آخر ساعة

البوليساريو وسكيزوفرينيا الانفصال

يتساءل عدد من المتتبعين لملف قضية الصحراء المغربية، عن حقيقة الاستقلال الذي تطالب به جبهة البوليساريو و”تناضل” من أجله  في الوقت الذي لا تزال فيه هذه الجبهة متمسكة بأطروحة الانفصال عن المغرب، فكيف لهذا الكيان الهلامي أن يتمتع بالاستقلال في الوقت الذي يعلم فيه الجميع أن الصحراء المغربية، تشكل هدفا يسيل له لعاب دول تقدم نفسها منذ سنين كمدافعة عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، في ظل عجز شعوبها عن تقرير مصيرها، و في ظل القمع العسكري الذي يعاني منه مواطنوها.

جبهة البوليساريو تعتقد جهلا وعبثا أنها ستتمتع بما تسميه استقلالا ادا ما انفصلت عن المغرب، لأن الجزائر ستجد لها مكانا يسهل انفتاحها على المحيط الأطلسي، و يعود بالصحراويين إلى زمن الاستعمار الحقيقي، الذي سيدخل الصحراء من أبوابها الواسعة، تحت ذريعة القروض و في استغلال تام للقادة من ذوي الأصول الجزائرية الذين يتحكمون في خيوط اللعبة بتيندوف، باتفاق مع الجنرالات الجزائريين و الساسة في الجارة الشرقية للمملكة.

إن جميع المتتبعين والمهتمين بملف الصحراء المغربية يعلمون جيدا أن الجزائر و كغيرها من الدول التي يحكمها العسكر، لا تفرق الهدايا على الغرباء إلا لحاجة في نفس يعقوب، وهو ما سينقلهم إلى استعمار حقيقي، سيجعلهم أمام واقع مرير، يتخلله استنزاف حقيقي لخيرات الصحراء، و استغلال بشع لحقوق من كانوا يطالبون بالانفصال عن المغرب، في الوقت الذي يتابعون فيه تجاوزات الدولة الجزائرية والتي تمارسها كل يوم على شعبها.

ويبقي السؤال المطروح هو إلى متى ستستمر جبهة البوليساريو  في معاكسة مسيرة تاريخ المنطقة المغاربية ومعانقة وهم الانفصال الذي انتفت عنه حتى المصوغات الإيديولوجية التي كانت تمنحه بعض البريق الكاذب ؟ إن المنادين بالانفصال يعلمون جيدا بأن الواقع الجيوسياسي للمنطقة والتطورات التي تعرفها منطقة المغرب العربي وبروز جملة من الشروط المفروضة من أجل الاندماج في النظام العالمي الحالي، كلها تفيد أن حل نزاع الصحراء وجب أن يسعى في اتجاه الاندماج وليس الانفصال مع مراعاة الخصوصيات وبحيث أن الحل الذي طرحه المغرب اليوم والمتمثل بإعطاء ساكني الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا مع صلاحيات واسعة في تدبير شؤونهم المحلية تحت السيادة المغربية، يمكن أن يشكل أرضية جيدة لتسوية هذا النزاع المزمن وتجاوز سنوات العداء. فالمقترح المذكور يسمح للصحراويين الموجودين في مخيمات تندوف العودة إلى وطنهم و الانخراط في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبالتالي إنهاء نزاع دام أكثر من أربعة عقود بدون حل وترتبت عنه مآس إنسانية كبيرة لا تزال فصولها مستمرة حتى يومنا هذا.
إن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يستجيب لتوجهين اثنين أولهما ان في كل صراع دولي ليس هناك غالب واحد يمكن أن يأخذ كل شيء، مهما كانت شرعية حقوقه، فهناك قاعدة لا غالب ولا مغلوب وثانيهما ان هذا الحل يعتبر أن القضية يمكن أن تحل على أساس أنه لا إلحاق ولا انفصال، بل هناك وضعية خاصة تسمح للسكان بتدبير شؤونهم اليومية دون الارتقاء إلى شخصية دولية منفصلة
ويبقى السؤال المطروح: هل سيتغلب منطق العقل واغتنام هذه الفرصة لإنهاء هذا الصراع ؟ لإن منطقة المغرب العربي لا تحتمل صراعات ” بينية ” في ظل الأوضاع المغاربية والعربية والدولية  فالهجمة التي تستهدف بلدان المغرب العربي وعلى الأخص ، البلدين الشقيقين ـ المغرب والجزائرـ تفرض عليها جميعا اليوم أن تكثف جهودها من أجل الحفاظ على الأمن الإقليمي في هذه المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *