آراء

هل بالغ بنكيران عندما وصف حكومته بحكومة البركات؟

نحن في أوائل شهر يناير، نحن في عز السنة الفلاحية التي يفترض أن تكون انطلقت وهي في وسطها، انحبس المطر عن البلاد والعباد، وطلت الأرض على ماهي عليه في انتظار المطر وغيث السماء.

في السياسة كما في الإقتصاد، كل شيء قابل للإستغلال، ولا شيء ينجو من عدم الزج به في عالم السياسة لتحقيق الهذف الأسمى للسياسة وهو الوصول للحكم وذلك عبر إضعاف من يحكم بتأليب الناخبين عليه ودفعهم لعقابه على فشل سياساته وطرق تدبيره لشؤونهم.

والمطر في بلادنا كما قال ذلك الجنرال دوكول، ركيزة أساسية لممارسة الحكم وبه تستقر الأوضاع وتزدهر شؤون المواطنين لأن أغلبهم يعيشون من الفلاحة والمغرب في أصله بلد فلاحي قبل أن ينتهج سياسة تنويع مصادر إقتصاده وتخفيف الضغط على الفلاحة لأن هذه الأخيرة مرتبطة في مجملها بجود وكرم السماء.

ولأن تأثيرات التغيرات المناخية أصبحت واقعا يأثر على نسب التساقطات وتوزيعها الزماني والمكاني فأغلب التوقعات تشير إلى بوادر أزمات كبيرة قد يشهدها العالم في السنوات المقبلة بارتباط وثيق مع نذرة الأمطار وشح السماء.

وفي نفس السياق، عندما تولى عبد الإله بنكيران رئاسة الحكومة المغربية بعد انتخابات 2011، تزامن ذلك وبروز مجموعة من المؤشرات الإيجابية التي ساعدته على تنزيل مجموعة من الإجراءات غير الشعبية بالإعتماد على تأثير هذه المؤشرات على الخزينة العامة للبلاد، ومن بين هذه المؤشرات توالي السنوات الفلاحية الجيدة بسبب النسب المهمة من الأمطار التي تهاطلت على البلاد والتي ساهمت في انتعاش الفلاحة وتحقيق محاصيل مهمة بالمقارنة مع السنوات السابقة، بالإضافة لانخفاظ سعر البترول والمواد الأولية في السوق الدولية، وصف حكومته بكونها حكومة البركات وبأن الله راض عليها وربط ذلك بوصول التحالف الذي يقوده وكأنه يقول بأن الله جزاه ووفر له كل الشروط المواتية للإشتغال بربط ذلك بتهاطل الأمطار وانخفاظ أسعار البترول والمواد الأولية بمجرد وصوله لرئاسة الحكومة.

وبالعودة للمخيال الشعبي للمغاربة نجد بأن كل من يدعي رضى الله عنه ويربط ذلك بانجازاته يحاول رد انفعالات الآخرين ضده ويبرر تصرفاته التي قد تكون صائبة وقد لا تكون كذلك لأن النوايا والأفعال لا يعلمها إلا الله عز وجل. وهو أسلوب لجأ إليه رئيس الحكومة ليبرر نشوته وسعادته بعد توالي الأخبار السارة التي حملتها له السماء والسوق الدولية وهو أمر مشروع طالما لم يتم استغلاله سياسيا عبر إعطاء ذلك بعدا دينيا أكبر عبر استغلال البركة، كما سماها السيد رئيس الحكومة، التي تنتج عن ذلك.

لسنا ممن نتمنى الجفاف والقحط للبلاد، ولسنا ممن يتمنى الفشل للآخرين كيفما كانت انتماءاتهم وتوجهاتهم الإيديولوجية والسياسية، كما أننا لسنا ممن لا ينتظر بركات الله وجوده وكرمه علينا كبلد وشعب حتى تزدهر بلادنا وتتطور لأننا في الأول والأخير مسلمون نؤمن بالله وبقضائه وقدره ولكننا وبالرجوع لمبدأ التوكل على الله ننتظر من مسؤولينا العمل على إيجاد وتطوير بدائل لما تنتجه الفلاحة وما تساهم به في الناتج الداخلي الخام وعدم انتظار غيث السماء فقط ورحمتها وتعليق انجازاتنا وفشلنا على تقلبات السماء والجفاف وقلة الأمطار.

وفي الختام، يجب القول بأن وصف حكومة ما وسلطة ما بكونها مباركة من الله وبكون قدومها فاتحة خير على البلاد لا يمكن ان يستقيم إلا بتحقيق هذه البركات على أرض الواقع عبر تحسين أوضاع البلاد والعباد وتطور مستوى معيش المواطنين وشعورهم بالأمان والطمأنينة على حياتهم ومستقبلهم لا أن أن نقتصر فقط على ربط وصف حكومة ما كحكومة السيد عبد الاله بنكيران بحكومة البركات فقط لتزامن قدومها بتهاطل الأمطار وانخفاض أسعار المواد البترولية والأولية في السوق الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *