متابعات

فارس من أكادير: مراقبة الملك العام المائي محكها التنزيل على أرض الواقع

انطلقت اليوم ، الخميس ، في مدينة أكادير اشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف وكالة الحوض المائي لسوس ماسة ، بشراكة مع محكمة الاستئناف بأكادير حول موضوع “تفعيل آليات مراقبة الملك العام المائي ” ، وذلك تحت شعار ” حماية الملك العام المائي مسؤولية مشتركة”.
ويعرف هذا اللقاء الدراسي مشاركة نوعية لعدد من الفاعلين والمتدخلين في مجالات مختلفة ذات صلة بقطاع الماء ، في مقدمتهم نخبة من المسؤولين القضائيين المنتسبين للدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف بأكادير ، وممثلين عن عدد من المؤسسات العمومية والهيئات المنتخبة الفاعلة في المجال الفلاحي ، وبعض المنظمات المدنية التي تنشط في مجال البيئة والتنمية المستدامة.
وفي كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء ، سجل الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ،مصطفى فارس ، الأهمية التي يحظى بها الموضوع المطروح للنقاش في هذا اليوم الدراسي ، باعتباره من بين القضايا المتميزة براهنيتها المتجددة ، مشيرا إلى حرص المغرب منذ عقود متتالية على الاهتمام بالسياسة المائية للبلاد ، وجعلها في صلب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
واستعرض مصطفى فارس في الكلمة ، التي ألقاها بالنيابة عنه الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بأكادير ، عبد الله الجعفري، مختلف الجوانب المتعلقة بتأطير وتنظيم استغلال الماء، والحقوق والنوازل المرتبطة به،سواء في الشق المتعلق منها بالأعراف والتقاليد ، أو بالنسبة للقوانين الشرعية والوضعية منذ دخول الإسلام إلى المغرب ، مرورا بعهد الحماية وحتى الوقت الراهن الذي أصبحت فيه الثروة المائية مؤطرة بترسانة من التشريعات والقوانين التي حرص المغرب دائما على تحيينها وتطويرها وفق مقاربة مندمجة ومتكاملة .
ولاحظ المسؤول القضائي أن التشريعات و القوانين الخاصة بحماية الملك العام المائي ، وتنظيم استغلاله والحفاظ عليه من التبذير وجعله في خدمة التنمية المستدامة للبلاد ، مهما تطورت فإن محكها الحقيقي هو التنزيل على أرض الواقع ، مؤكدا جاهزية القضاء المغربي للعمل في هذا السياق بما يقتضيه الأمر من حزم ومسؤولية ، وذلك في إطار مبادئ ومرتكزات دولة الحق والقانون.
ومن جهته ، أوضح مدير وكالة الحوض المائي لسوس ماسة ،محمد الفسكاوي، أن هذا اليوم الدراسي الذي جاء كثمرة لاتصالات مشتركة بين الوكالة والسلطات القضائية والأمنية ، يأتي تنظيمه في ظل تفاقم الوضعية الحرجة للموارد المائية في حوضي سوس وماسة ، والناجمة عن عوامل متداخلة ومتراكمة خلال عقود متتالية.
وأكد الفسكاوي أن هذه الوضعية التي لا تدعو للارتياح ، معتبرا أنه وانطلاقا من المسؤولية المشتركة لمختلف المتدخلين ، ارتأت وكالة الحوض المائي لسوس ماسة بمعية السلطات القضائية تنظيم هذا اللقاء الدراسي من اجل بلورة توصيات وإجراءات قابلة للتنفيذ ، وذلك من أجل الحد من استنزاف الموارد المائية ، والعمل في الوقت نفسه على توفير مستلزمات استمرارية الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالماء ، وفي مقدمتها النشاط الزراعي ، وذلك وفق شروط تراعي الاستدامة.

أما نائب رئيس مجلس جهة سوس ماسة ، عبد الله أوباري، فسجل في كلمته وعي المجلس الجهوي بإشكالية ندرة المياه في علاقتها بالأنشطة المختلفة التي تشكل العمود الفقري للنسيج الاقتصادي على صعيد الجهة ، حيث ذكر بالعديد من الاجراءات التي سهر المجلس الجهوي على تنزيلها من أجل الحفاظ على الثروة المائية ، بالموازاة مع تعزيز فاعلية الانشطة الاقتصادية المرتبطة بالماء.
وفي هذا الصدد ، اشار أوباري إلى جملة من المبادرات التي اقدم عليها مجلس جهة سوس ماسة لمعالجة إشكالية ندرة المياه وفق مقاربة ، تتجاوز الحلول التقنية ، وتكتسي بعدا استراتيجيا ، حيث ذكر في هذا الصدد بكون جهة سوس ماسة كانت سباقة على الصعيد الوطني ، ومنذ أزيد من عقد من الزمان ، إلى بلورة “عقد الفرشة المائية ” وهي مبادرة ساهمت بشكل كبير في توعية الفلاحين بضرورة وأهمية ترشيد استغلال الموارد المائية ، إلى جانب إنشاء المجلس الجهوي لجمعية “أكروطيك” التي تظم ثلة من الكفاءات الوطنية ذات الخبرة العالية في مجال بلورة التوجهات والرؤى الخاصة بممارسة وتطوير النشاط الزراعي في جهة سوس ماسة وفقا لما تقتضيه شروط الاستدامة في ابعادها المختلفة.
ومن جانبه ، نبه رئيس الغرفة الفلاحية لجهة سوس ماسة ،علي قيوح ، إلى المخاطر المحدقة بالمنطقة جراء تفاقم العجز المائي الذي يؤثر سلبا على النشاط الفلاحي الذي يعتبر من الركائز الاقتصادية في الجهة ، مشيرا إلى أن هذه الاشكالية كانت باستمرار حاضرة في اللقاءات التي تعقدها جامعة الغرف الفلاحية .
وأكد علي قيوح على ضرورة الاستمرار في جهود توعية الفلاحين بضرورة ترشيد استغلال الموارد المائية ، كما أعرب عن يقينه بأن الكفاءة العالية المتوفرة لدى الموارد البشرية ، سواء العاملة منها في سلك القضاء أو في المؤسسات العمومية الساهرة على تدبير قطاعي الماء والنشاط الزراعي ، قادرة على أن تتوصل إلى بلورة تصورات ملائمة قابلة للتنزيل على أرض الواقع ، وذلك بما يساعد على حماية الملك العام المائي ، ويحفظ في الوقت نفسه للمستفيدين من الثروة المائية حق الانتفاع منها دون استنزافها .
وسيعرف هذا اليوم الدراسي تقديم ومناقشة عدد من المداخلات من جملتها ” وضعية الموارد المائية بحوض سوس ماسة : الحالة الراهنة والآفاق المستقبلية “، و” دور القضاء في تحقيق الأمن المائي ” ، و”النيابة العامة وحماية الملك العام المائي : قراءة في القانون 15 . 36 المتعلق بالماء ” ، و”الخصوصية الإجرائية في جرائم الماء ” ، و”شرطة المياه على ضوء مقتضيات القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء “.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *