بيئة ومناخ

ما هو إعصار دانيال الذي ضرب ليبيا؟

في 4 شتنبر 2023، ظهرت منطقة ضغط جوي منخفض فوق اليونان حيث ساهمت حرارته في إنتاج الرطوبة اللازمة لتكوين العاصفة. وانتقلت العاصفة من البحر الأيوني باتجاه اليابسة فوق شبه الجزيرة البلقانية مما أدى إلى هطول أمطار غزيرة على المنطقة.

وتم تسمية العاصفة باسم “دانيال” في اليوم التالي من قبل الخدمة الوطنية الأرصاد الجوية اليونانية. بعد ذلك، تحركت العاصفة باتجاه الشمال الشرقي. في 8 شتنبر،حيث اكتسبت العاصفة خصائص استوائية فرعية وانتقلت إلى الجنوب الشرقي قبل أن تتحول إلى إعصار استوائي في اليوم التالي. حيث دخل اليابسة بالقرب من مدينة بنغازي في ليبيا كعاصفة استوائية في 10 شتنبر 2023.

وبدأ الحديث عن الإعصار دانيال بشكل ملحوظ بعدما ضرب اليونان وتركيا وبلغاريا الأسبوع الماضي، إذ تسببت العاصفة في إحداث دمار في اليونان وتركيا وبلغاريا الأسبوع الماضي، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 26 شخصاً في الدول الثلاث، وفقاً لوكالة أسوشيتد برس.

وأعلنت فرق الإنقاذ اليونانية، الأحد 10 شتنبر 2023، انتشال جثث 4 أفراد وسط اليونان، ليرتفع عدد القتلى إلى 15 جراء أشد عاصفة ممطرة تشهدها البلاد منذ بدء تسجيلها في عام 1930.

وقد أدى الإعصار دانيال أيضاً إلى انهيار المنازل والجسور في اليونان، كما دُمرت المدارس والطرق وأعمدة الكهرباء، وغرقت الحيوانات، وماتت المحاصيل في سهل ثيساليا الخصب. وقالت السلطات اليونانية إنها أجلت أكثر من 4250 شخصاً حتى الآن، حيث تركزت الجهود على القرى القريبة من مدينة لاريسا وبالقرب من نهر بينيوس، الذي فاضت أجزاء منه على القرى بشكل أكبر.

ويعد الإعصار دانيال أحد أشكال التغير المناخي المرعب الذي يضرب العالم وتزداد ضراوته عاماً بعد عام. حيث يحذر خبراء المناخ من أن ظاهرة الاحتباس الحراري تعني تبخر المزيد من المياه خلال فصل الصيف، ما يؤدي إلى عواصف أشد.

وشهدت أنحاء العالم في الأسابيع الأخيرة ظواهر مناخية متطرفة، مع حدوث فيضانات في الدول الإسكندنافية وجنوب شرق أوروبا والصين وهونغ كونغ.

كيف تشكل الإعصار دانيال ليصبح بهذه القوة التدميرية؟
تسبب زيادة نشاط العواصف الرعدية والأمطار الغزيرة، التي تكون دائرية ملتفة حول مركز دورة العاصفة، فيضانات عارمة تجرف الأخضر واليابس وتخلف دماراً هائلاً.

وكانت آخر حالة من الفيضانات واسعة النطاق في ليبيا قد وقعت عام 2019، عندما توفي 4 أشخاص في جنوب غرب البلاد، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وتشكلت العاصفة وسط نفس نمط الطقس القاسي المرتبط بالفيضانات القاتلة في إسبانيا، والحرارة الشديدة على أجزاء كبيرة من أوروبا الغربية، والتي حطمت العشرات من الأرقام القياسية.

وبعد أن تسبب في فيضانات شديدة في اليونان، تحول دانيال إلى ما يعرف باسم “الإعصار المتوسطي” الشبيه بإلاعصار الاستوائي، الذي يتشكل أحياناً فوق البحر الأبيض المتوسط.

وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، أصبح إعصار دانيال أقوى لأنه استمد طاقته من المياه الدافئة بشكل غير طبيعي، وهي عملية تفاقمت بسبب تغير المناخ الذي يسببه الإنسان، قبل أن تنجرف العاصفة نحو الجنوب وتسقط الأمطار الغزيرة على شمال شرق ليبيا وتحدث دماراً هائلاً.

وأفاد المركز الوطني الليبي للأرصاد الجوية أن إجمالي هطول الأمطار بلغ 414.1 ملم من الأمطار على مدار 24 ساعة في مدينة البيضاء، حيث تم الإبلاغ عن مقتل 12 شخصاً على الأقل، وفقاً لموقع Floodlist، وهو موقع إلكتروني يجمع معلومات عن الفيضانات. تتلقى البيضاء حوالي نصف بوصة فقط من الأمطار في شهر شتنبر النموذجي. وسقط نحو 170 ملم من الأمطار على الأبرق بمديرية درنة. وقال شهود لرويترز إن مياه الفيضانات في درنة وصلت إلى 10 أقدام.

والإعصار المتوسطي الذي يعرف اختصاراً بـ medicanes (أعاصير البحر الأبيض المتوسط) يمكنه تطوير سحب متصاعدة على شكل “عين” خالية فارغة من الوسط. وبحسب موقع climate فهو عادة ما يكون أصغر في القطر من الأعاصير المدارية، وله سرعة رياح أقل وعمر أقصر.

ويتشكل الإعصار المتوسطي فوق غرب ووسط البحر الأبيض المتوسط، وتحديداً فوق المياه ذات درجات حرارة سطحية تعتبر أقل من المحيطات الاستوائية. ويبدأ موسم هذا الإعصار عادة في الخريف ويستمر حتى الربيع. ويتطلب تكوينه وجود هواء بارد في طبقات الجو العليا مرتبطاً بالمنخفض القطعي. ويعزز هذا التكوين حالة عدم الاستقرار الجوي المسؤولة عن العواصف الرعدية التي يمكن أن تنتظم بعد ذلك في شكل إعصار.

بالإضافة إلى الرياح القوية، تولد الأعاصير المتوسطية عواصف وكميات كبيرة من الأمطار التي تؤدي إلى الفيضانات والانهيارات الأرضية، كما حدث في اليونان وليبيا وتركيا هذا الخريف، وإيطاليا قبل عامين.

وتشير الأبحاث الحديثة إلى أنه من المرجح أن تصبح الأعاصير المتوسطية أكثر شدة ولكنها تحدث بشكل أقل. ويشير أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ AR6 إلى أنه “من المحتمل أن تنخفض وتيرة الإعصار المتوسطي، في حين أن أقوى الأعاصير منه يمكن أن تصبح أقوى في ظل استمرار الاحترار المناخي.

هل انتهى خطر إعصار دانيال؟
من المتوقع أن تؤدي العاصفة إلى هطول أمطار غزيرة في شمال مصر حتى الثلاثاء قبل أن تتبدد؛ حيث حثت هيئة الأرصاد الجوية المصرية سكان منطقة القاهرة الكبرى على الاستعداد لهطول أمطار غزيرة. لكن المسؤولين قالوا أيضاً إن العاصفة فقدت معظم قوتها فوق الأراضي القاحلة في ليبيا، لذا تراجعت شدتها.

وذكرت الأرصاد أن العاصفة اتجهت إلى الحدود المصرية، وستؤثر على أقصى غرب البلاد ولكن في هيئة منخفض متعمق يصاحبه نشاط رياح مثير للرمال والأتربة على شمال الجمهورية حتى شمال الصعيد.

وتوقعت الأرصاد سقوط أمطار، اليوم الثلاثاء، على مناطق السلوم ومطروح، وسيوة، وتمتد ليلاً إلى الإسكندرية، كما تتأثر البلاد بنشاط رياح مثير للرمال على القاهرة الكبرى ومدن القناة والسواحل الشمالية وشمال الصعيد، ثم تبدأ السحب بدخول البلاد، يصاحبها سقوط أمطار قد تكون غزيرة ورعدية على أقصى غرب البلاد.

أخيراً، يحث العلماء والمتخصصون دول المنطقة على التركيز على خطط الوقاية ضد الفيضانات الشديدة والفيضانات الساحلية التي تسببها الأعاصير المتوسطية مثل إعصار دانيال الأخير والاستعداد جيداً لها، كما يجب إجراء اختبار التحمل للمباني وهياكل الأسطح بشكل دوري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *