ثقافة وفن

أحمد بدير: السينما المغربية متفوقة ومتقدمة

قال الفنان المصري القدير أحمد بدير، الذي حل ضيفا على الدورة الخامسة لمهرجان السينما والبحر بمير اللفت بإقليم سيدي إفني، إن “السينما المغربية متفوقة ومتقدمة”.

وأرجع الفنان المصري في حوار أجرته معه “لاماب” على هامش المهرجان الذي اختتمت فعالياته أمس الأحد، هذا التفوق، الى القرب من أوروبا والى التبادل الحاصل بين السينما بالمغرب وبالقارة الأوروبية، مبرزا وصول الفن السابع المغربي مهرجانات عالمية وحصده لجوائز عالمية عديدة.

ولم يفت بدير أن يعبر عن عشقه، بكل تلقائية وأريحية، للمغرب وناسه وطبيعته، مفردا جزءا من الحوار معه للحديث عن المهرجان الدولي للبحر والسينما، قائلا ، وهو الذي حضر آلاف المهرجانات شرقا وغربا، أن نجاح وقيمة هذا المهرجان، الذي بالكاد يطفئ شمعته الخامسة، تكمن في “بساطته،..فهو خال من البهرجة، وما زاد من قيمة فعالياته أن خلفيته هي البحر”.

وفي معرض حديثه عن معرفته بالسينما المغربية، اعتبر أحمد بدير، الذي كرم في حفل افتتاح المهرجان، أن مدينة ورزازات، التي سبق وأن عرض فيها إحدى مسرحياته، تعد فضاء رائعا صور فيها عدد من الأفلام الأجنبية.

وأقر أن لقاءه مع الجمهور المغربي مباشرة كان عبر المسرح، وبالفعل، يؤكد، أنه سبق وأن عرض أعمالا مسرحية بورزازات وبالدار البيضاء ومراكش وكذا حضوره ضيفا بعدد من الفعاليات السينمائية.

وبعد أن عبر عن انبهاره بمير اللفت الساحرة بجمالها الذي يجمع بين البحر والجبل، عرج الفنان المصري للحديث عن تيمة البحر في السينما المصرية التي كان البحر خلفية عدد كبير منها في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، مشيرا في ذات السياق الى أدائه في مسلسل كان البحر موضوعه الرئيسي هو “عرفة والبحر” (2012) للمخرج أحمد مدحت ومع الفنان الراحل نور الشريف وهالة صدقي ودلال عبد العزيز .

وقبل الانتقال مع أحمد بدير للحديث عن مواضيع سينمائية ومسرحية، كان لا بد من تسليط الضوء على شخصية أحمد بدير التي ترسخت في أذهان جمهوره، الشخصية المركبة والبسيطة والمبهرة وذات الحضور القوي على الشاشة، نكتشف أن السر هو الصعيد (ينحدر من محافظة قنا) من قلب الصعيد ، حيث يقول إن طبيعة شخصية الصعيدي تتميز بالشهامة والطيبة والقوة وأحيانا بالقسوة والجلد ، “وهذه العوامل الانسانية كلها موجودة في شخصيتي” يؤكد بدير.

ويتذكر أحمد بدير باعتزاز قائلا : هل تعلم أن بقنا مغاربة استقروا هناك منذ قرون،ربما يعتقد “بسبب رحلات التجارة أو الحج…”.

وننتقل مع الفنان المصري ، الذي عرفه المغاربة في أعمال ضخمة وأحبوه لا سيما شخصية عبد العال بمسرحية “ريا وسكينة” ودوره في مسلسل “مطلوب عروسة” سنة 1990 ، للحديث عن بحر مير اللفت واستمتاعه بأحد أجمل شواطئ جنوب المغرب وزيارته لميناء سيدي إفني ووقوفه عن قرب على عمل الصيادين به، ويستنتج متأملا زرقة الأطلسي الممتدة شطآنه “أن البحر في الحقيقة مادة خصبة” للعمل الدرامي، لما في اليم من غموض وسحر ومد وجزر، و من صخب وهدوء، وهو ما يتطابق على الشخصيات الدرامية التي تحاكي الشخصيات البشرية المتغيرة باستمرار .

وبحس مرهف ونظرة فنان مليئ بالأحاسيس، خبر الفن وخبره طويلا، تحدث بدير طويلا عن شخصية الصياد، باعتباره مواطنا يشتغل وسط الأمواج الصاخبة “بدون رقيب” رقيبه ضميره وحبه لمهنته، متمنيا أن أن يستلهم منه كل المواطنين هذا الحب للمهنة، معتقدا في ذات الإطار أن الفنان برسالته العظيمة يستطيع ان يخدم وطنه ويقدمه للعالم في أبهى صورة وأجمل حلة.

ولايمكن الجلوس الى الفنان المصري أحمد بدير دون الغوص قليلا في مسيرته الفنية الطويلة، منذ الانطلاقة بأدوار صغيرة على خشبة المسرح الى غاية سنة 1980 ، سنة التألق في العمل المسرحي الكوميدي “ريا وسكينة” مع المخرج الراحل حسين كمال، والتي أدى فيها أحمد بدير مع العمالقة عبد المنعم مدبولي، شادية و سهير البابلي، ثم توالي أدوار كبيرة في في أعمال مسرحية منها ” على الرصيف” و “دستور يا أسيدنا” و ” الصعايدة وصلوا” و “الملك والملك ” للكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس.

وبالفعل كان هذا العمل مدخلا لسؤال أحمد بدير عن سر اشتهاره بالكوميديا من على خشبات أبي الفنون، فكان الرد بدون تردد : الجمهور يؤدي ثمن التذكرة…لهذا غلب الطابع الكوميدي على أدواري بالمسرح.

واسترسل أحمد بدير، “بالرغم من ذلك لا أحب أن أصنف في أي دور، فأنا ممثل أستطيع ان اقدم الكوميديا والتراجيديا بنفس الدرجة”.

ويعود الفضل في اكتشاف المواهب الأخرى لأحمد بدير، غير الكوميديا، للمخرج المصري الراحل يحيى العلمي الذي أسند له دور البطولة في مسلسل “الزيني بركات” المستوحى من عمل روائي يحمل نفس الإسم للكاتب المصري الراحل جمال الغيطاني ، معتبرا هذا الدور “نقلة كبيرة جدا” في مسيرته الفنية لا سيما وأن الشخصية التي أداها الى جانب الفنان الكبير نبيل الحلفاوي تميزت ب”البشاعة والشر والجبروت وكثير من الدهاء أيضا “.

وعن هموم السينما العربية واشكالاتها التي أسالت كثيرا من المداد، عرج الفنان أحمد بدير ، الذي احتفت به ساكنة مير اللفت كرمز من رمزو السينما العربية وواحدا من الرواد الذين بصموا ريبيرتوارها، سألناه عن موضوع يتخيله يمكن أن يجمع بين رواد السينما ويكون له صدى بجميع البلدان العربية، ليقول بدون تردد، إنه موضوع واحد هو الانسان العربي وبالضبط الشباب فمشاكلنا وقيمنا أهدافنا ومصيرنا واحد” ، متمنيا أن يؤدي عملا “يكون محوره الرئيس هو الشباب على اعتبار أنه الحاضر والمستقل وهو من سيوصل الأمة العربية الى آفاق نتمناها جميعا، فنحن لسنا أقل من الغرب ، لدينا عقول أكثر ذكاء وقوة”…يقول بثقة، إنها فكرة فيلم عالمي أحلم أن يصور في وارزازات وأمثل فيه.

وخطرت للفنان وهو يتحدث للوكالة فكرة عمل سينمائي يعالج إشكالية الهجرة متخيلا سيناريو رائع لهذا الموضوع ” مركب واحد يكون على متنه شباب عرب، وأثناء تقدم الحبكة يحكي كل واحد عن قصته وفي الأخير سيكون الحل هو النجاة جميعا دون الوقوف عند المشاكل الجزئية” .

وعودا الى السينما المصرية، وبكثير من النوستالجيا، تطرق الفنان أحمد بدير الى النقلة التي عرفها الفن السابع المصري من مسيرة مخرجين كبار من أمثال محمد خان ويوسف شاهين وكمال الشيخ وعاطف الطيب وأشرف فهمي وصلاح ابو سيف وغيرهم، الذي اشتغلوا في ظروف صعبة وأبدعوا “أعمالا عظيمة”، مسترسلا أن المسيرة تستمر من جيل لجيل مع تطور التكنولوجيا وتوفر الامكانيات وتطور وسائل التواصل الاجتماعي مع شباب متألقين من خريجي المعاهد السينمائية.

يذكر أن الفيلم الإيطلي القصير “like yesterday” (مثل البارحة) للمخرجة نومي أبريا فاز باللجائزة الكبرى للدورة الخامسة لمهرجان السينما والبحر ، فيما منحت لجنة تحكيم الدورة، التي ترأسها السينمائي الإيراني الفرنسي محمد حقيقات جائزة لجنة التحكيم مناصفة لفيلم ” Dejameh” للمجرج الإيراني أميرالي ميرديركيفاند ، ولفيلم “The beekeeper” (النحال) للمخرج الإيراني أيضا محمد طالبي.

ومنحت لجنة تحكيم الفيلم الوثائقي، التي ترأسها إدريس مبارك رئيس جمعية المبادرة الثقافية ورئيس المهرجان الدولي للسينما والهجرة بأكادير ، الجائزة الكبرى للفيلم الإيطالي ” The still sea” للمخرجة دو ماكو ماشين ، وتنويه خاص للفيلم البرتغالي ” Breaking Waves” للمخرج باولو فاجاردو .

وبالإضافة الى تكريم الفنان المصري أحمد بدير، تميزت دورة هذه السنة من المهرجان بتنظيم “ليلة البحار” التي احتفت بالمشتغلين في قطاع الصيد البحري وبحياة البحارة عموما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *