مجتمع

المحجبات المغربيات ونظرة الكراهية والميز بالمجتمعات

مؤخرا، أثار مسؤول بإحدى القنوات التلفزية الوطنية في المغرب جدلا بعدما هاجم وزيرة انطلاقا من حجابها، قبل ذلك ظهرت سيدة أميركية محجبة في شريط مصور وهي تعبر عن امتعاضها لمنعها من السباحة في مسبح خاص في المغرب بسبب ارتدائها “البوركيني”.

أسماء عديدة لإعلاميات مغربيات كن بارزات في فترات معينة اختفين فجأة عن شاشة التلفاز بعد ارتدائهن الحجاب، ينضاف إلى ذلك ما يثار من حين إلى آخر عن تعرض محجبات لـ”الإقصاء” و”الحرمان” من ولوج وظائف معينة سواء في القطاع الخاص أو العام بسبب لباسهن.

حرمان من التوظيف والترقي

رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، عزيزة البقالي، تؤكد أن عددا من النساء المحجبات “يتعرضن للإقصاء” و”يحرمن من ولوج وظائف معينة سواء في القطاع العام أو الخاص” الأمر الذي تعتبره “مرفوضا لأنه ينقص من هؤلاء النساء ويحرمهن من الحق في التوظيف أو الترقي لمجرد ارتدائهن الحجاب”.

وحسب البقالي فإن عددا من النساء “يكن في حاجة إلى الوظيفة ويجدن أنفسهن مضطرات لنزع الحجاب في فضاء العمل وارتدائه بمجرد مغادرته”.

وتوضح رئيسة المنتدى، الذي سبق له الإشارة إلى هذا الموضوع في تقريره الموازي الذي بعثه لجمعية الأمم المتحدة، السنة الماضية، أن “هذا الميز ليس له أي سند قانوني ولا دستوري ولكن تعكسه الممارسة”، من ثمة تشير إلى أن “عددا من المحجبات قد يرفضن أو يطردن من وظائف معينة لأسباب بعيدة عن الحجاب والواقع أن الحجاب هو السبب الوحيد غير المعلن”.

وتختم المتحدثة، بالقول “نحن اليوم لا نناضل من أجل تغيير القوانين حتى تمنح المحجبات امتيازا معينا، ولكن نناضل من أجل أن يطبق القانون في تكافؤ الفرص وحتى لا تدخل الاعتبارات الأيديولوجية أو اعتبارات مرتبطة بحرية اللباس في تقييم أداء الفرد أو ولوجه منصبا من المناصب”.​

سكيزوفرينيا القانون والواقع

عضو حركة “مالي” للدفاع عن الحريات الفردية، سفيان فارس، من جانبه يرى أن هذا “هو أحد المواضيع التي تعكس السكيزوفرينيا التي يعيشها المجتمع بين النصوص القانونية والممارسة الواقعية” على حد تعبيره.

ويوضح فارس رأيه بالقول إن “هذا الميز غير موجود على مستوى القانون ولكنه حاضر على مستوى الممارسة” مبرزا “غياب أي نص قانوني يشير إلى أن المرأة التي ترتدي الحجاب ممنوعة من ولوج مناصب معينة”.

ولا يخفي فارس موقفه من الحجاب بقوله إنه “يعكس القهر والظلم اللذين تعانيهما المرأة” غير أنه في الوقت نفسه يعبر عن موقف يعارض التضييق الذي تعانيه المرأة خلافا للرجل بقوله “الرجل بغض النظر عن شكله لديه حرية وحق ولوج أية وظيفة بينما يتم التركيز على المرأة وعلى ما ترتديه في أية مناسبة وأي فصل”.

ضد الحجاب

من جهتها تعبر الناشطة الحقوقية، وأحد أبرز المدافعات عن الحريات الفردية في المغرب، ابتسام لشكر، عن موقف يعارض الحجاب كليا كمبدأ.

وتؤكد لشكر على أن معارضتها للحجاب تأتي من منطلق أنه “ليس اختيارا ولا حرية بل هو اضطهاد” كما أنه حسبها، “لباس ذكوري وأبوي يعكس سيطرة الرجل على جسد المرأة وحريتها”.

وبخصوص منع النساء من ولوج وظائف معينة انطلاقا من ارتدائهن للحجاب، تعبر لشكر عن موقف مشابه لفارس بقولها إنه على هذا المستوى نجد “الفرق بين الرجل والمرأة” مبرزة أنه “في الوقت الذي تمنع امرأة بسبب ارتدائها الحجاب لا أحد يقول للرجل إن عليه حلق لحيته مثلا”.

وبغض النظر عن هذه الفكرة التي تعكس الميز الذي قد تعانيه المرأة بسبب زي يعكس قناعة معينة خلافا للرجل الذي قد لا يواجه مشكلا مماثلا، تؤكد لشكر في ختام تصريحها على أنها “ضد الحجاب من الأصل وبالتالي فأنا ضده حتى في تلك الأماكن”.

إشكال قانوني

المحامي في هيئة تطوان، نوفل البعمري، بدوره يشدد على غياب أي سند قانوني لمنع أي سيدة من ولوج وظيفة أو فضاء معين بسبب الحجاب.

ويوضح المتحدث، أن الإشكال يُطرح حين تحدد فضاءات أو مؤسسات خاصة في قانونها الداخلي لباسا معينا يفترض أن يرتديه مرتادوها.

ويتابع البعمري موضحا أنه في تلك الحالة قد يتم تبرير منع المحجبة بوجود قانون داخلي “بمعنى أن الأمر ليس مفروضا على العموم إنما على الناس الذين لجؤوا لذلك المكان أو إلى تلك الوظيفة” يشرح المتحدث.

ولا يبدو أن هناك حسم واضح بهذا الخصوص حين يتعلق الأمر بمؤسسة خاصة، إذ يقول البعمري إن المؤسسة هنا ستبرر الأمر وستقول إنه “لا يعكس اعتداء على حق الآخر لأنه ليس مفروضا عليه ولوج ذلك المكان من الأصل” وإن كان الأمر هنا يطرح إشكالا على أساس “تعارض القانون الداخلي مع الدستور وباقي القوانين المعمول بها”.

في المقابل يبدو أن الإشكال قابل للحل حين يتعلق الأمر بوظيفة عمومية، إذ يقول المتحدث إن “الوظيفة العمومية مفتوحة لجميع المغاربة دون ميز وهي حق للجميع بغض النظر عن اللباس”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *