مجتمع

شيخ مغربي يثير ضجة: ” سرطان الرحم عقاب إلهي”.. فمن يضبط مجال الافتاء بالمغرب؟

“إذا كنتِ امرأة وتمارسين علاقات جنسية خارج الزواج، فاحتمال إصابتك بسرطان الرحم مرتفعة”، كان هذا رأي “شيخ” مغربي يدعى عبد الرحيم السكاش، أثناء مشاركته في برنامج ديني، عبر أثير إحدى الإذاعات الخاصة يوم الجمعة الماضية.

وأثار رأي هذا “الشيخ” حفيظة عدد من المتابعين، في مقدمتهم عالمة الاجتماع المغربية، سمية نعمان كسوس، التي وصفته بالخطاب “الرجعي” و”الظلامي”.

وأرسلت كسوس رسالة مفتوحة، إلى وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية والتعليم والصحة والثقافة والاتصال، إلى جانب الرابطة المحمدية للعلماء، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، من أجل معاقبة “الشيخ” وإيقاف تلك البرامج الدينية “غير الخاضعة للرقابة”، حسبها.

فما الذي يفسر انتشار آراء دينية مثيرة للجدل في المجتمع المغربي؟ هل هناك من يراقب المحتوى الديني المتشدد أو المحرض على الكراهية المنشور على وسائل الإعلام؟ ومن يضبط مجال الإفتاء حتى لا يصير مشاعا بين الجميع؟

كسوس: يجب احترام الاختصاصات

أثار الكلام المنسوب على “الشيخ” المغربي، الذي يحظى بمتابعة كبيرة عبر إذاعة خاصة، عالمة الاجتماع، سمية نعمان كسوس.

“يقول الشيخ إن المرأة عندما تمارس الجنس لأول مرة، يلتقط رحمها رمزا للحيوان المنوي لزوجها، وبالتالي عندما تمارس مع شخص آخر غيره تصاب بسرطان الرحم، رابطا الأمر بمسألة العدة التي تصل إلى 3 أشهر و10 أيام”، تقول كسوس مستعرضة كلام “الشيخ”، قبل أن تعلق عليه بالقول: “بهذا المنطق الخاطئ، فكل المطلقات اللواتي تزوجن بعد الطلاق مباشرة هن مصابات بسرطان الرحم”.

وتسترسل كسوس، قائلة: “ليس من حق هذا الشيخ أن يهاجم المصابات بالسرطان ويقول إنه عقاب إلهي، لأنهن يمارسن علاقات خارج إطار الزواج”.

وتصف عالمة الاجتماع هذا الكلام بـ”الخطير جدا”، على اعتبار أن “خطورته تكمن في كون المستمعات من النساء المتزوجات لن يلجأن للطبيب لتفقد صحتهن ولتشخيص أمراضهن، وكل متزوجة متأكدة من علاقتها المخلصة لزوجها ستقول إنه لا داعي لزيارة الطبيب بما أنني لا أخون زوجي، وهذا يضرب في سياسات الدولة الصحية بكاملها في التحسيس والتوعية”.

ومن خلال هذا الطرح، تخلص كسوس، في ختام تصريحها، إلى ضرورة ضبط المجال الديني حتى لا يختلط بمجالات أخرى كالطب مثلا، مطالبا بتقيد كل شخص باختصاصه.

“عندما يكون الموضوع طبيا وعلميا محضا فالأطباء هم المخولون للحديث في الموضوع”، تخلص كسوس.

السكنفل: أشخاص غير مؤهلين يصدرون فتاوى غرائبية

ينضبط مجال الإفتاء بالمغرب بضوابط محددة، إذ يُعتبر المجلس العلمي الأعلى، وهو أعلى سلطة دينية في المغرب، هو الوحيد المجلس المخول له الإدلاء بالفتاوى الرسمية للدولة.

بيد أن وعاظا وأشخاصا يقدمون أنفسهم على أنهم رجال دين أو “شيوخ” يلجؤون إلى وسائل إعلام خاصة، أو الشبكات الاجتماعية، للتصدر للإفتاء، وإبداء آراء دينية قد تنطوي على وجهات نظر متشددة أو متعارضة مع العلم أو القوانين والمواثيق الدولية والمحلية.

هذا الأمر، حسب رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة، لحسن إبراهيم السكنفل، مرفوض.

“المجلس العلمي يضم مجموعة من العلماء الكبار ذوي الباع الطويل في الفتوى، وهم يتدارسون المسائل الواردة عليهم”، يوضح السكنفل طبيعة عمل المجلس العلمي الأعلى وحدود اختصاصه.

ويبرز السكنفل، الذي يرأس مجلسا علميا محليا بعمالة الصخيرات تمارة، ضواحي الرباط، أن علماء المجلس يلجؤون إلى خبراء في تخصصات أخرى كعلم الاجتماع والطب والقانون وغيرها، “حتى يكون الرأي الفقهي مسايرا للتطور الذي يعرفه المجتمع”، حسبه.

“ورغم ذلك، فإن وجود هذا المجلس العلمي الأعلى لا يمنع، بشكل مباشر، من ظهور فتاوى غرائبية قد تصدر من هنا أو هناك، لأغراض قد تكون شخصية لأناس غير مؤهلين علميا ولا خلقيا للفتوى”، يردف السكنفل.

وهنا يعرج المتحدث ذاته على رأي “الشيخ” المذكور، بخصوص علاقة إصابة النساء بالسرطان بعلاقاتهن الجنسية، نافيا صحة الرأي من الناحية الدينية.

“إثبات الإصابة بالسرطان لا يصح إلا بقول المختصين من الأطباء، فإن هم أكدوا ذلك وأثبتوه فالقول قولهم، وإن لم يثبتوه فلا قول لغيرهم في هذا الموضوع”، يختم السكنفل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *