متابعات

ماجدوى الانتخابات في المغرب إن لم يكن من بين أهداف الأحزاب الوصول إلى السلطة؟

ما جدوى الانتخابات في المغرب؟ سؤال يطرحه الكثيرون على ضوء مجموعة من الوقائع، آخرها قرار حزب التقدم والاشتراكية الاستمرار في الحكومة وربطه ذلك بما سماه “الطلب السامي”، وقبله حالة “البلوكاج” التي واجهها رئيس الحكومة السابق، عبد الإله ابن كيران، حين وصلت مفاوضاته لتشكيل الحكومة إلى الباب المسدود، قبل أن يعوض بسعد الدين العثماني الذي شكل حكومة مكونة من خمسة أحزاب بالإضافة إلى وزراء تقنوقراط لم تفرزهم صناديق الاقتراع.

لا معنى لها

الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي الذي قاطع الانتخابات وشن حملة لمقاطعتها عام 2016، مصطفى البراهمة، يزيد سؤالا على ذلك السؤال أعلاه: “ما جدوى الانتخابات إن لم يكن من بين أهداف الأحزاب الوصول إلى السلطة؟”.

ويتابع البراهمة : “الأحزاب في المغرب وفي الدستور السابق كانت وظيفتها هي تأطير المواطنين، ووظيفتها اليوم هي تأطير المواطنين والمشاركة في السلطة” قبل أن يردف مؤكدا “ولكن في الحقيقة السلطة في المغرب وقد سبق للحسن الثاني أن قالها بصريح العبارة هي غير قابلة للتداول”.

وحسب البراهمة فإن “السلطة غير قابلة للتداول في المغرب ووظيفة الأحزاب السياسية هي الوساطة بين السلطة والمواطنين”، مضيفا أن “المواطن حين رأى أن صوته لا يوصل إلى السلطة وليس له تأثير مباشر عليه لم يعد يصوت”.

ويجدد المتحدث التشديد على رأيه بكون “الانتخابات لا معنى لها في المغرب في ظل الدستور والواقع السياسي الحالي” إذ يؤكد أن “مصداقية” الانتخابات تفرض أن يكون هناك “نظام سياسي ديمقراطي حقيقي وأن تكون للمواطن القدرة على تغيير وضعه من خلال صوته الذي يمنحه للذين سيتحملون المسؤولية والذين ستكون لديهم سلطة القرار التي يمكنهم من خلالها تغيير واقع المواطن” يقول البراهمة الذي يختم مؤكدا أن “هذا غير موجود”.

لا يوجد خيار آخر

النائب البرلماني السابق عن حزب العدالة والتنمية، عبد العزيز أفتاتي، يرفض هذا السؤال من الأصل ويقول إنه “لا يجب أن يُطرح”.

ويتابع، قائلا إن “الهدف هو إرساء الديمقراطية” مردفا “وإرساء الديمقراطية لا يمكن أن يتم سوى بالأساليب الديمقراطية” على حد تعبيره.

أفتاتي يتفق مع القول بأن هناك “خللا”، غير أنه يضيف مؤكدا أن “الإصلاح يتم بالنضال الديمقراطي والانتخابات جزء من هذا النضال”.

وحسب أفتاتي فإن القول بعدم جدوى الانتخابات أو حتى عدم خوضها “سيفتح الطريق للفاشية” على حد تعبيره، مضيفا “لا يمكن أن نمارس الديمقراطية بالانقلاب ولا يوجد خيار آخر لإرسائها سوى بسلك الأساليب الديمقراطية” مؤكدا أن “التخلي عن ذلك الخيار يعني فسح المجال للاستبداد والفساد” على حد تعبيره.

“لا يمكن للشعب المغربي الذي راكم كفاحات وصار قريبا من تحقيق هدفه أن يتراجع في موضوع الأساليب” يقول أفتاتي الذي يؤكد أن “إرادة الشعب تتحكم بنسبة كبيرة” مرجعا ذلك إلى الانتخابات.

وينفي أفتاتي في سياق حديثه أن يكون الهدف الأهم من وراء الانتخابات هو الحصول على المقاعد، إذ يستشهد هنا بقولة “المقاعد لا تهمنا” للسياسي الراحل عبد الرحيم بوعبيد.

ويتابع أفتاتي موضحا “حين نخوض الانتخابات فذلك ليس من أجل الفوز بالمقاعد ولكن من أجل التوعية والتواصل مع الناس وتجديد التعاقد معهم، وفضح المفسدين”، مضيفا “ليس مهما فوز حزب أو آخر من الأحزاب الإصلاحية المهم هو مواجهة المال والضغوط وتدخل الإدارة”.

ربط المؤسسات بالمجتمع

الباحث في العلوم السياسية، عبد المنعم لزعر، من جانبه، يحرص على استحضار ثلاث ملاحظات أساسية في تحليله لهذا الموضوع.

ملاحظته الأولى تفيد بأن “التلازم المعياري بين الانتخابات والسلطة الحكومية هو تلازم حديث يعود بالأساس إلى وثيقة دستور 2011 حيث نصت الفقرة الأولى من الفصل 47 على ضرورة تعيين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر للانتخابات وعلى أساس نتائجها”.

في ملاحظته الثانية يشدد لزعر على ضرورة “التمييز بين الامتداد الميكانيكي لمخرجات الانتخابات على مستوى اختيار رئاسة الحكومة والامتداد التفاوضي لمخرجات الانتخابات على مستوى تشكيل الحكومة وبناء الأغلبية”.

أما من خلال ملاحظته الثالثة فيشير إلى “مساهمة التلازم المعياري بين الانتخابات والسلطة الحكومية في إثارة نقاش عمومي حول جدوى الانتخابات” مبرزا أن “حدث ما سمي بالبلوكاج الحكومي وحدث تشكيل حكومة سعد الدين العثماني” قد “فتحا الباب لسيل من الأسئلة التي تسائل منهجية ترجمة مخرجات الانتخابات التشريعية لـ 07 أكتوبر 2016 على مستوى تشكيل الحكومة”.

​على ضوء تلك الملاحظات يشدد المتحدث على أن “قوة المؤسسات التمثيلية ومؤسسات السلطة رهينة بارتباطها بالأرض وبالمجتمع والناخبين”.

ويتابع المتحدث موضحا أن “الانتخابات هي الآلية المعيارية والديمقراطية التي تربط المؤسسات بالمجتمع”، مضيفا أنه “كلما تمددت المسافة الفاصلة بين تعبيرات مؤسسات السلطة وبين تعبيرات المجتمع كلما تعرضت هذه المؤسسات لمخاطر تهم الشرعية والمشروعية، وكلما تقلصت هذه المسافة كلما تعززت شرعية ومشروعية المؤسسات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *