متابعات

“صحراويون من أجل السلام”.. هل هي بداية نهاية البوليساريو؟

تتابع قيادة جبهة البوليساريو بقلق كبير الالتفاف الكبير لصحراويي مخيمات تندوف حول حركة «صحراويون من أجل السلام»، فقد جاءت هذه المبادرة السياسية في وقت أصبحت تعاني فيه القيادة المتنفذة للبوليساريو من عزلة كبيرة داخل أوساط ساكنة البوليساريو.

ويعتبر تأسيس الحركة الجديدة، بحسب خبراء لهم اطلاع على الشؤون الصحراوية، بمثابة بداية نهاية جبهة البوليساريو التي نخر أركانها الفساد بمختلف أصنافه.

وفي هذا السياق قال الخبير الدولي سانتشيث سيرا، إن مستقبل البوليساريو قاتم وحركة « صحراويون من أجل السلام » هي شهادة وفاتها، مشيرا إلى أن سكان تندوف هم رهائن لدى البوليساريو، التي لا تصنفها الأمم المتحدة كحركة تحرير لأنها تدرك أنها ليست مستقلة وتعيش بفضل الحكومة الجزائرية.

وأضاف أن الحركة الجديدة هي “بديل حقيقي للجبهة الفاسدة”، مذكرا بأن الساكنة الصحراوية المحتجزة بمخيمات تندوف فوق التراب الجزائري تعيش في “ظروف لاإنسانية ومعزولة عن العالم ومهضومة الحقوق”.

وتابع الخبير الدولي أن أحد أهم الجوانب ل “فهم النزاع الإقليمي حول الصحراء هو قضية التمثيلية”، مذكرا بالهزيمة الدبلوماسية التي منيت بها البوليساريو وداعمتها الجزائر السنة الماضية عندما وجهت لجنة الـ 24 للأمم المتحدة دعوة لممثلين منتخبين من الصحراء المغربية للمشاركة في اجتماعاتها، مؤكدا أن حركة “صحراويون من أجل السلام” أقبرت أسطورة وخرافة “البوليساريو هي الممثل الوحيد للصحراويين”.

وسجل سيرا أنه طيلة أزيد من أربعة عقود من سيطرة الجبهة على المخيمات “لم تختبر الساكنة أبدا التجربة الديمقراطية التي من شأنها أن تفضي إلى أحد أنواع التمثيلية”، مؤكدا أن البوليساريو “تمارس بشكل فردي وحصري إدارة شمولية ومتحكمة” بالمخيمات من خلال ميليشيا تفرض الرقابة على التنقل والتجمعات وممارسة حق الانتقاد.

وأضاف الخبير أن الحركة بعثت برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، وأعربت عن استعدادها للعمل من أجل التوصل إلى « حل سلمي في إطار من “السلم والتوافق » ، مبرزا في السياق ذاته، أنه « في لحظة ما ستوقف الأمم المتحدة المفاوضات لأنه ليس من الممكن التحدث مع المحتجزين والكيانات الوهمية لأن “سكان تندوف ليسوا لاجئين بل رهائن لدى البوليساريو».

يذكر أن حركة “صحراويون من أجل السلام”  تسعى إلى “شغل مكانتها المستحقة كمرجع سياسي جديد” تدفعه “إرادة صادقة للتأثير إيجابيا والمشاركة، انطلاقا من رؤى مغايرة، في البحث عن حل متوافق عليه ودائم” للنزاع الإقليمي حول الصحراء.

من جهة أخرى، وفي إطار النقد الذاتي، قال أحد قادة البوليساريو إن تجربة الجبهة لم تسلم من الإخفاقات والانحرافات، مع أنها ليست وليدة اللحظة بل ناتجة عن تراكمات ومضاعفات ومسارات وتفاعلات، مضيفا أن   المنطق القبلي كان من الأخطاء القاتلة في مسار الجبهة رغم شعارات التجريم والتحريم، لأن هذا المنطق أفرز ذهنيات جامدة وحاقدة لا تؤمن بالتعايش ولها عقدة وخصومة مع الذات، كما عملت على تصفية الأطر وازاحة الكفاءات والنخب من الساحة ، مما سمح باحتكار اللعبة من طرف كائنات تسللت إلى مفاصل وهياكل التنظيم، فتكدست وأصبحت منظومة متماسكة ومتعاضضة، أبانت عن سلوكيات وممارسات كارثية نتيجة ارتفاع منسوب الكراهية والعداء والبغضاء، يؤكد المتحدث ذاته.

وتابع إن من تجليات انسداد أفق جبهة البوليساريو وفشل مشروعها هو ظهور مظاهر التسيب والفساد والاستبداد والاحتكار والاختزال والمتاجرة ومراكمة الثروة والتفسخ والانسلاخ عن القيم.

وقال القيادي، وهو يعدد أغلاط قيادة الجبهة، إنه عوض استدراك واحتواء هذا المسار الكارثي ظل التجاهل والتحايل سيد الموقف.

وأبرز المتحدث، في إطار النقد الذاتي دائما، إن هذه الوضعية غير السوية داخل جبهة البوليساريو سمحت بتمدد مشاريع الخبث والتجاذبات والاستقطاب، حيث تم تأثيت المشهد بممارسات جديدة كالجريمة المنظمة والتطرف والمخدرات والنعرات والحمية القبلية.. قائلا « لقد عملت هذه الفوضى على الإجهاز على أي دور للجبهة في أوساط ساكنة المخيمات، إذ عم الغليان والاحتقان والعصيان».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *