اقتصاد | متابعات

الفلاحة تساهم بشكل مهم في الحل الإيكولوجي للتغيرات المناخية

باعتبارها ركيزة الاقتصاد المغربي، تعد الفلاحة ، في الآن ذاته، أحد القطاعات الأكثر عرضة للآثار السلبية للتغيرات المناخية، وعاملا يساهم بكثافة في تلوث الهواء بسبب مختلف وسائل الري، إلا أنها مؤهلة لتكون حلا فعالا أمام الاضطرابات المناخية الكونية.

وبالفعل، تساهم الفلاحة بشكل كبير في تزايد انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الجو وبالمقابل، تؤدي التغيرات المناخية إلى إلحاق خسائر هامة في القطاع الفلاحي الذي قد يساهم بدوره في التخفيف من انبعاث هذه الغازات عبر تخزين كميات هامة من الكربون وامتصاص الانبعاثات الناتجة عن باقي القطاعات.

ويدر القطاع الفلاحي، الذي يظل رهينا بوتيرة التساقطات المطرية، حوالي 14 في المئة من الناتج الداخلي الخام الوطني ويعد أول قطاع مشغل، بما يوفر سبل العيش ل40 في المئة من الساكنة ،بحسب معطيات لوزارة الفلاحة والصيد البحري.

وتشير دراسات الفريق الدولي للخبراء حول المناخ إلى أن النشاط الفلاحي والتشجير سيساهمان، بفعل دورهما ك”مضخة للكربون” في التخفيف ب20 إلى 60 في المئة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بحلول 2030.

وتظهر هذه الدراسات أن بعض الممارسات الفلاحية الإيكولوجية، كاستعمال الزراعات المغطاة، وتمديد الدورات الزراعية، والزراعة بدون حرث والزرع المباشر، ستخول التقليص بشكل هام من هذه الانبعاثات، لأنها تخول تخزين قدر أكبر من الكربون في التربة على شكل مواد عضوية، مما يزيد من خصوبة التربة ويحسن المردودية ويحد من استعمال المدخلات والمخصبات.

وأبرز الممثل المقيم لمنظمة الزراعة والأغذية (الفاو) في المغرب مايكل جورج هيغ، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء حول الموضوع، أن الفلاحة، بالرغم من كونها أحد الأسباب الرئيسية لتلوث المياه بالفوسفاط والمبيدات والنيترات، فإنها قد تشكل أيضا حلا فعالا أمام التغيرات المناخية، بتسهيلها لتسرب الماء والحفاظ على المناظر القروية وعلى التنوع الحيوي.

كما أكد أن إجتثاث الغابة والرعي الجائر والتوسع الزراعي من بين الأسباب الرئيسية لفقدان التنوع الحيوي في العالم، معربا عن أسفه لأن النشاط الفلاحي يضر أيضا بمستقبله الخاص بفعل تدهور التربة وتزايد الملوحة والاستعمال المفرط للمياه والحد من التنوع الوراثي للزراعات والماشية.

وأوضح أن الفلاحة هي كذلك مصدر رئيسي لامتصاص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، خاصة الميثان وأوكسيدات النترات، التي تساهم بشكل كثيف في تلوث الهواء والماء، حسب المسؤول الأممي الذي أبرز أن التغيرات المناخية ستؤدي إلى انخفاض ملحوظ في الإنتاجية الفلاحية بحلول 2030.

وسيكون لهذا الانخفاض، برأي جورج هيغ، انعكاسات خطيرة على الأمن الغذائي في العالم، لأن المناطق الأكثر تضررا هي تلك المتضررة بشدة من الجوع والفقر.

وأضاف أن ذلك سيؤدي أيضا إلى تزايد أسعار المواد الغذائية، مما سيكون له وقع مباشر على ملايين الأشخاص من ذوي الدخل المحدود، خاصة المنتجون الصغار في البلدان النامية الذين تمثل الفلاحة وسيلة عيشهم.

كما أشار هيغ إلى ضياع أو تبذير حوالي ثلث الإنتاج الغذائي العالمي بعد زراعته، مبرزا أن اعتماد المناهج الرامية للتقليص من التبذير الغذائي سيخول ليس فقط الرفع من فعالية المنظومة الغذائية، بل قد يحد أيضا من الضغط على الموارد الطبيعية ويخفف من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وذكر أيضا بأن المغرب “رغم أنه من البلدان المتسببة بشكل ضعيف في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري”، فإنه “يظل عرضة لآثار التغيرات المناخية، بسبب الخصوصيات المتصلة بالموقع الجغرافي وتنوع منظوماته الإيكولوجية”، مثمنا أن المملكة “وعت مبكرا بهذا الخطر وانسجمت مع التدابير المتخذة على الصعيد العالمي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *