متابعات

المغرب والاحتجاجات.. كيف يتم تدبيرها؟

ترفض السلطات المغربية الترخيص لعدد من المظاهرات، وتلجأ أحيانا إلى العنف من أجل فضها.

آخر التدخلات الأمنية كانت ضد مسيرة 20 يوليوز في مدينة الحسيمة، والتي دعا قائد الحراك ناصر الزفزافي إلى تنظيمها قبل اعتقاله.

منع هذه المسيرة جاء عبر موقف رسمي عبرت عنه الحكومة، بمبرر أنها “تشكل خطرا على الأمن العام، وأنه لا يُعرف من يقف وراء الدعوة إليها في منصات التواصل الاجتماعي”.

لكن في مقابل ذلك، نُظمت مسيرة احتجاجية في الدار البيضاء، خلال أكتوبر 2016، لم تخرج أي جهة لتبنيها أو الدعوة إليها، كما لم يتم منعها، بل طبعها سوء التنظيم والفوضى، ورفعت حينها شعارات مناهضة لحزب العدالة والتنمية.

كيف يتم الفصل بين احتجاج ممنوع وآخر مرخص له؟

يجيب الناشط الحقوقي محمد الزهاري عن هذا السؤال بالقول إن “الأمر يدبر بمزاجية واضحة في تغييب تام للقانون، وفي كثير من الأحيان تُنظم مسيرات في شوارع عمومية دون سلوك مسطرة التصريح المنصوص عليها في القانون المنظم للتجمعات العمومية”.

ويعتبر الزهاري، أن ذلك يكون إما رضوخا من السلطة لـ”قوة الشارع أو مشروعية المطالب”، كما حدث مثلا خلال مسيرات 20 فبراير سنة 2011، أو مع مسيرات الأساتذة المتدربين.

ويضيف أن بعض هذه المظاهرات “يكون أصلا بإيعاز من السلطات العمومية دون الإفصاح عن ذلك علانية كالمسيرة التي نظمت ضد الحزب الشعبي الإسباني خلال سنة 2010 أو التي نظمت خلال سبتمبر 2016 ضد عبد الإله بنكيران”، على حد تعبيره.

وفي السياق ذاته، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الرحيم العلام، إن أغلب المسيرات الوطنية التي كانت في العاصمة الرباط خرجت من دون ترخيص سواء كانت مؤيدة للسلطة أو ضدها.

واستشهد العلام على ذلك بأن مسيرات 20 فبراير كانت دائما من دون ترخيص، ومع ذلك سمحت لها السلطات.

أما على مستوى الممارسة، يضيف الناشط الحقوقي “ترفض العديد من المصالح الإدارية المختصة استلام طلبات التصريح لتنظيم المسيرات في الطرق العمومية، وحتى وإن استلمتها، فهي لا تمنح بالمقابل وصولات عنها”.

ويتابع: “نحن مع كامل الأسف نعيش في دولة التعليمات التي تحقر القانون، والشيء نفسه نعاني منه عندما نصرح بتأسيس أو تجديد جمعية ما”.

شروط التدخل؟

يتحدث العلام، عما اعتبرها عددا من الإجراءات التي ينبغي القيام بها، قبل منع أي مسيرة كالتحذير عبر مكبرات الصوت، كما أن رد فعل قوات الأمن يجب أن يكون متناسبا مع حجم الفعل.

ويوضح أستاذ العلوم السياسية ذلك، قائلا “إذا كان المحتجون من دون سلاح أو حجارة، فلا يجوز ضربهم، بل يمكن إزاحتهم عن الطريق من دون استعمال أي وسيلة من وسائل القمع، وفي حال تمادى المتظاهرون فيجب أن تكون القنابل المستعملة متوافقة مع الشروط الصحية”.

سلطة تقديرية؟

وبينما يؤكد الخبير الدستوري رشيد لزرق أن الأصل يبقى هو الحرية، فإنه يوضح أن “سكوت السلطات يعني الترخيص للتجمعات، والمنع هو الاستثناء”.

ويشدد لزرق،، أن قرار وزارة الداخلية بمنع مسيرة 20 يوليوز هو “رسالة على رفض الابتزاز، وذلك بناء على ما قالت إنها تتوفر عليه من صلاحيات قانونية واضحة في هذا الشأن”.

ويضيف المتحدث أن ذلك “قرار يعبر عن رفض ابتزاز الدولة”، مردفا أن “التكتيك الابتزازي لا يساعد على تجسير الفجوة بين أهل الحسيمة والدولة، وبات عامل الوقت يشكل أداة ضاغطة”.

ودعا لزرق الحكومة المغربية إلى “توخي الحذر خاصة إذا ما تبين لها أن تقليص الاختلافات يخدم بالدرجة الأولى مصالح أطراف توظف الحراك لتصفية الحسابات مع الدولة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *