مجتمع

لاجئون مغاربة.. هذه هي الأسباب التي جعلتهم يغادرون المغرب

شباب مغاربة، اضطروا لمغادرة البلد الذي ولدوا ونشأوا فيه نحو بلدان أخرى بسبب “ضغوط” تعرضوا لها سواء من طرف المجتمع أو من طرف السلطة، نتيجة آرائهم السياسية، ميولاتهم الجنسية أو موقفهم من الدين.

تختلف أسبابهم ولكن النتيجة واحدة، هذه قصص أربعة شبان مغاربة غادروا بلدهم ويعيشون في بلدان مختلفة بصفة “لاجىء”.

ريان: “بلدي لم يتقبلني كما أنا”

​”لماذا سأعود إلى المغرب؟ المغرب لم يتقبلني كما أنا. كنت أعمل وأقوم بواجباتي وأؤدي الضرائب للدولة ولكن الدولة لم تحمني”، هذا كان رد ريان، شاب مغربي، يعيش كلاجئ في هولندا منذ سنة، على سؤال حول ما إذا كان يفكر في العودة إلى المغرب.

يتذكر ريان بألم وأسف شديدين “مضايقات” يقول إنه كان يتعرض لها في الشارع، في العمل، وفي مختلف الأماكن بسبب ميولاته الجنسية، بالرغم من أنه، كما يؤكد، لم يكن يعمد إلى “استفزاز” أحد لا بشكله ولا بسلوكه.

يبلغ ريان من العمر 26 عاما، ولد ونشأ في مدينة الرباط، درس هندسة المعلوميات، وكان يعمل كمهندس مختص في تحليل النظم في إحدى الشركات.

بدأت المشاكل بالنسبة لريان إثر ظهوره قبل نحو خمس سنوات بوجه مكشوف في فيلم وثائقي بعنوان “أنا مثلي ومسلم”.

اضطر لترك بيت العائلة، وإلى جانب المشاكل التي واجهته مع عائلته والتي وصلت حد المقاطعة المستمرة إلى اليوم، يقول ريان إنه واجه مشاكل أخرى في عمله وفي الشارع بسبب تعرف الناس عليه.

“من الصعب أن يحاسبك الناس في عملك عن أمور تهم حياتك الشخصية” يقول ريان، مبرزا أنه فجأة أصبح مرفوضا من طرف زملائه في الشركة، ووصل الأمر حد التشكي ضده لدى النقابة ولدى مصلحة الموارد البشرية.

لم يعد يشعر بالأمن والحرية، فهو حسب ما يؤكده، صار يعيش في “رعب مستمر” وحالة أشبه بـ”الانفصام في الشخصية” جعلته يداوم على زيارة الطبيب النفسي ثلاثة أشهر كاملة بعد لجوئه إلى هولندا.

رغم المشاكل التي واجهها، إلا أن قرار اللجوء لم يكن سهلا، “إنه أصعب قرار اتخذته في حياتي” يقول ريان، مردفا “كان لا بد من التضحية، وأنا ضحيت، ضحيت بأصدقائي، وضحيت ببلدي، فأنا أحب بلدي” قبل أن يستدرك مؤكدا “ولكنه لم يتقبلني، في حين أنني هنا أتمتع بحقوقي، صحيح لا أشعر أنني جزء من هذا المجتمع 100% ولكن على الأقل حين أخرج إلى الشارع لا أحد ينظر إلي، ولا أحد يحاسبني انطلاقا من ميولي الجنسي”.

هشام: “قصتي عنوانها الظلم المتكرر”

عشرة أشهر قضاها الصحافي والناشط الجمعوي الذي كان يشغل منصب مدير المشاريع في الجمعية المغربية لصحافة التحقيق، هشام المنصوري، في السجن، عام 2015 بعدما وجهت له تهمة “إعداد منزل للدعارة والمشاركة في الخيانة الزوجية”، التهمة التي ظل ينفيها ويؤكد بأنها “ملفقة”.

غادر أسوار السجن في بداية العام الماضي، ليفاجأ بكونه مهدد بالعودة إليه حين وجهت له تهمة أخرى هي “المس بأمن الدولة”، ما دفعه إلى مغادرة المغرب.

“أختصر قصتي في الظلم المتكرر”، بهذه الجملة القصيرة استهل المنصوري، قصته، مسترجعا ذكريات متابعته وحبسه عام 2015، “عناصر الشرطة هم من قاموا بتعريتي وعنفوني، رغم ذلك وأثناء المحاكمة كانت هناك العديد من الأدلة التي جعلتني متأكدا من أنه ستتم تبرئتي” يقول المنصوري.

صدر حكم بحبس المنصوري، ومباشرة بعد مغادرته السجن فكر في مغادرة البلاد، لم يقض سوى ليلة وحيدة في المغرب بعد إطلاق سراحه بعدها توجه نحو تونس ثم بولونيا وأخيرا فرنسا حيث يوجد حاليا وحيث يتابع دراسته في العلوم السياسية، “لم يكن في جيبي حين غادرت سوى 200 أورو، حتى ملابسي لم أحملها معي، كنت أشبه بمتشرد”.

يؤكد المنصوري أن ما تعرض له والتهمة التي سُجن على أساسها خلفت آثارا عميقة لديه ولدى عائلته التي تنحدر من قرية صغيرة ومحافظة، “لم يعد في إمكان عائلتي العيش في تلك القرية وسط نظرات وتساؤلات الناس”، ينضاف إلى ذلك، حسب ما يؤكده، “تعرضهم لضغوط أخرى عديدة”.

“لم يكن قرار اللجوء سهلا ولا اختياريا، لقد كنت أعيش في بلدي، قريبا من عائلتي، كنت أعمل، كما كنت مكلفا بأخ لي يتابع دراسته” يقول المنصوري مشيرا إلى أنه يعيش حاليا على مساعدة الدولة المحددة في مبلغ 300 أورو شهريا لأنه ما يزال غير مسموح له بالعمل.

رغم الصعوبات لم يندم هشام على قرار اللجوء، غير أنه وفي الوقت نفسه، يؤكد استعداده العودة إلى المغرب ابتداء من الغد ولكن بشرط وحيد: “توفير محاكمة عادلة”.

رضا: “اللجوء ليس اختيارا”

​رضا كورا صحافي مغربي يقدم نفسه كـ”صحافي ومناضل ومعارض سياسي”، كان من الشباب المنتمين إلى حركة “20 فبراير”.

يؤكد رضا أنه وجد نفسه مضطرا لمغادرة المغرب بعد مجموعة من الأحداث التي جعلته يشعر بأنه “لم يعد في مأمن”، آخرها اعتراض شخصين ملثمين ومسلحين بسيوف طريقه وسرقتهما لحاسوبه وحقيبته التي كانت تضم جميع وثائقه الشخصية، حسب ما يؤكده.

“عرفت بأن الحادث مدبر من شكل الشخصين اللذين هاجماني واللذين لم يكن يظهر عليهما أنهما لصين، وتأكدت حين توجهت إلى مركز الشرطة وتهاونوا في كتابة المحضر وتعاملوا مع الأمر بمنتهى البرودة”.

لم يمر على الاعتداء سوى أيام قليلة قبل أن يتوجه رضا نحو فرنسا، وهناك وبمجرد نزوله من الطائرة بحث عن شرطة المطار للتقدم بطلب اللجوء.

“اللجوء ليس اختيارا والجنة ليست في مغادرة المغرب” يقول رضا مبرزا أنه وبالرغم من أن أسرته كانت تعيش في فرنسا إلا أنه لم يفكر أبدا في الهجرة وظل يعيش في المغرب قريبا من جده وجدته.

لم يتمكن رضا من إخبار أسرته عن تقدمه بطلب اللجوء إذ يوضح أنهم لم يعلموا بالأمر سوى بعد انتشار الخبر على الإنترنت، “شعروا بالخوف لدرجة أن والدتي لم تتمكن من دخول المغرب منذ أتيت إلى فرنسا”.

منذ سنة تقريبا ورضا في فرنسا، مستمر في كتابة مقالاته اللاذعة وممارسة أنشطته السياسية التي يعبر من خلالها عن موقفه من النظام المغربي، الأمر الذي يجعله اليوم يستبعد فكرة العودة إلى المغرب، خصوصا بعدما علم وهو هناك بتوصله باستدعاء من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمغرب.

“فكرة العودة حاضرة لدي منذ أسابيعي الأولى في فرنسا، ولكن لا يمكنني أن أغامر وأعود لأنني أعرف ما ينتظرني، سيتم اعتقالي بمجرد نزولي من الطائرة”.

قاسم.. أشهر ملحد مغربي

​بوجه مكشوف وبصوت عال عبر قاسم الغزالي عن موقفه من الدين حين خرج ليؤكد بأنه ملحد.

لم يتردد الغزالي في التعبير عن موقفه من خلال مقالاته وتصريحاته لوسائل الإعلام، الأمر الذي عرضه حسب ما أكده في خرجات إعلامية، لـ”ضغوط من المجتمع”.

“لا يوجد شخص يرغب في مغادرة وطنه أو يرغب في مغادرة محيط عيشه الذي يحتضن ذكرياته وجزء من تاريخه” هكذا تحدث الغزالي في إحدى إطلالاته الإعلامية عن سبب مغادرته المغرب ولجوئه إلى سويسرا حيث يعيش اليوم.

ويتابع الغزالي في ذات اللقاء أن المسألة بالنسبة له كانت “مسألة حياة أو موت” مردفا في تفسيره سبب تعرضه لضغوط “الإشكال في المغرب أننا نعاني من أزمة المقدسات الثلاثة؛ الدين والسياسة والمجتمع وحين يخرج إلى العلن صوت ما رافض لأحد هاته المقدسات الثلاثة يكون مصيره الاضطهاد والقمع والتضييق من حريته ويصل في أحيان كثيرة إلى الرغبة في الحد من حياته”.

في لقاء آخر يؤكد الغزالي أن موقفه “واحد من كل الأديان” مضيفا أن “مسألة عدم الإيمان تأخذ مراحل من التطور ومراحل من التفكير”، موضحا أن الأمر بدأ بالطريقة التي كانت تواجه بها الأسئلة التي كان يطرحها وهو طفل صغير من قبيل “من خلق الله؟”.

رحلة بحث الغزالي عن أجوبة لأسئلته أوصلته إلى عدم الإيمان وهو ما عبر عنه بشكل علني أثناء تواجده في المغرب وبعد مغادرته له نحو سويسرا كلاجئ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *