مجتمع

اغتصاب الأطفال بالمغرب.. ماهي الأسباب والحلول للحد من هذه الظاهرة؟

بعد ظهوره في فيديو وهو ينزف ألما، توفي شخص، عقب ضبطه وهو يحاول اغتصاب طفلة بداية الشهر الجاري بمكناس، وذلك بسبب جروح أصيب بها بعدما عمد شباب ضبطوه إلى تذويب البلاستيك على جهازه التناسلي، معتبرين أنهم “أحق بمعاقبته من السلطات”.

هذه الحادثة تعيد الجدل بخصوص قضية العقوبات التي يستحقها “البيدوفيليون” لمواجهة اغتصاب الأطفال.

ما هي أسباب استمرار انتشار اغتصاب الأطفال؟ وإلى أي حد يمكن للعقوبات القانونية أن تنعكس على الظاهرة؟ وهل العقوبات التي يصفها مدافعون عن حقوق الأطفال بالمخففة هي السبب في استمرار الاعتداءات الجنسية على أطفال المغرب؟

أديب: الإخصاء هو الحل:

لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال في المغرب، لكن هذه الظاهرة خرجت من خانة المسكوت عنه، لتصبح موضوع نقاش بين مختلف فعاليات المجتمع من حقوقيين وجمعيات وإعلام، حول الأسباب المؤدية إلى استمرارها والحلول الناجعة لمواجهتها.

رئيسة جمعية “ما تقيش ولادي” لحماية الطفولة، نجية أديب، تؤكد أن “العقوبات المخففة من الأسباب الرئيسية التي تساهم في انتشار اغتصاب الأطفال في المغرب بصورة خطيرة”.

وتضيف أديب، أن هناك أسبابا أخرى تساعد على استمرار الظاهرة مثل “انعدام التوعية الأسرية وغياب التربية الجنسية وانعدام تأطير الأطفال المنحرفين وغياب مهام الإصلاح والإدماج في المؤسسات السجنية”.
مواجهة هذه الظاهرة ومحاربتها تستدعي، حسب أديب، عقوبات صارمة في حق “البيدوفيليين”، موضحة أن “العقاب الأنسب هو الإخصاء حتى نجعل المعتدين يفكرون ألف مرة قبل أن يقوموا باغتصاب طفل”.

حركات: لا بد من التأطير النفسي

إذا كانت رئيسة جمعية “ما تقيش ولادي” ترى أن العقوبات الزجرية الصارمة هي وحدها الكفيلة بمواجهة “البيدوفيليا” في المغرب، فإن المختص النفسي والباحث في علم الاجتماع، أبو بكر حركات، يرى أن العقاب الزجري وحده غير مجد، بل يجب أن يكون بالموازاة مع مواكبة نفسية وجنسية.

ويشرح حركات فكرته، موضحا أن “الطرح الذي يقول إن ‘البيدوفيليا’ ليست مرضا طرح خاطئ ويجب إعادة النظر فيه، لأن ‘البيدوفيليا’ توجه جنسي يؤدي إلى ممارسة سلوك قهري”.

“ولذلك نجد أن الكثير من مغتصبي الأطفال واعين بأن ما يقومون به انحراف في السلوك ويدخل في خانة الإجرام، كما أن هناك آخرين بينهم ممن تعرضوا بدورهم للتحرش أو الاغتصاب خلال طفولتهم”، يردف حركات.
ومن المعروف أن ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال موجودة في جميع المجتمعات في العالم، لكن بنسب متفاوتة، حسب المختص النفسي، مبرزا أن الفرق يكمن في أن بعض هذه المجتمعات تضع، بالموازاة مع الآليات القانونية، علاجات نفسانية وجنسانية للمعتدي، وبالتالي فإنها تعالج المشكل من جذوره، وهناك دول، مثل المغرب، تزجر قانونيا فقط، وهو أمر غير كاف، على حد رأيه.

ويعتبر حركات، في هذا الصدد، أن “القانون لا يعكس سوى تعامل المجتمع مع الظاهرة، فإذا كان المجتمع كله يتساهل معها، لن ننتظر أن ينتج عن القانون حل للمشكل. الحل إذن هو أن يضغط المجتمع حتى تتغير القوانين”.

الشريعي: التوعية والزجر معا

​بالنسبة لرئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، محمد رشيد الشريعي، فإن ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال “في تصاعد ملحوظ بالمغرب، والعقوبات بخصوص هؤلاء يجب أن تكون صارمة وقاسية، لأنها تعادل في آثارها القتل، إذ إن اغتصاب طفل قد يدمر حياته بأكملها”.

ويضيف الشريعي، أن “ما يساهم في انتشار الظاهرة على نحو كبير هو إطلاق سراح بعض المغتصبين بعد قضائهم مدة قصيرة في الحراسة النظرية لاعتبارات غير مفهومة يتدخل فيها القاضي، بالرغم من أن الملف قد يتضمن معطيات تؤكد قيام المتهم بالجريمة”.

تخفيف العقوبات ليس وحده المسؤول عن استمرار الاعتداء الجنسي على الأطفال، حسب الشريعي، ولكن أيضا غياب التوعية والتأطير داخل السجون.

“الجانبان التوعوي والزجري يجب أن يكونا جنبا إلى جانب في عملنا لوقف هذا النزيف”، يستطرد رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *