متابعات | هام

الرجواني..هذا هو الواقع السياسي المغربي لما بعد 7 اكتوبر…

وكانت الواقعة: انتخابات تشريعية عادية،لا قيامة ولا تحكم، خروقات هنا وهناك من احزاب عدة لم ترق لعشر حالات التزوير المفضوح في استحقاقات الزمن الصعب… هذا لا يعني تزكية الغش والتدليس وانما هو تنبيه الى ان عملا كبيرا ما زال مطلوبا لتطوير ديمقراطيتنا الناشئة وحفظها من المخاطر التي تهددها.
وجاءت النتائج:
1 – مشاركة هزيلة لا شك انها تمثل نقطة ضعف في المسار الديمقراطي، وتؤشر على وجود اغلبية خارج العملية الانتخابية، منها الغاضبون واليائسون واللاهون وقليل من “الثوريين جدا”…
2 – تقدم واضح لطرفي القطبية الزائفة، حزب العدالة والتنمية بفضل امتداداته الاجتماعية في الحواضر اساسا وخطابه الشعبوي ذي الحمولة الاخلاقية/الدينية( شعار محاربة الفساد، ادعاء الطهرانية، محاربة التحكم وخطاب المظلومية…) وزعيم بارع في انتاج.خطاب بسيط ومباشر،وقيادة منسجمة وقواعد معبأة،منضبطة ومقاتلة، وكتائب اعلامية مؤطرة، وقدرات لوجستيكية ومالية هائلة، في مواجهة/موازاة حزب البام الوريث غير الشرعي لاحزاب الادارة التقليدية والتعبير السياسي الجديد عن الاتجاه الليبرالي التحديثي (وليس الحداثي). في المقابل اكدت نتائج الانتخابات المنحى التراجعي المخيف للاحزاب الوطنية الديمقراطية التي اختفت او تكاد من الحواضر الكبرى قلب المغرب النابض اقتصاديا وسياسيا وثقافيا. والمثير للانتباه ان التراجع مس من شارك في الحكومة واشتكي بدوره من التحكم ورفع شعار “المعقول”،ومن عارض الحكومة معارضة شرسة وسعى الى تناوب ثالث،ومن شارك ثم عارض ثم تاب قبل ساعة التوبة. اما فيدرالية اليسار فلم تحقق نتائج في مستوى الانتظارات، وستكون محدودة التاثير في الدينامية السياسية على المدى القصير.
هكذا جاءت نتائج الانتخابات التشريعية لتكرس اطروحة القطبية الزائفة والخادعة والتي وظفها الحزبان “المتخاصمين”تكتيكيا لاضعاف باقي الاحزاب التي بدت لجزء هام من الكتلة الناخبة مجرد ملحقات للبام او البجيدي. ومن المحقق ان بنية الحكومة المقبلة سترسخ هذه الاطروحة قصد الابقاء على امكانية تبادل الادوار مستقبلا والحيلولة دون تناوب فعلي وحقيقي.
3 – الخريطة النيابية (لا اقول السياسية لان كثيرا من البرلمانيين لا علاقة لهم بالفكر السياسي) تتيح عدة “اغلبيات”لتشكيل الحكومة، خاصة في ظل تيه كثير من الاحزاب بين رغبة مستترة او معلنة حتى التهافت في المشاركة، ومحاولة بعضها الاخر خلط الاوراق لخلق وضعيات تتيح لها ابتزاز رئيس الحكومة المعين والتمكن من حصة تزيد عن وزنها الانتخابي. وان لم تحدث “مفاجآت” فان الاغلبية القادمة ستضم نفس مكونات الاغلبية السابقة بالاضافة لحزب الاستقلال. وفي هذا الحالة سنكون امام وضع سريالي بالقياس الى الماضي البعيد( نهاية فكرة الكتلة الديمقراطية)والقريب ( توبة الاستقلال وتبييض صفحة علاقته بالبجيدي)، لكنه وضع سيقوي بلا شك شوكة بنكيران الذي سيمسح دموعه ويشمر عن ساعده لاستكمال “الاصلاح” الذي استلذ المغاربة آثاره الاليمة على جيوبهم وارزاقهم المحدودة اصلا. في هذه الحالة ايضا ستكون وضعية الاتحاد الاشتراكي صعبة ولا تخرج عن اختيارين اثنين:
اما التنسيق مع البام، وهو حليف لا يؤمن جانبه، وكل تقارب معه سيكون بالغ الضرر على الاتحاد، واما ممارسة معارضة عقلانية ورزينة وبناءة انطلاقا من اختياراته الاساسية دفاعا عن حق المغاربة في العيش الكريم والحرية في اطار دولة الحق والقانون وحقوق الانسان. ومن الواجب ان كان هذا اختياره ان يعضد عمل فريقه البرلماني بانخراط مناضلي الحزب ومناضلاته في كل النضالات التي سيخوضها المغاربة على الواجهات الحقوقية والنقابية. وسيكون بذلك قد دشن لدورة تاريخية جديدة بتحدياتها ورهاناتها…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *