متابعات | هام

فايننشال تايمز:قلقُ الجزائريين يزيده مرض الرّئيس وانخفاض أسعار النّفط

تعيش الجزائر حالة من القلق الشديد إزاء الحالة الصحية للرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، وإزاء تراجع أسعار النفط في منطقة الشرق الأوسط والتي تلقي بتبعاتها على الاقتصاد الجزائري.

العديد من التساؤلات بدأت تتداعى بقوة عما إذا كان بإمكان الرئيس إدارة أمور البلاد واتخاذ القرارات، وفق تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، الخميس 14 يناير  2016 .

فالرئيس الذي ناهز عمره 78 عاماً ما عاد يظهر للعلن بعدما أصيب بنوبتين قلبيتين في الأعوام الأخيرة.

يونس غويمش، الصحافي بموقع TSA-Tout Sur L’Algerie: قال “لا أحد يقابل الرئيس هذه الأيام سوى أخيه سعيد ورئيس حكومته أحمد أويحيى، لذلك لا يعرف الجزائريون إن كان يعي ما يجري في البلاد وإن كانت الأخبار تصله”.

 

أزمة اقتصادية

 

يتزامن تدهور الحالة الصحية لبوتفليقة مع الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، فعائدات صادرات البلاد من المحروقات –التي تشكل عماد اقتصادها- تدنت إلى النصف عام 2015 لتبلغ 34 مليار دولار فقط ويتوقع استمرار هبوطها حتى 26.4 مليار في 2016.

الجزائر كانت تحاشت الوقوع في المتاعب التي ضربت جيرانها ليبيا وتونس منذ عام 2011 حين قامت الثورات العربية، فتحاشت الربيع العربي وأسرت شعبها المكون من 39 مليون نسمة بزيادة الإنفاق الحكومي على دعم أسعار السلع ورواتب القطاع الحكومي والإسكان الاجتماعي.

لكن عائدات النفط المتدنية هذا العام أجبرتها على خفض الإنفاق بنسبة 9% ورفع أسعار الطاقة – ما غذَّى مخاوف لدى العامة الذين اعتادوا الهبات الحكومية وسخاء يدها.

 

لا بوادر لحراكٍ اجتماعي

 

مراقبون يرون أن مزاج الشعب الجزائري ليس في اتجاه الحراك الاجتماعي حالياً، حيث إن حركة احتجاجات وليدة عام 2011 ما لبثت أن انكفأت لأن ذكريات مذابح التسعينيات الدامية مازالت عالقة في وجدان الشعب الذي يقف حذراً خشية الانزلاق في أي منعطف يفضي لدائرة العنف من جديد.

وأضاف غويمش: “يحتج الناس هنا عادة على شكاوى محلية لكن لا أحد يستطيع الجزم بأن عدواها قد تنتشر، لكن الأكيد أننا نعيش مرحلة دقيقة وحرجة جداً.”

 

“مجموعة الشخصيات الـ19”

 

وكانت محاولة غير ناجحة قامت بها “مجموعة الشخصيات الـ19″، لرؤية الرئيس أشعلت التكهنات حول صحته ومن يدير البلاد.

من بين تلك الشخصيات أبطالٌ قوميون مثل السيد بورقعة، وزهرى دريف المقاتل في حرب الاستقلال أيضاً، ولويزا هانون السياسية التي تم اعتقالها حينما كان يتم حظر إقامة الأحزاب السياسية.

وفي رسالة إلى الرئيس أرسلتها ونشرتها المجموعة، اشتكى أفرادها من “الاستعاضة بأسلوب تنفيذي مواز غامض وغير قانوني وغير شرعي” في إشارة إلى شكوك بأن بطانة الرئيس وحاشيته هي التي تدير وتحكم البلاد باسمه.

 

قلق شعبي يتزايد

 

وقال المحلل السياسي، ياسين تملالي: “لا تقتصر مشاعر القلق على النخبة المثقفة وحدها، وإنما تمتد إلى الشعب كله. فهم يرون تغييرات في الموازنة رغم غياب الرئيس. كما أن هناك قلقاً عاماً من غياب الأمن وأحداث تونس وليبيا.”

بالإضافة إلى ذلك، يخشى مراقبون من صراع داخلي وتنافسي على السلطة ضمن أروقة كبار ضباط الجيش.

في سبتمبر/أيلول 2015، أقال بوتفليقة رئيس الاستخبارات العسكرية المخضرم وخصمه اللدود، توفيق مدين، في خطوة رآها المحللون ذروة صراع داخلي لإعادة هيكلة مصلحة الاستخبارات ووضعها تحت سيطرة حلفاء الرئيس.

هذا التدافع على خلافة الرئاسة من شأنه إشعال الخلافات بين فصائل الدولة في هذا الوقت الحرج الذي تحتاج فيه الجزائر إلى تضافر الجهود والاتحاد من أجل حل مشاكل اقتصاد الجزائر حسب ما يقوله المحللون.

دانييلا غريساني، نائب مدير قسم الشرق الأوسط ووسط آسيا في صندوق النقد الدولي، قالت إن الاقتصاد الجزائري يواجه “صدمة خارجية كبيرة قد تطول لعدة سنوات” وقد تتطلب الاستمرار في خفض الإنفاق وإصلاحات واسعة النطاق.

وأضافت: “مقترح زيادة أسعار الطاقة خطوة مهمة على الطريق الصحيح لكن إصلاحاً شاملاً في دعم أسعار السلع سيتطلب المزيد من رفع الأسعار على مر الزمن وهذا [سينعكس] على كلٍّ من المستهلك والشركات.”

 

جهودٌ حكوميّةٌ “تائهة”

 

لكن مراقبين كثراً يبدون شكوكاً في تقدير الحكومة لأبعاد المشكلة.

الأستاذ الجزائري في الاقتصاد الدولي، رائف كروبي، قال: “ما زالوا يعتقدون أن تدني أسعار النفط أمرٌ مؤقت سينقلب قريباً.

النفط دواء يكبت الأعراض لكن المرض يبقى على حاله، أما المرض أو المشكلة الأساسية فهي مناخ الاستثمار التعيس أمام المستثمرين المحليين والأجانب.”

وحذر كروبي من أن احتياطات الجزائر التي وصلت 152 مليار دولار مع نهاية سبتمبر/أيلول 2015، قد تنتهي وتنضب بعد عامين أو 3 من هذه الأسعار الخفيضة إن بقيت السياسة الاقتصادية تائهة.

واختتم غويمش المتفائل بأن الرئيس بوتفليقة ما زال مسيطراً على الوضع رغم وهن صحته: “ليست المشكلة في من يتخذ القرارات، بل المشكلة في شحِّ القرارات المتخذة.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *