مجتمع

القتل بواسطة السلاح.. هل دخلت الجريمة المنظمة للمغرب؟

الاعتداء الذي شهدته مدينة مراكش، مساء الخميس، وخلف قتيلا ومصابين، أثار حالة من الصدمة بسبب طريقة تنفيذه والسلاح المستعمل فيه، خصوصا وأنه قبل أشهر قليلة شهدت مدينة الدار البيضاء واقعة مماثلة، إلى حد ما، حين لقي برلماني مصرعه إثر إطلاق النار عليه داخل سيارته، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عما إذا كانت الجريمة المنظمة دخلت المغرب؟

تحدي جديد

رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، عبد الرحيم المنار اسليمي، يرى بأن “الجرائم الأخيرة التي وقعت في المغرب، ومنها حادث الهجوم على مقهى بمراكش، تشير إلى أن المغرب دخل مرحلة الجريمة المنظمة العابرة للقارات”.

ويتابع اسليمي موضحا بخصوص أسباب ذلك النوع من الجرائم أنها “ترتبط بصراعات تجري في الخارج بين عصابات مكونة من جنسيات مختلفة يكون ضمنهم مغاربة ويكون موضوعها الاتجار الدولي في المخدرات وغسيل الأموال تصفى فيه الحسابات فوق أراضي الدول التي يحمل جنسياتها الأفراد المكونين لهذه العصابات”.

وحسب المتحدث فإن ما سبق “يفسر الجرائم الأخيرة المتعلقة بحادث قتل البرلماني مرداس أو حادث الهجوم على مقهى بمراكش”، مضيفا أن “درجة المخاطر الأمنية ترتفع مع دخول الجريمة المنظمة العابرة للقارات إلى المغرب لكون الأمر يتعلق باستعمال السلاح الفردي الدقيق”.

وتوقع اسليمي أن “تفتح أجهزة الأمن بالمغرب تحقيقات واسعة في النقطة المتعلقة بالأشخاص ودخول السلاح” مضيفا أن “المعابر الحدودية في سبتة ومليلية والموانئ قد تكون مصدر دخول ذلك النوع من الأسلحة الفردية الخطيرة، فالأمر يتجاوز بندقيات الصيد إلى أسلحة جديدة وعصابات تتنقل عبر الحدود لتصفية الحسابات” يقول المتحدث الذي يردف أن “هذا هو التحدي الأمني الجديد”.

توقع الأسوأ

بدوره، أوضح الخبير في علم الإجرام، رشيد المناصفي أن الحادث الذي وقع في مدينة مراكش، “يصنف في الجريمة المنظمة التي يدخل في إطارها القتل المحترف”.

وحسب المناصفي فإنه “عندما يكون هناك تطور اقتصادي واجتماعي لأي بلد، يرافقه تطور في الجريمة”، مبرزا في أن الجريمة أحيانا “تتفوق على الأمن وتكون متطورة أكثر منه”.

وحسب المتحدث فإن المتورطين في اعتداء مراكش “إما أنهم مغاربة من الخارج يحترفون ذلك النوع من الجرائم أو أنهم مغاربة في الداخل طوروا أسلوبهم اعتمادا على الأنترنت”.

وفي الوقت الذي يتساءل الكثيرون عن الطريقة التي حصل بها منفذو ذلك الاعتداء على السلاح الناري، يؤكد المتحدث أنه “لم يعد من الصعب الوصول إلى السلاح الناري في المغرب”، مشيرا إلى “توفره” على مستوى الحدود مع بعض البلدان.

ورغم أنه يتفق مع كون ذلك النوع من الجرائم “جديد على المغرب”، إلا أن المناصفي يحذر في الوقت نفسه من أنه “في حال لم يحاربها المغرب بطريقة احترافية الآن فلن يتمكن من السيطرة عليها مستقبلا”، مردفا أنه يتوقع “الأسوأ”.

ويتابع الخبير المغربي مفسرا توقعه ذاك بـ”الوضعية الاجتماعية والاقتصادية” إذ يعتبر أن عواملا مثل البطالة “تساهم في تطور وانتشار الجريمة” التي يشدد على أن “محاربتها لا تتم بكثرة عناصر الشرطة والسلاح بل بمعالجة الأسباب التي تؤدي إليها” حسب رأيه.

حوادث عرضية

إذا كان المناصفي يتوقع “الأسوأ”، فإن الخبير والإطار الأمني المتقاعد، محمد أكضيض، يؤكد أن الأمر يتعلق بـ”حوادث عرضية”، مضيفا بخصوص اعتداء أمس أنه “جريمة محدودة الآثار في الزمان والمكان”.

وحسب أكضيض فإن كون “المغرب بلد سياحي ومنفتح على الاستثمارات الأجنبية”، يجعله معرضا لـ”حوادث عرضية” من ذلك القبيل.
ويتابع في السياق نفسه موضحا أن “الجريمة المنظمة تحاول أن تضع قدميها في المغرب إما لاختباء بعض أعضائها أو لتصفية الحسابات”.

مع ذلك يؤكد المتحدث على أن ما وقع “لا يؤشر على دخول الجريمة المنظمة للمغرب” مضيفا أن “الأمن المغربي يشتغل ولا يترك شيئا للصدفة” وأن “قوته قادرة على احتواء مثل هذه الحوادث”.
وبخصوص السلاح الناري يقول أكضيض إنه “يبقى خطا أحمرا في المغرب”، مردفا بشأن طريقة دخوله أن “تفكيك قطعة من السلاح” قد يسهل دخولها خصوصا مع “توفر السلاح” على مستوى بعض الحدود، حسب ما يؤكده.

ويشدد أكضيض على “تفوق العمل الأمني في المغرب” مرجعا ذلك إلى “التنسيق بين مصالح المديرية العامة للأمن الوطني والاستخبارات والمكتب المركزي للأبحاث القضائية” لافتا في السياق نفسه إلى أن من العوامل المساهمة في ذلك “التنسيق” كون “المدير العام للأمن الوطني هو نفسه المدير العام للاستخبارات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *