حوارات | هام

أوريد لCNN: الجزائر عانت من عقدة التطويق والمغرب من عقدة التمزيق

منذ عقود وعلاقة المغرب بالجزائر جد متوترة، هل السبب يعود فقط إلى قضية الصحراء؟
أنا أميل للقول إن قضية الصحراء هي نتيجة للتوتر الجزائري-المغربي وليست سببًا. الجزائرعانت تاريخيًا من عقدة التطويق، وربما لهذه العقدة جذور تاريخية، فقد سبق للرئيس الجزائري الراحل الهواري بومدين أن صرّح في خطاب له إن الجزائر مستهدفة وإن الصحراء جزء من هذا الاستهداف، تَدخل فيه حسب قوله قوى امبريالية وأخرى رجعية، بينما في الجهة الأخرى، عانى المغرب تاريخيًا من عقدة التمزيق. الآن تغيّرت الأمور، المغرب يعاني حاليًا من واقع التطويق، بينما الجزائر مهددة بالتمزيق.
كشخص يهمه مآل المنطقة ويدرك الوشائج العميقة بين البلدين، أعتقد أنه ينبغي أن يسود صوت العقل الآن. هناك أخطار محدقة بالبلدين، ولا أظن أن الحكماء في البلدين يعدمون الرؤية المتبصرة لإدراك هذه الأخطار، فقد آن الأوان كي نخرج من هذه الشرنقة.
كيف السبيل للخروج؟
على الأقل يجب أن ننصت لبعضنا البعض، صحيح أن الأساليب على مستوى الدولتين قد استنفدت، وموقف الدولتين أضحى معروفًا، لكن هناك قنوات أخرى لتجاوز هذا التوتر. أعلم أن الجزائر تقول إن لا دخل لها في الصحراء، لكن تحركاتها الدبلوماسية تعبّر عن شيء آخر، لذلك يجب البحث عن حل خارج بنية الدولتين، لا سيما أن الأخطار التي تتهدد المنطقة تتجاوز قضية الصحراء، فهناك مخاطر أمنية، وهناك محاولات لإعادة رسم خارطة المنطقة، ومن تحدثوا عن سايكس بيكو جديد لم يكونوا مغالين.
بالانتقال إلى موضوع ثانٍ يجمع البلدين، وهو الأمازيغية، هناك من يصف دفاع بعض الأفراد وبعض الهيئات عن هذه الثقافة بالشوفيني. كيف ترى الأمر؟
أولًا أنا ضد كل تشنج وضد أي ميولات راديكالية، لكن ألّا يجب أن نتساءل عن أسباب هذا الخطاب “الشوفيني”؟ المقاومون الأمازيغ وقفوا ضد توّغل المستعمر في الجزائر والمغرب، وكافحوا بصفتهم بأبناء البلد وليس بصفهم أمازيغ وكانت هناك مؤتمرات لنصرة الاستقلال في البلدين تتجاوز أي اتجاه عرقي. لكن ما حدث غداة الاستقلال كان شيئا آخر، فقد جرى تعقب العناصر الأمازيغية، بل واغتيل عدد منها سواء في المغرب أو الجزائر، وجرى إجهاض كل تعبير عن هذا الجانب، وتمت شيطنة كل من يدعو للاعتراف بالأمازيغية.
نحن الآن في مفترق طرق، ولا ينبغي أن نقرأ ردود الأفعال فقط، يجب أن نعمل كي تكون الأمازيغية عامل وصل وليس عامل فصل، ولذلك ينبغي التفكير في عدم اختزالها في العرق أو اللسان حتى لا تكون أحد أسباب التوتر، فالكثير من الجزائريين والمغاربة لا يتحدثونها، لكنهم ينحدرون من أصول أمازيغية. الأمازيغية تسكننا في بنيتنا الذهبية، وأنا متأكد أن المثقفين في البلدين لديهم رؤية شمولية تتجاوز المقاربات العرقية الضيقة.
لكن هناك من يرى أن تدريس وتعميم الأمازيغية قد يشكّل عبئًا جديدًا على حكومات المنطقة؟
كيف تكون الأمازيغية عبئًا وهي بنت هذه الأرض؟  نحن لا نطالب بتدريس الفنلندية، بل بتدريس شيء نابع من هذه الأرض. تدريس الأمازيغية، حتى ولو لم نكن ناطقين بها، سيساعدنا على معرفة جغرافيتنا وبنيتنا الذهبية. فضلًا عن ذلك، لا يوجد شعب في العالم مستعد للتضحية بلغته، هناك دائما جانب ذاتي، ولو كنا ننظر للأمور انطلاقًا من الفعالية، فمن الأجدر أن نتعلم كلنا الإنجليزية باعتبارها لغة العلم.
الخطر هو تجاهل تدريس الأمازيغية وليس تدريسها، لكن من دون شك، ينبغي للمثقفين والفاعلين في المنطقة أن يجدوا الأرضية المشتركة للتعايش، أي أن تكون أبعاد الأمازيغية والإسلام والعروبة في خدمة المنطقة وليس ضدها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *