متابعات

فيدرالية ناشري الصحف: هذه تصوراتنا

عبرت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، عن تجديد مطالبها بخصوص النهوض بالصحافة المغربية، من خلال تصور جديد وشامل، من شأنه أن يمس الأوضاع الاقتصادية للمقاولات الصحافية والأوضاع الاجتماعية لمهني قطاع الصحافة.

وأكدت الفيدرالية في إطار اليوم الدراسي بمناسبة الذكرى العاشرة للحوار الوطني حول <<الإعلام والمجتمع>> والذي ينظم بشراكة مع مجلس النواب، على أن “هذا الحوار الذي استغرق 170 ساعة من الإنصات لهموم المهنة وآمالها وتطلعات المجتمع لإعلام في مستوى طموحاته، يمكن اعتباره لحد الآن خارطة طريق صالحة لاستلهام حلول استراتيجية لقطاع حيوي بالنسبة للديموقراطية، ولكنه مازال يعاني مهنيا واقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا لأسباب موضوعية بالطبع، ولكن في الكثير من الأحيان لأسباب ذاتية متعلقة بالتردد والاستسهال والتطبيع مع الرداءة والتسيب”.

وأضافت الفيدرالية على لسان رئيسها أن الحوار الذي انطلق في سنة 2010، “جاء بعد بعد اشتداد الصدام بين الصحافة والعديد من المؤسسات”، وأن اللجوء إلى الحوار كان “مقاربة حكيمة فاقت سبب نزولها لتنتج ما يقارب 400 توصية اندرجت كلها في إطار استراتيجي صاغته خلاصات الحوار الوطني للإعلام والمجتمع على الشكل التالي: «التوافق حول ضوابط لموقع وسائل الإعلام في المجتمع في خدمة ممارسة ديموقراطية لحرية التعبير ومصداقية مؤثرة لوسائل الإعلام كمنشط للحياة الديموقراطية»”.

وأشارت كلمة الرئيس، إلى أن الفيدرالية رصدت عددا من المؤشرات في إطار تشخيصها لوضعية الصحافة الوطنية، حيث ” ظلت الصحافة المغربية تعاني من أزمة هيكلية في القراءة النافعة منذ عقود، وظل هذا يؤثر على انتشارها، وبالتالي تأثيرها”، وبخصوص ما بعد جائحة كورونا، فإن الفيديرالية رصدت انهيار قدرات الصحافة، والتي “فقدت – حسب تقارير لجنة المقاولة الصحافية وتأهيل القطاع بالمجلس الوطني للصحافة – 70 بالمائة من قرائها وثلثي رقم معاملاتها، مما اضطر الدولة إلى تدخل غير مسبوق في إطار دعم استثنائي وجه للعاملين في المقاولات مباشرة واستمر إلى غاية نهاية هذه السنة (2022)”.

ودعت الفيدرالية في كلمتها مهني قطاع الصحافة إلى “رص الصفوف، وتوحيد الكلمة، والترفع على الأنانيات، من أجل تجاوز المشاكل التنظيمية والإجرائية بالتوافق، لنتفرغ للأهم والاستراتيجي، وهو ما يحمله عنوان هذا اليوم الدراسي بكل ما يختزله من مساءلة لمدى قيامنا بدورنا كإعلام في البناء الديموقراطي والرقابة على المؤسسات باسم الرأي العام”.

وأكدت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، بخصوص مدونة الصحافة، على أن “الإطار القانوني الشمولي المؤطر للقطاع مهم في ورش الإصلاح”، إلا أنها رأت “أن مدونة الصحافة لسنة 2016 لم تكن مثالية، ولكنها كانت خطوة مهمة في مسار التجويد التشريعي، بحيث إنها لأول مرة أنتجت نصا خرجت منه مؤسسة وطنية هي المجلس الوطني للصحافة، كما أنها اعترفت لأول مرة بالصحافة الإلكترونية، ومأسست قانونيا الدعم العمومي، وحمت مصادر الخبر، وحصنت لأول مرة الولوج إلى المهنة باشتراط الإجازة وبطاقة الصحافة لتأسيس جريدة، وحذفت العقوبات الحبسية في قضايا النشر، كما أنها حسنت من شروط ولوج المهنة في القانون الأساسي للصحافي المهني، وقدمت مكتسبات اجتماعية جديدة للصحافيين، وخلقت جسوراً بين القضاء والمجلس الوطني للصحافة في قضايا التحكيم وهذا غيض من فيض”.

وقالت الفيدرالية -بخصوص المدونة- أنها “كانت فيها ثغرات منذ البداية، وانضافت إليها قضايا ظهرت من خلال الممارسة، وهذا طبيعي، من مثل ترحيل بعض قضايا الصحافة للقانون الجنائي، وعدم التدقيق في الولوج إلى المهنة في قانون الصحافة والنشر والنظام الأساسي للصحافي المهني، وكذا عدم التدقيق في التحكيم في المدونة والعديد من القضايا الإجرائية التي طفت على السطح خصوصا خلال عمل لجان الأخلاقيات والبطاقة والتحكيم في المجلس الوطني للصحافة”.

وخلصت الفيدرالية بخصوص المدونة بمطالبتها بمراجعة شاملة لمدونة الصحافة، إلا أنها طالبت بمراعاة “عدم ربط المراجعة الشاملة لمدونة الصحافة بأي استحقاق آني، وخصوصا انتخابات المجلس الوطني للصحافة”، و “عدم تكرار نفس الخطأ والتسرع في تعديل قانوني لن ينفذ إلى جوهر الإصلاح المنشود”، و “تبني إعلان مبادئ شامل توافقي في إطار قانون إطار وفتح حوار واسع حوله، وبعدها تتفرع عنه قوانين قادرة على تلبية حق المجتمع في إعلام حر متعدد وعصري ومهني وأخلاقي”.

كما طالب الفيدرالية بمراعاة “الحسم في المواد الموضوعة لدى لجنة الإعلام بالبرلمان منذ أربع سنوات بما في ذلك المادة 16 والمادة 72 قبل المراجعة الشاملة للمدونة”، وكذا “عدم الانزلاق وراء الأزمة، وطموحات بعض لوبيات الرأسمال للانقلاب على مكتسبات حرية التعبير التي أقرتها المملكة منذ قانون 1958 وذلك بمحاولة فرض شروط تعجيزية للولوج إلى المهنة أو لتأسيس منشآت صحافة لا تتماشى مع المعايير الدولية والإرادة الملكية ومنطوق الدستور”.

وتأسفت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بخصوص المجلس الوطني للصحافة “لما جرى بعد انتهاء الولاية الأولى لهذه المؤسسة الفتية” واعتبرت الفيدرالية أن “التمديد لها لستة أشهر بدعوى تعذر إجراء انتخاباتها ضربة لسمعة هذا التنظيم الذاتي الوليد”.

ودعت الفيدرالية وزارة التواصل “إلى تفعيل المادة 54 من قانون المجلس الوطني للصحافة، وبدعوة لجنة الإشراف على الانتخابات للتشكل وخصوصا رئيسها القاضي المنتدب من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية”، وأضافت أن” أي دعوة لتعديل المادة 4 التي تنص على الانتخاب هو خرق واضح للفصل 28 من الدستور الذي ينصّ على الأسس الديموقراطية للتنظيم الذاتي”.

وأكدت في ذات الإطار أن “الدعوة لانتداب أعضاء المجلس من طرف المنظمات الأكثر تمثيلية مطلب متناقض، لأن الأكثر تمثيلية يمكن أن يحترم الدستور والقانون ويعين مندوبيه بالانتخابات خصوصا وأن المؤسسة التي تبدأ بالانتخابات لا يمكن أن تتقهقر لأسلوب أدنى في السلم الديموقراطي، خصوصا وأن جلالة الملك، وفي كل الظروف، لم يسبق أن راجع أي نظام مبني على الانتخابات، ولا أن أخلف موعدها حتى في أكبر الأزمات مثل جائحة كورونا”.

وأضافت الفيدرالية أن “الحديث عن العدالة التمثيلية للجسم المهني في المجلس بدعوى أن عدد الصحافيين هو أكثر من عدد المقاولات طرح خطير يهدد السلم التنظيمي ما دام أن المقاولات مؤسسات معنوية والصحافيين أشخاص ذاتيين، زيادة على أن مهام المجلس في التحكيم في نزاعات الشغل والأخلاقيات تتطلب لنجاحها أن تكون التمثيلية متساوية بين الناشرين والصحافيين، وإلا كانت الأحكام باطلة لأنها ستكون هيمنة فئوية (corporatiste)”.

وأشارت الفيدرالية في هذا الصدد إلى “أن التجارب الدولية في التنظيم الذاتي إما تكون للناشرين فقط كبريطانيا أو للصحافيين أو مناصفة، ولكن هذه المجالس في العالم ليس لها اختصاصات زجرية وأحكام في نزاعات الشغل، فهل يعقل أن تكون في هيأة معينة الأغلبية من العاملين والأقلية من أرباب العمل ويمكن أن تبت في قضية بين ناشر وصحافي؟ وفي التشريع المقارن نجد أن كل المؤسسات التي تضم العاملين وأرباب العمل، هناك التمثيلية بالتساوي، ففي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مثلا هناك ثمانية مقابل ثمانية، وفي مجلس المستشارين عشرون مقابل عشرين، من النقابات والباطرونا”.

وجددت الفيدرالية التأكيد على أن “المجلس القوي بشرعيته الانتخابية، بعد تجديد هياكله ديموقراطيا، هو القادر على المساهمة الفعالة في تعديل شامل للإطار القانوني لقطاعنا بما يتماشى مع منطوق الدستور الجديد للمملكة، والمعايير الدولية في الممارسة الصحافية، وإرادة جلالة الملك في الدفع بالمسلسل الديموقراطي إلى مداه، وتطلعات المجتمع لصحافة ذات مصداقية تخدمه أولا وبعدها يمكن أن تنفتح على محيطها الجهوي أو العالم”.

وتطرقت الفيدرالية عن الدعم العمومي للصحافة معتبرة إياه مسلسلا ” عرف تطورات منذ سنة 1987 عندما كان محصورا في دعم الصحف الحزبية بناء على عدد مقاعدها في البرلمان إلى اليوم الذي ما نزال نعيش فيه في إطار الدعم الاستثنائي المرتبط بجائحة كورونا”.

واعتبرت النقاش حول الدعم “تمرينا ديموقراطيا محمودا، إلا أنه لا يخلو من مزايدات، ومن تأثير يعتقد البعض أنه بالحديث عن اختلالات مفترضة سيكسب على حساب طرف مهني آخر، إلا أن المعضلة تكمن في كون الثقة المهزوزة بيننا وبين الرأي العام ستزداد اهتزازا خصوصا وأن النزاهة والإنصاف والموضوعية هي الضحية في تقييم هذا الدعم العمومي وليست طرق تدبير الدعم هي المشكلة”.

وأوضحت الفيدرالية موقفها في ذات الإطار من خلال تأكيدها على أن “الدعم الذي تم إقراره منذ 2005 شارك في بلورته والتوافق عليه وتدبيره الجميع: فيدرالية الناشرين التي كان يترأسها السيد عبد المنعم دلمي، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية ووزارة الاتصال وكان من أهم مكاسبه توقيع اتفاقية جماعية غير مسبوقة لقطاع الصحافة المكتوبة آنذاك”.

وأشارت الفيدرالية أن الدعم عرف” تعديلا جوهريا ساهمت فيه الأطراف المذكورة آنفا عندما كان السيد خليل الهاشمي رئيسا للفيدرالية الممثلة الوحيدة آنذاك للناشرين وكان الدعم متطورا ومحسنا”، كما أنه عرف – حسب الفيدرالية- تطورا اخر “عندما كان السيد نور الدين مفتاح رئيسا للفيدرالية في عقد برنامج جديد أخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي أظهرتها الممارسة وتقرير لجنة الافتحاص لوزارة المالية”.

كما أشارت إلى أن “الدعم العمومي للصحافة ظل دائما مبنيا على فلسفته السامية وهي مواكبة التأثير كمقياس للدور المجتمعي ولم يخرج أبداً إلى الاهتمام بالصحافة كرأس مال”، وأضافت الفيدرالية أن “هذا المعيار لا يبرر الدعم وإلا لكانت كل القطاعات الاقتصادية مدعومة من ميزانية الدولة”.

وقالت الفيدرالية: إن “إعادة النظر في تصور الدعم العمومي ليس مطلوبا فقط، بل إنه كان مسلسلا ولن ينقطع”، وإن “تصور الغد لابد وأن يعدل بعد غد لأنها سنة التطور وبالتالي فالصدامية حول هذا الموضوع لن تكون لا منتجة ولا منصفة ولن تعمل إلا على التدليس المهني بدل السعي للمساعدة على إنقاذ قطاع مكلوم”.

وعن تصورها للدعم، فإن الفيدرالية ترى أن تصورها “مبني على أن يظل منسجما مع الفلسفة الواضحة في المادة 7 من قانون الصحافة والنشر التي تنص على أن «قطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع تستفيد من الدعم العمومي بناء على مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص والحياد بهدف تنمية القراءة وتعزيز التعددية ودعم مواردها البشرية»”.

وطالبت الفيدرالية بـ”وضع سقف للمبلغ الإجمالي المسموح أن تستفيد منه مجموعة صحافية على ألا يتجاوز 6 مليون درهم، وألا يكون هناك من شرط للولوج للدعم العمومي إلا ما هو منصوص عليه في المادة 5 من قانون المجلس الوطني للصحافة ومرسوم الدعم العمومي”.

وأكدت في هذا الصدد على ضرورة “الحفاظ على دعم التعددية بشروطه السابقة نظرا لفلسفته المنصوص عليها صراحة في القانون وتدعو لإدماج الصحافة غير المتوفرة على شروط المادة 5 من قانون المجلس الوطني للصحافة، وخصوصا الصحافة الجهوية، في إطار التأهيل كما فعلت تلقائيا وزارة التواصل بمبادرة منها خلال الدعم الاستثنائي”.

ودعت الفيدرالية إلى “الحفاظ على آليات تدبير الدعم في إطار اللجنة الثنائية على أساس أن يحدد نظامها الداخلي بدقة ما يقر تجنب حالة التنافي، مع
“ضرورة تخصيص دعم خاص بالصحافة في جهات الصحراء الثلاثة نظرا لوجود الإعلام هناك على خطوط التماس في جبهة الدفاع عن القضية الوطنية.”

ورأت الفيدرالية أن “أهداف الدعم يجب أن تحدد في إطار مدى الاقتراب من تلبية حق المواطن في الإعلام أوّلا، وكذا تأثيره على الانتشار مع الالتزام الصارم بأخلاقيات المهنة.”

وحرصت الفيدرالية على التأكيد على ضرورة “تخصيص جزء من هذا الدعم العمومي لمشروع صندوق تنمية قراءة الصحف الجاهز لدى المجلس الوطني للصحافة والذي سيرفع، بكلفة متواضعة، أرقام انتشار الصحافة إلى الضعف.”

وأكدت الفيدرالية كذلك على ضرورة “وضع تصور لدعم الصحافة مبني على معايير جديدة ومنصفة لكي يكون أحد الرافعات الأساسية لتطوير الصحافة المغربية حتى تنهض بدورها المجتمعي.” وكذا ”
تخصيص الدعم العمومي للصحف المهنية والأخلاقية بناء على انتشارها وتأثيرها، بدل أن يكون الدعم مخصصا لإبقاء بعض الصحف على قيد الحياة بشكل اصطناعي”.

وختمت الفيدرالية توصياتها في هذا السياق بالمطالبة بـ “دمج مشروع المجلس الوطني للصحافة حول صندوق تنمية قراءة الصحف كجزء من الدعم العمومي”، وهو ما سيرفع – حسب الفيدرالية- “بشكل مباشر من انتشار الصحافة المغربية ويضخ الدماء في دورتها الاقتصادية، ليكون الدعم العمومي قريباً من فلسفته التأهيلية بدل أن ينزلق إلى دعم التوازن المالي للمقاولات الصحافية”.

وأكدت الفيدرالية في سياق تصورها للموارد البشرية في قطاع الصحافة، على أن “الموارد البشرية، وعلى رأسها الصحافيون، هي عماد الإعلام، والتوازن بين مقاولات قوية اقتصاديا، وعاملين فيها مرتاحين دخلا وظروف عمل شيء لا محيد عنه لأي إصلاح”، وأكدت في هذا السياق على”
انخراطها اللامشروط في تطوير الاتفاقية الجماعية التي وقعتها مع نقابة الصحافيين في 2005 على أساس أن تنطلق المفاوضات حولها تحت رعاية وزارة التواصل بحضور كل ممثلي الناشرين والأجراء وأن نأخذ بعين الاعتبار معايير الدعم العمومي وحجم المقاولات في تصنيف فئاته مع توحيد الحد الأدنى للأجور الذي يجب أن يكون في مستوى مجهودات الصحافيين واستحقاقهم”

كما أكدت على “مساندتها لمبادرة إخراج مؤسسة وطنية للأعمال الاجتماعية تحمي الصحافيين من الهشاشة خلال أو بعد نهاية مشاورهم المهني”، واعتبرت الفيدرالية “التكوين أساسيا ومساهمتها فيه طبيعية للرفع من قدرات العاملين ليواكبوا التحولات السريعة التي يعرفها القطاع مهنيا وتكنولوجيا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *