أن “التاريخ سيحكم على الذين جعلوا من أبناء الصحراء الأحرار الكرام متسولين للمساعدات الإنسانية”.

إن النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية سوف يتعزز على مر السنين مع تطبيق الجهوية المتقدمة، وأن ترسيخ تدبير بناء سيعجل، لا محالة، من اندحار حملة معاول الهدم.

* وكالة المغرب العربي للأنباء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *