ثقافة وفن

“تالكيتارت”: إنعاش لذاكرة مدينة “الانبعاث”..وبرهان على انفتاح المغرب

جمهور غفير من مختلف الأعمار تدفق مساء أمس ،الخميس على “ساحة تامري” في قلب حي “تالبرجت” التاريخي بمدينة أكادير للإحتفال بالإقاعات المختلفة لآلة القيثار الوثرية ، بمختلف أنواعها.
المناسبة هي فعاليات الدورة الثانية ل”مهرجان تالبرجت الدولي للقيثارة” التي انطلقت منذ مساء أول أمس ،الأربعاء ، والذي اختار له منظموه اسم مهرجان “تالكيتارت” ، واجتهدوا قدر المستطاع على أن تكون مشاركة الفنانين في هذا الملتقى الفني الدولي متميزة ومتنوعة سواء من طرف العازفين المغاربة ، أو نظرائهم من الفنانين الاشقاء والأجانب.
جاؤوا من مدن ورزازات ، وتارودانت ، وسيدي إفني ، وتنغير ، والدار البيضاء ، ومكناس ، والرباط ، ليتقاسموا من العازفين المنتسبين لمدينة أكادير لحظات من الفرح والانتشاء بالإيقاعات الوثرية المختلفة الوقع على الآذان ، وعلى الوجدان كذلك.
من خارج الوطن ، توافد على مدينة الانبعاث عازفو القيثارة من البرتغال ، والشيلي ، ومصر ، وهولندا ، وإيطاليا ، وفرنسا ، والولايات المتحدة ، والجزائر ، ورومانيا ، والهند . تعددت واختلفت جنسياتهم ولغاتهم ، وتوحدت هوياتهم في الإنتماء إلى “وطن الفن والموسيقى” .
منذ الساعات الأولى للفترة المسائية ليوم أول أمس ، شكلت “ساحة تامري” فضاء مفتوحا يرحب بتلقائية بالوافدين من الجنسين ومن مختلف الأعمار . منهم المغاربة ، ومنهم كذلك السياح الأجانب الذين تجاوبوا مع الملصقات الإعلانات لمهرجان “تالكيتارت” التي زينت الأعمدة المنتشرة في مختلف الأحياء والشوارع الرئيسية للمدينة .
استعادت “ساحة تامري”، وكذا الشارع العابر لحي “تالبرجت” ،الوهج والحيوية والنشاط الذي ظل سمة مميزة لهذه الفضاءات العمومية خلال عقود متتالية إلى أن تم تحويل المحطة الطرقية لنقل المسافرين بأكادير من قلب المدينة إلى مقرها الحالي ، لتصبح بذلك المقاهي والمطاعم والفنادق الشعبية التي تعج بها هذه الساحة ومحيطها تشكو كسادا تجاريا غير مسبوق.
انبعاث الحيوية في هذا الفضاء ، دفع بأحمد المطيع ، صاحب أحد أقدم الفنادق في ساحة تامري وناشط جمعوي ، إلى الإعراب عن أمله في أن تشكل بادرة تنظيم مهرجان “تالكيتارت” من طرف جمعية ” منتدى أكادير ميموري ” في هذه الساحة بداية لإطلاق مجموعة من المبادرات لإعادة الوهج لحي تالبرجت التاريخي .
وأوضح أحمد المطيع أن عددا من التجار وأرباب الخدمات في ساحة تامري ، وحي تالبرجت عموما ، وبدعم من المجتمع المدني المحلي ، اقدموا على بلورة مجموعة من الاقتراحات التي من شأنها أن تعيد الحيوية لهذه الفضاءات العمومية ، حيث أعرب عن أمله في أن تحظى هذه الاقتراحات بدعم من السلطات المحلية ، والهيئات المنتخبة حتى تجد طريقها إلى حيز التنفيذ.
ومن جهتها ، أكدت الاستاذة الباحثة زهرة ماكاش، رئيسة مهرجان تالكيتارت في تصريح مماثل ، أن هذا الملتقى الفني الدولي يروم بعث الروح في حي تالبرجت التاريخي عبر مجموعة من الأنشطة الفنية والثقافية التي تشمل إلى جانب الحفلات الموسيقية ، معارض للفن التشكيلي ، والنحت ، والصور الفوتوغرافية التي تؤرخ لأشخاص وأماكن تحرص جمعية “منتدى أكادير ميموري” على أن تبقى حية وحاضرة في عقول الأجيال المتلاحقة.
واضافت الأستاذة زهرة ماكاش أن “تالكيتارت” له ميزة خاصة وهي كونه عبارة عن “مهرجان للحي” ، حيث يفتح هذا الملتقى ، الذي بلغ هذه السنة دورته الثانية ذراعيه للجميع دون دعوة أو تأشيرة ، إذ بإمكان الوافدين أن يتنقلوا بكل حرية بين المعارض المنظمة في الهواء الطلق ، وأن يتابعوا العروض الموسيقية المبرمجة سواء في “ساحة تامري” ، أو في “حديقة أولهاو” المجاورة للساحة، أو على طول الشارع الذي يعبر حي “تالبرجت”.
فعلى امتداد أربعة ايام ( من 10 إلى 13 ابريل 2019) ، يمنح “مهرجان تالكيتارت ” لساكنة مدينة أكادير وزوارها من السياح المغاربة والأجانب فرصة الاستمتاع بعروض ثقافية ، وحفلات فنية موسيقية تحطم الحدود اللغوية والجغرافية ليشيد صرحا من التواصل والتثاقف بين الأجيال والأعراق والألسنة.
طيلة ايام المهرجان ، وابتداء من الساعة السادسة مساء ، تستقبل “ساحة تامري” فنانين مغاربة من عازفي القيثارة ، وغيرها من الآلات الوثرية والإيقاعية ، من أجل إمتاع الجمهور بعروض موسيقية ، يحييها إلى جانبهم فنانون أجانب أمثال جميل أحمد غولي (الجزائر) ، وباتريك إيلانكا ( الكونغو)، وإدوارد تيبيريو (إسبانيا)، وبرودر هود (تونس) وغيرهم.
أما في “حديقة أولهاو” وابتداء من الساعة التاسعة مساء ، سيكون لجمهور المهرجان من عشاق السمر الموسيقي لقاءات مماثلة مع فنانين مغاربة آخرين ، يشاركهم في إحياء الحفلات المبرمجة في الحديقة فنانون من جنسيات مختلفة منهم لطفى العطار (الجزائر) ، وسبيريت أوارد ( الولايات المتحدة) ، وكلارونس بيكر (هولندا)، ومارسيلو كالابريس (إيطاليا)، وبيرنار ماركاريت ( الهند/ فرنسا)، وفؤاد ومنيب (مصر) ، وسيزار هابينو ( رومانيا)، وميكيل مونتالبان (الشيلي) وغيرهم.
مهرجان “تالكيتارت” ، ومع بداية انطلاقة دورته الثانية ، أبان من خلال الإقبال الجماهيري المنقطع النظير ، والتفاعل الباهر للجمهور مع عروضه الموسيقية والثقافية أنه يشق طريقه بثبات وجدية ليصبح واحدا من أهم المهرجانات الفنية ذات الصيت العالمي المتميز في أجندة المهرجانات التي يحق لمدينة الانبعاث ، وللمغرب ككل ، أن تفتخر بها باعتبارها نموذجا حيا للمغرب المضياف والمنفتح .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *