مجتمع

الحج..كم يكلف المغاربة وهل يستفيد الاقتصاد المغربي من مصاريفه؟

في كل موسم حج، تتوافد على السعودية أفواج عديدة من الحجاج من أقطار متفرقة، وصل عددهم العام الماضي إلى حوالي مليون و862 ألفا و909 حجاج، حسب ما أعلنت عنه الهيأة العامة للإحصاء بالسعودية.

هذه السنة سيصل عدد الحجاج المغاربة إلى 32 ألفا حسب ما كشفت عنه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بزيادة 20 في المئة، مقارنة مع السنة الماضية، بعد أن تم الانتهاء من أشغال التوسعة التي همت أماكن العبادة بالسعودية.

خلف الجانب الديني في رحلة الحج يبرز جانب اقتصادي، فكم تكلف رحلة الحج المغاربة؟ ومن يتدخل في رقم معاملات يتوارى وراء موسم الحج؟

فاتورة الحج

حُددت مصاريف الحج هذه السنة في 47 ألفا و358 درهما للحاج الواحد (حوالي 5 آلاف دولار)، لمن سيسافرون في الرحلات التي تشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مباشرة، بينما يمكن أن يتضاعف هذا المبلغ لمن يود السفر عن طريق وكالات أسفار خاصة.

بصفة عامة، سيصل إجمالي كلفة حج المغاربة هذه السنة إلى مليار و536 مليون درهم (أزيد من 16 مليون دولار) دون احتساب مصاريف الجيب التي حددت في 10 آلاف درهم (1000 دولار) مسموح لكل حاج بحيازتها خلال رحلته.

المصاريف المالية المهمة التي تُصرف في الحج، تطرح السؤال حول الكيفية التي يتم بها تدبير هذه الأموال ومدى استفادة الاقتصاد المغربي منها.

أسعار المناسك

أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، عمر الكتاني، يتفاعل مع الموضوع بالتساؤل أولا حول مدى منطقية الكلفة المالية للحج، حسبه، مضيفا: “أصبحت الكلفة المالية للحج في تصاعد غير مفهوم، ولا نعرف سببه ولا المسؤول عنه، وكأن الأمر تحول لاستغلال هذا الركن اقتصاديا من طرف وكالات أسفار”.

ويضيف الكتاني، أن هذا الغلاء، وفقه، يؤدي إلى مساهمة العديد من الحجاج بأموال طائلة في كلفة مالية مهمة لا تنتج أي قيمة مضافة للاقتصاد المغربي، على حد قوله.

“هناك مئات الملايير التي تصرف في الحج ولا قيمة مضافة لها على الاقتصاد المغربي، ولا يمكن وضع سقف لأثمنة الحج من طرف الدولة”، يقول الكتاني قبل أن يستطرد قائلا: “على الدولة أن تتدخل من أجل وقف ارتفاع تكاليف الحج”.

أثمنة وخدمات

ارتفاع كلفة الحج سنويا، خاصة لمن اختاروا السفر عبر وكالات سفر خاصة، تعلق عليه صاحبة وكالة للأسفار، نادية ساعي الحق، بالقول إن الخدمات تختلف عن تلك التي تُقدم لمن يذهبون في رحلات تنظمها وزارة الأوقاف.

“غالبا ما تكون الفنادق قريبة من أماكن المناسك، ويتم توفير جميع الشروط كي تمر زيارة الحجاج بشكل أفضل”، تزيد المتحدثة موضحة طبيعة الخدمات التي قد ترفع مصاريف الحج.

وتضيف ساعي الحق،  أن “جل المصاريف تُصرف في السعودية، خاصة إذا كانت تأشيرة الطائرة تابعة للخطوط الجوية السعودية كذلك، بينما بقية المصاريف تُصرف لحجز الفنادق والمواصلات وكذلك أداء واجبات المطوفين، مع هامش ربح الوكالة”.

سؤال الاستطاعة

ارتفاع تكاليف الحج يثار أيضا في سياق شرط الاستطاعة المترادف مع الحديث عن هذه الشعيرة الدينية بالنسبة للمسلمين، هذا ما يؤكده رئيس المجلس العلمي المحلي بمدينة أزيلال، محمد حفيظ، بالقول إن “من استطاع إليه سبيلا تعني القدرة بدنيا وماديا على الذهاب إلى الحج حتى وأن ارتفعت تكاليفه”.

وفي تعليقه على لجوء بعض الحجاج إلى اللاقتراض من أجل تغطية مصاريف الحج، يضيف حفيظ،  أن حج هؤلاء “يبقى صحيحا حتى لو أخذوا قرضا من أجله، لكن بشرط أن الالتزام بإرجاعه”.

عملة اجتماعية

الإقبال المتزايد على الحج رغم ارتفاع نفقاته بشكل سنوي يرده الباحث في علم الاجتماع، عبد الجبار شكري، إلى “تحول الحج من فريضة لمن استطاع إليها سبيلا إلى فريضة مدمرة”، على حد تعبيره.

ويوضح شكري كلامه بالإشارة إلى أن بعض الفئات تجعل الحج من الأولويات، حسبه. “هناك مثلا من يختار الذهاب إلى الحج رغم أن لديه العديد من المتطلبات داخل بيته من تعليم أبنائه وما إلى ذلك”، يردف المتحدث.

ويزيد شكري، قائلا إن الحج تحول إلى “عملة داخل المجتمع”، ما يبرر، حسبه، سعي بعض الناس إلى الحج رغم ارتفاع كلفته بالنسبة لهم، مردفا: “هناك تصور في المغرب يتمثل في أن الشخص الحاج هو شخص وقور وأمين وصادق، ما يعطيه قيمة إضافية داخل المجتمع”، حسب قول شكري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *