ثقافة وفن

الروايس واعتابو و رباب فيزيون.. أطباق فنية متنوعة لجمهور “تيميتار”

يستمتع سكان مدينة أكادير وزوارها من المغاربة والأجانب، بإيقاعات الموسيقى الأمازيغية ، التي تستضيف أنماط متعددة من موسيقى العالم ، وذلك في إطار الدورة 16 لمهرجان أكادير الدولي للموسيقى الذي يحمل اسم “تيميتار: علامات وثقافة “.

“تيميتار” الذي ظل خلال دوراته السادسة عشرة وفيا للشعار المميز له : الفنانون الأمازيغ يرحبون بموسيقى العالم ” ، وهذه الهوية الفنية جعلت من هذا الملتقى الفني موعدا سنويا للجمهور المحب للفنون الموسيقية والطربية لتذوق أعذب أصناف الموسيقى والرقص الأمازيغيين ، واستكشاف كنه الموروث الثقافي الأمازيغي الذي يشكل رافدا أساسيا من روافد الهوية الثقافية والفنية المغربية.

فقد أصبح هذا المهرجان يشكل فرصة سنوية للتعرف والاستمتاع بالموسيقية الأمازيغية في اشكالها المختلفة بدءا بفن “الروايس” الذي يشكل كنزا ثقافيا يختزن مجلدات من القصائد الشعرية التي تناولت جميع الأغراض من غزل ووصف وتوسل ونقائض ومديح وهجاء وغيرها من الأغراض الشعرية الأخرى.

وإلى جانب “فن الروايس” هناك فن “تاسكيوين” الذي صنف مؤخرا من طرف منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم ، “يونسكو” ، تراثا لاماديا للإنسانية ، اعتبارا لما يزخر به هذا الفن الشعبي الامازيغي الأصيل من دلالات ومن حمولة ثقافية وتاريخية ، تأخذ تجليات متعددة سواء من ناحية اللباس أو الشعر المتغنى به ، أو الحركات والتموجات الجسدية المؤداة خلال الرقصة المتميزة لهذا الفن الشعبي التراثي.

فنون “أحواش” بدورها تحضر بقوة في مهرجان “تيميتار” من خلال الفرق الممثلة لمناطق مختلفة من المملكة والتي تؤدي هذه الرقصة وفق طقوس وتفاصيل تختلف من منطقة لأخرى ، حيث يختلف مثلا فن “أحواش إمينتانوت” (إقليم شيشاوة) ، عن “أحواش” إقليم ورزازات . بل نجد اختلافا وتميزا لفن أحواش داخل المجال الجغرافي الواحد كما هو الحال مثلا في إقليم تارودانت، حيث تتعدد أشكال ممارسة هذا الفن التراثي الأمازيغي ما بين مناطق “إغرم” ، و”تالوين” ، و”إيمولاس” وغيرها.

و تتنوع هذه البرمجة الفنية لتيميتار لتشمل الفنون الغنائية الأمازيغية العصرية ، أو التي تمزج بين العصري والتراثي في قالب يحافظ على ملامح الهوية الثقافية المغربية الامازيغية.

ذلك مثلا هو حال مجموعة “رباب فيزيون” التي شاركت مساء أمس ، الأربعاء ، في السهرة الأولى من الدورة 16 لمهرجان “تيميتار” حيث ألهبت المجموعة حماس الجمهور العريض الذي تتبع فقرات هذه السهرة التي استضافتها المنصة الرئيسية للمهرجان ، التي نصبت كالعادة في ساحة “الأمل” بقلب مدينة الانبعاث.

هذه المجموعة الغنائية التي تأسست سنة 2008 ، استطاعت أن تعيد للآلة الموسيقية الأمازيغية “الرباب” مكانتها وسط المشهد الموسيقي المغربي ، الذي شهد تحولات كبيرة ومتعددة ، كما استطاعت بفضل جهود أفراد المجموعة من إبراز البعد الكوني للموسيقى والإيقاعات الأمازيغية ، لاسيما وأن مصطلح “فيزيون” المضمن في الاسم المركب الذي تحمله هذه الفرقة الغنائية ،( رباب فيزيون) ، يحمل دلالات تحيل على التمازج والاختلاط والتلاقح ، وهذا ما أهل المجموعة لأن تكسب مكانة وازنة في المشهد الموسيقى سواء في المغرب أو في الخارج.

كما استمتع جمهور “تيميتار” بنوع خاص من الموسيقى الإيطالية ممثلا في الفنان يوجينو بيناتو، الذي اسس منذ سنة 1968 مجموعة تهتم بالموسيقى الشعبية الإيطالية ، ومنذ ذلك الوقت استمر هذا الفنان في كتابة الاشعار وفي الإبداع الموسيقي حتى فترة التسعينيات من القرن الماضي حيث اسس حركة ” تارانتا بووير” التي انكبت على الاهتمام بإحياء موسيقى الجنوب الإيطالي ، والعمل على التعريف بها في منطقة البحر الابيض المتوسط ، وكذا عبر العالم.

و تضمنت البرمجة خلال اليوم الأول للمهرجان بالموسيقى اللبنانية من خلال “الأخوين شحادة” اللذين ترعرعا منذ صغرهما وسط الموسيقى والغناء حيث تمرسا في العزف على مختلف الآلات الموسيقية الشرقية الوثرية منها والإيقاعية وغيرها ، إلى أن توجا مسارهما الفني بالانضمام أواخر تسعينيات القرن الماضي ل”أركسترا الجذور الشرقية ” التي أنتجت البومات غنائية لقيت تجاوبا كبيرا عبر العالم.

وعلى غرار السنوات الماضية ، سيكون لمهرجان “تيميتار” موعد مع عدد كبير من المجموعات الموسيقية والفنانين المغاربة والأجانب الذين يمثلون أنماطا وأذواقا موسيقية متنوعة ، كما يمثلون أجيالا فنية مختلفة يجد عشاق الموسيقى والطرب ضالتهم فيها مهما اختلفت انتماءاتهم الجغرافية أو العرقية ، ومهما تعددت أذواقهم الفنية، حيث بات مهرجان “تيميتار” دورة بعد أخرى يؤكد من خلال برمجته أنه مهرجان يضمن لجمهوره فرصة الاستمتاع بأعذب أنواع الموسيقى الأمازيغية ، ومختلف أصناف الموسيقى العالمية ايضا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *