المغرب الكبير

مسؤولون أوروبيون…”الوضع السياسي في الجزائر مسدود سياسيا”

أثارت تحاليل سياسية وتصريحات مسؤولين أوروبيين وصفت الوضع السياسي في الجزائر بـ”المسدود سياسياً”، بسبب استمرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في الحكم بشكل صوري على الرغم من حالته الصحية الصعبة، وسط غموض وصراع غير معلن بين محيطه، وبسبب الأوضاع الداخلية المرتبكة اقتصادياً، غضباً رسمياً في البلاد، واستفزت الحكومة الجزائرية التي جاء ردها سريعاً، معتبرة أنّ هذا الكلام غير منطقي ومبالغ به.

واعتبر مسؤول أوروبي رفيع المستوى، لم يكشف عن اسمه في تصريحات أدلى بها لموقع “بوليتيكو” الأميركي، أن الاتحاد الأوروبي “يتقرب لمرحلة ما بعد الرئيس بوتفليقة أو حصول تغيير في منظومة الحكم لمباشرة مفاوضات جديدة حول العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمار”. وأضاف أن “ثمة استعداداً لدى الاتحاد لإقامة برنامج استثمارات كثيف في الجزائر، لكن حالة الانسداد السياسي التي تعيشها الجزائر تعرقل ذلك، ويتمثل في الوقت الراهن ببقاء الرئيس على رأس نظام الحكم في البلاد”.

وأشار المسؤول ذاته إلى أن تقييم الاتحاد الأوروبي للوضع السياسي في الجزائر لا يشجع على أية خطوة باتجاه التفاوض مع هذه البلاد في ما يخص قضايا الاستثمار وغيرها من الأمور التي تهم الاتحاد إلى حين رحيل الرئيس، أو تغيير منظومة الحكم، على حدّ قوله. لكنه طرح في الوقت عينه مخاوف تبدو متضخمة وغير واقعية، عندما تخوّف من سقوط الجزائر في يد تنظيمَي القاعدة أو داعش.

وتفسر المخاوف الأوروبية بعزوف الشركات النفطية الأوروبية عن المشاركة في المناقصة الجزائرية الرابعة لاستكشاف النفط في الصحراء الجزائرية التي جرت قبل فترة، والتي أعلنت السلطات الجزائرية عن فشلها بسبب ذلك. وترفض الشركات الأوروبية العمل في الصحراء لأسباب أمنية، وسياسية، وتقنية، منذ حادثة الهجوم الإرهابي واقتحام منشأة النفط “تيقنتورين” في عين أميناس بولاية اليزي، جنوبي الجزائر، قرب الحدود مع ليبيا.

واعتبر المسؤول الأوروبي أن المناقصة النفطية الأخيرة التي طرحتها الجزائر لم تنجح لأن المستثمرين لديهم الكثير من الشكوك حول الوضع في الجزائر، قائلاً: “بصراحة الجزائر بلد مهم، لكن هناك قلقا كبيرا من مرحلة ما بعد بوتفليقة”.

على الطرف الآخر، اعتبرت وزارة الخارجية الجزائرية أن هذا النوع من التصريحات وغيرها من التقارير الأوروبية التي تتحدث عن الوضع السياسي ومنظومة الحكم في الجزائر، ليست سوى تخمينات لا تستند إلى واقع. وقال وزير الخارجية الجزائري، رمضان لعمامرة، في تصريح صحافي، أول من أمس الأحد، إن التصريحات التي أدلى بها، أخيراً، مسؤول في المفوضية الأوروبية في بروكسل، “حملت جملة من المغالطات”، ووصفها بأنها “تحامل غير مبرّر على الجزائر”، مشيراً إلى أن “الجزائر بلد سيّد في قراراته ولا يمكن أن يستجيب لضغوط من أي جهة كانت”.

من جهته، وصف سفير الجزائر في بروكسل، عمار بلاني، مسؤولين في الاتحاد الأوروبي بـ”التكنوقراط الظلاميين”. وقال الدبلوماسي الذي كان متحدثاً رسمياً باسم الخارجية الجزائرية، إن العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي متماسكة في ميدان الطاقة، وهي ذات طبيعة استراتيجية، وهي أكبر من التكهنات غير الموضوعية لمصدر أوروبي فضّل أن يتكلم في المجهول”. وحذّر من هذا النوع من التصريحات التي من شأنها أن تعطي صورة ظالمة وغير واقعية عن الوضع السياسي في الجزائر، لافتاً إلى أهمية الجزائر بالنسبة للاتحاد، مستغرباً الحديث عن وقوع البلاد بيد “القاعدة” و”داعش”.

القلق الرسمي الجزائري من تصريحات أوروبية لا ينطلق من كون هذا التقييم غير مؤسس، بل لتقاطع هذا التحليل مع ما تطرحه قوى المعارضة السياسية في الجزائر، والتي تصف الوضع بالمسدود سياسياً، وتشير إلى صراع قوى في أعلى هرم السلطة، فضلاً عن الفساد المالي والسياسي، وتحالف رجال الأعمال، والتشكيك بصحة الرئيس، وتدخل شقيقه سعيد بوتفليقة في شؤون الحكم. كما تطرح المعارضة مخاوف بشأن اندفاع قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، نحو طرح نفسه كخليفة لبوتفليقة.

وليست هذه المرة الأولى التي تشير فيها أطراف أوروبية وهيئات دبلوماسية إلى مخاوف بشأن غموض الموقف السياسي في الجزائر لمرحلة ما بعد بوتفليقة. ويعتقد المحلل السياسي حميد ياسين أن “غياب آليات تداول السلطة بالشكل الواضح، واستمرار التدخلات، والتناقضات الحاصلة في السياسات، هي أبرز العوامل التي تدفع الاتحاد الأوروبي وشركاء الجزائر إلى وضع تقييم ومخاوف كهذه”، لافتاً إلى أن “الاتحاد الأوروبي يملك المعطيات التي تتيح له طرح مخاوفه”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *