سياحة

أكادير.. السياحة البيئية تجدد العرض السياحي بالمدينة

ترسخت في ذهنية الكثير من السياح المغاربة والأجانب، وكذا لدى متتبعي الشأن السياحي في أكادير أن هذه المحطة تشكل الوجهة السياحية الشاطئية الأولى في المغرب ، وذلك ضمن مجموع الوجهات السياحية الوطنية الأخرى التي يتوافد عليها السياح إما لأجل المتعة، أو لاستكشاف ما تزخر به هذه الوجهات من مؤهلات طبيعية أو تاريخية أو حضارية و غيرها.

غير أن وجهة أكادير كانت منذ عقود خلت من بين المحطات السياحية المغربية القليلة التي أولت اهتماما خاصا لتنويع منتوجها ، وذلك من خلال البحث عن الفرص المتاحة للرفع من العرض السياحي لهذه الوجهة عبر تثمين المؤهلات الطبيعية المختلفة المتوفرة في المنطقة، وفي مقدمتها المؤهلات البيئية.

فمنذ عقود خلت ، بادر الفاعلون المحليون في أكادير بإنشاء حديقة “وادي الطيور” في قلب المنطقة السياحية لمدينة أكادير ، وعلى مقربة من شاطئ المدينة الذي يشكل رأسمالا لا يقدر بثمن عندما يتعلق الأمر بتسويق هذه الوجهة السياحية وطنيا ودوليا ، حيث شكلت هذه الحديقة التي لازالت تحظى بعناية متواصلة من طرف المجالس المنتخبة ، تحفة بيئية ، يتوافد عليها مئات الآلاف من السياح المغاربة والأجانب على امتداد شهور السنة للاستمتاع بما تحتوي عليه من أصناف الاشجار والكائنات الحية.

وتحتوي حديقة “وادي الطيور” على العشرات من فصائل الطيور المنتمية إلى مناطق مختلفة من العالم، خاصة المناطق المدارية، سواء منها المتواجدة في أفريقيا أو في القارة الأمريكية، إلى جانب احتواء الحديقة على بعض الحيوانات التي تم جلبها من مناطق بعيدة من أقصى الكرة الأرضية، كما هو الشأن مثلا بالنسبة لحيوان الكنغر الذي يعيش في غابات استراليا، والأيل الجبلي ، واللاما التي تستوطن بعض أماكن أمريكا الجنوبية، وبعض أصناف الغزلان التي تستوطن الأدغال الأفريقية.

وفي سياق اجتهاد الفاعلين السياحيين في أكادير لتثمين المؤهلات البيئية المحلية من أجل تجديد وتنويع المنتوج السياحي لهذه الوجهة، بادروا منذ أزيد من عقد إلى إنشاء المدار السياحي المعروف باسم “وادي الجنة” الذي يشكل جوهرة إيكولوجية تجمع بين المناظر الجبلية الخلابة لمنطقة إيموزار إداوتنان، وما يتخللها من عيون ومجاري للمياه ، وتنوع للغطاء النباتي المتشكل في أماكن مختلفة من أشجار فريدة مستوطنة للمنطقة كما هو الشأن ، على سبيل المثال لا الحصر، بالنسبة لشجر الأركان.

وقد ساير المجلس الجهوي لسوس ماسة هذه الدينامية الرامية إلى استثمار المؤهلات الطبيعية والبيئية وغيرها من المؤهلات الأخرى من أجل تنويع العرض السياحي لأكادير وعموم أقاليم جهة سوس ماسة، حيث بادر المجلس قبل أزيد من عشر سنوات بخلق صندوق خاص لدعم إنشاء المقاولة الصغرى السياحية التي تتخذ من العالم القروي والمناطق الجبلية مجالا لاشتغالها.

وقد أدت هذه المبادرة إلى خلق العديد من المنشآت السياحية التي أغنت العرض السياحي لجهة سوس ماسة ، خاصة في شقه المرتبط بالسياحة البيئية، حيث حظيت المشاريع الاستثمارية المحدثة التي أولت اهتماما خاصا لتثمين المؤهلات البيئية للمنطقة بدعم مالي ، مما شجع على استقطاب مزيد من السياح المغاربة والأجانب الراغبين في استكشاف خبايا وخصوصيات العمق الترابي في هذه الجهة من المملكة ، وما يزخر به هذا المجال الجغرافي من إمكانيات بيئية، ومن خاصيات مجتمعية متأصلة في عمق التراث المغربي الأصيل.

وقد توج هذا المجهود الذي انخرط فيه مختلف الفاعلين في الحقل السياحي بأكادير وجهة سوس ماسة باكتساب هذه الوجهة لسمعة عالمية في مجال السياحة البيئية، وهذا ما يعكسه حصول الوحدة السياحية “إيكولودج أطلس قصبة ” الواقعة على مشارف مدينة أكادير ، على الجائزة الدولية للسياحة المسؤولة ، وذلك خلال انعقاد الدورة ال36 للمعرض الدولي للسياحة بلندن ، المعروف باسم “وورلد ترافل ماركت”.

وقد تم اختيار “إيكولودج أطلس القصبة” من ضمن 600 وحدة أخرى موزعة عبر مختلف بقاع العالم ، تنافست من أجل الفوز بهذه الجائزة في شقها المتعلق بأحسن فندق متخصص في تثمين المؤهلات المحلية ، وهي مسابقة تنظم سنويا من أجل تشجيع افضل المبادرات الخاصة بالسياحة المسؤولة عبر العالم ، وتشرف عليها لجنة تحكيم تضم حوالي 30 مهنيا وأخصائيا دوليا ينتسبون إلى مهن السياحة ، والجامعة ، والصحافة المتخصصة ، والاستشارة السياحية.

وقد بادر القطاع الخاص في أكادير بدوره إلى الانخراط في هذه الدينامية المتجددة لجعل السياحة البيئية من بين الدعامات الأساسية للترويج لوجهة أكادير ومنطقة سوس ماسة ، حيث بادر مستثمرون خواص قبل حوالي ثلاث سنوات إلى إنشاء حديقة التماسيح بأكادير (كروكوبارك)، التي شكلت إضافة نوعية حقيقية للمؤهلات السياحية لوجهة أكادير، خاصة في شقها المرتبط بالمجال البيئي.

وتمتد حديقة “كروكوبارك” ، التي تعتبر أول حديقة للتماسيح في المغرب ،على مساحة تصل إلى حوالي أربعة هكتارات ، حيت تحتضن هذه المنشأة ذات الوظائف المتعددة أزيد من 300 تمساح ، إلى جانب العديد من النباتات الموزعة عبر أربع حدائق موضوعاتية ، حيث كلف إنجاز هذه المنشأة الفريدة من نوعها بالمغرب استثمارا ماليا يناهز حوالي 40 مليون درهم.

والواضح أن التنويع المتجدد والمتواصل في ما يتعلق بالمنتوج السياحي لوجهة أكادير، خاصة في شقه المتعلق بالسياحة البيئية ، قد بلغ مستوى من التطور يؤهله لجذب مزيد من السياح لاسيما في ظل تنامي الإقبال المتواصل على الصعيد العالمي على السياحية الإيكولوجية. ومن تم فقد أصبح من الضروري جدا أن يبادر المهنيون ومختلف الفاعلين في المجال السياحي ، محليا ووطنيا، لإطلاق حملة تسويقية ذات نفس جديد ومتطور، توازي التطور الذي بلغه العرض السياحي البيئي المتنوع في هذه الوجهة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *