متابعات | هام

من هو فتح الله غولن.. المتّهم بتدبير محاولة الانقلاب في تركيا؟

الاتهام الذي وجهه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لرجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن بكونه وراء محاولة الانقلاب التي جرت مساء الجمعة هو جزءٌ من الاتهامات التي توجه ضد ما تسميه السلطات التركية بـ”الكيان الموازي”، فأين هي الحقيقة؟

يذكر أن المنافسة التقليدية في المجتمع التركي هي بين العلمانيين (ومن ضمنهم هؤلاء الموجودون في الجيش) الذين يتبعون كمال أتاتورك، مؤسس الدولة الحديثة، والإسلاميين بما فيهم حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان، بحسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان.

وكان حزب العدالة والتنمية ذاته تعرض لعدد من الانقلابات أو محاولات الانقلاب في تاريخ تركيا الحديث، ومن نواحٍ عدة، بدت ليلة الجمعة وكأنها ستغدو حدثاً تقليدياً آخر: انقلاباً عسكرياً من داخل القوات المسلحة. لكن صباح السبت شهد تأكيد أردوغان على استعادته للسلطة، وإعلان عزل عشرات من كبار الجنرالات وغيرهم من الضباط ذوي الرتب العالية.

لطالما رأى الجيش التركي نفسه حامياً لتركيا الحديثة، أما الحركة التي يقودها غولن فتحتل مساحة غامضة بين الجانبين؛ العلماني والإسلامي.

يقود غولن، الذي يعيش في منفى اختياري في بنسلفانيا، حركة تدعى “هيزمت” (خدمة) أو جماعة غولن وهي حركة مختلطة عملت بداية على إنشاء المدارس والأعمال والمنشورات عبر العالم، لكنها بنت ثروة ونفوذاً ضخماً خلال تلك العملية.

وتشير بعض التقارير التي لا يمكن التأكد من صحتها إلى أن 10% من سكان تركيا يدعمون جماعة غولن “هيزميت”.

وأحد الأسباب وراء التوتر المتصاعد في السنوات الأخيرة بين أتباع غولن من جهة، وحزب العدالة والتنمية من الجهة الأخرى فهو إلقاء السلطات التركية اللوم على أتباع غولن في الشرطة والقضاء واتهامهم بأنهم وراء مزاعم مكافحة الفساد في عام 2013 التي استهدفت كبار مناصري الرئيس.

واعتُبرَت هذه المزاعم رداَ على تحركات أردوغان ضد مدارس أتباع غولن، إذ حاول الرئيس الحد من نمو الحركة.

وبلغت المنافسة ذروتها مع حركة التطهير التي طالت أتباع غولن من كبار ضباط الجيش والشرطة بالإضافة للإعلاميين الذين اتُهِموا بوجود صلات تربطهم بأتباع غولن.

وفي محاولة الانقلاب التي جرت مساء الجمعة، قال روبرت أمستردام، أحد محاميّ الحكومة التركية، إن “هناك دلائل تشير لتورط أتباع غولن بشكل مباشر”، مضيفاً أنه حاول هو ومكتبه “تحذير الحكومة الأميركية مراراً وتكراراً من التهديد” الذي يمثله غولن وحركته. واستشهد أمستردام بمصادر استخباراتية تركية في ادعائه “بوجود دلائل تشير إلى أن غولن يعمل بشكل وثيق مع بعض أعضاء القيادة العسكرية ضد الحكومة المدنية المنتخبة”.

أما مجموعة “تحالُف القيم المُشتركة”، الذراع الأميركية لحركة غولن-هيزمت، فسُرعان ما أنكرت أي مشاركة لها في الانقلاب العسكري، وأعلنت أن هذه الادعاءات “غير مسؤولة بالمرة”، وأصرت على أن هذه المجموعة لم تدعم التدخل العسكري.

وقالت المجموعة في بيان لها “الأحداث تمر بسرعة شديدة على الأرض، وقيامنا بالتكهُّنات سيكون تصرُّفاً غير مسؤول. كل ما يهمنا الآن هو سلامة وأمن المواطن التركي وكل من يتواجد في تركيا الآن”.

وأضافت المجموعة “على مدار أكثر من 40 عاماً، دافَع المُشاركون في حركة فتح الله غولن وهيزمت عن الحرية والديمقراطية، وأعلنوا التزامهم بهما”.

“دائماً ما كُنّا نقوم بالتنديد بالتدخلات العسكرية في السياسات الداخلية. وهذه هي القيم الأساسية للمُشاركين في حركة هيزمت. إذ إننا ندين أي تدخل عسكري في السياسات الداخلية لتركيا”.

 

إذاً، أين هي الحقيقة ما بين كُل ما يُشاع؟

 

أشار النُقّاد إلى فيديو ظهر عام 1999 يبدو فيه غولن وكأنه يقترح على أتباعه القيام بالتَسَلُّل داخل المؤسسات الرئيسية في الدولة واختراقها.

وقال غولن في الفيديو “يجب عليكم التحرك داخل الشرايين الأساسية للنظام، دون أن يلاحظ أحد وجودكم، حتى تصلوا إلى جميع مراكز السُلطة.. يجب الانتظار حتى يحين الوقت الذي تسيطرون فيه على كل السلطات في الدولة، وتنضم إلى صفوفكم جميع قوى المؤسسات الدستورية في تركيا”.

ومع ذلك، ادّعى غولن أنه لم يَقُل ذلك وأن التسجيل تم تغييره.

وفي حديث مع وكالة فرانس 24 الأخبارية، في وسط التوترات التي حدثت بين أردوغان وغولن عام 2013، قالت دوروثي شميد، الباحثة في الشئون التركية في المركز الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI)، بعض الكلمات التي لخّصت التناقضات الموجودة في الخلاف الجاري.

قالت شميد “الديمقراطية التركية في خطر إن تم الاعتماد على حركة لا تتمتع بأي نوع من الشفافية أو الشرعية السياسية (وتقصد حركة غولن)”.

في ليلة الجمعة الماضية – وعلى بُعد آلاف الأميال من الانقلاب الذي حدث في تركيا – كانت الأمور هادئة خارج المُجَمَّع المُحاط بالأسوار في Saylorsburg النائمة، وهي بلدة صغيرة في بنسلفانيا حيث يقيم فتح الله غولن في مركزه Golden Generation Worship and Retreat Center.

رفض حراس الأمن السماح لأي شخص بالدخول إلى المُجَمَّع، وقالوا إن غولن غير متاح الآن – طالبين من الصحفيين العودة مرة أخرى في الصباح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *