متابعات

سوس.. استمرار الجفاف ينذر بموسم فلاحي كارثي

يعيش القطاع الفلاحي بسوس ماسة أوضاعا استثنائية بفعل تداخل عدة أسباب منها ما يتعلق بشح التساقطات المطرية وانخفاض حقينة السدود،وارتفاع كلفة الإنتاج والزيادة في تكاليف النقل البحري بواسطة الحاويات وضعف الطلب على مستوى الأسواق الدولية، واشتداد حدة المنافسة بين المنتوج الوطني ومنتوج الدول المنافسة الأخرى في الأسواق الدولية.

وفي ظل استمرار شح التساقطات المطرية لعدة سنوات عقدت اللجنة الجهوية للماء بسوس ماسة، برئاسة والي جهة سوس اجتماعا حول الوضعية المائية. وبعد تدارس  الحالة المائية الحالية التي تعرف تحديات بسبب قلة التساقطات وتراجع مخزون السدود من المياه، مع التأكيد على ضرورة تخصيص حصص مائية لتمكين الفلاحين من إتمام الموسم الحالي.

قد خلص هذا الاجتماع الى اعتماد حجم مليون ونصف المليون متر مكعب للري انطلاقا من سد يوسف بن تاشفين كحصة لشهر أكتوبر، واعتبار الحقينة الحالية لسد أولوز في وضعية حرجة بحيث تكفي فقط لسقي مدار الكردان إلى غاية نهاية شهر أكتوبر.و

من جهة أخرى، أوردت النشرة الداخلية لوكالة الحوض المائي بسوس، أن نسبة ملء السدود الثمانية المتواجدة بحوضي سوس وماسة، وصلت نسبة الملء إلى 11.1 في المائة إلى غاية 6 اكتوبر الجاري.

وأشارت الوكالة أن الحجم الحالي لسد المختار السوسي هو 0.9 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 2.3 في المائة وسد اولوز حجمه الحالي يصل إلى 15 مليون متر مكعب بنسبة 16.5 في المائة وسد مولاي عبد الله ب 11.9 مليون متر مكعب بنسبة تصل الى 13.2 في المائة. أما بالنسبة لسد عبد المومن فالحجم الحالي لا يتجاوز 8.7 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 4.4 في المائة، وسد الدخيلة يصل حجمه الحالي 0.06 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 43.5 في المائة، و إمي الخنك فيبلغ حجمه الحالي 3.6 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 37.2 في المائة، و1.7 مليون متر مكعب كحجم حالي لسد اهل سوس بنسبة ملء مئوية تصل إلى 38 واخيرا حسب نفس النشرة فإن نسبة ملء سد يوسف بن تاشفين تصل 11.4 في المائة وبحجم يبلغ 34 مليون متر مكعب.

وتظهر هذه الاحصائيات حجم الخصاص المسجل في التجمعات المائية بحوضي سوس وماسة بعد توالي سنوات الجفاف، مما يفسر ازمة العطش التي تجتاح منطقة سوس.

وبالمقابل، تشكل زراعة الحمضيات والخضروات أحد الأعمدة التي يتأسس عليها النشاط الزراعي بجهة سوس ماسة، سواء بالنظر للمساحات المزروعة، أو بالنظر إلى حجم الإنتاج، وأهميتها التصديرية فيما يتعلق بجلب العملة الصعبة.

هذه الأهمية التي يحتلها قطاع الحوامض الخضروات في الدورة الإنتاجية، أعطى للقطاع الفلاحي بسوس اهمية قصوى في النسيج الاقتصادي الجهوي والوطني، إلا أن مشاكل عدة أصبحت تؤثر على مكانته الاقتصادية والاستثمارية، منها ارتفاع كلفة انتاج الحوامض والخضروات بفعل تظافر مجموعة من العوامل المتعلقة بغلاء فواتير مياه السقي والزيادة في كافة مدخلات مسارات الانتاج.

في هذا الاطار، أصبح الفلاحون يؤدون الضريبة على القيمة المضافة المرتبطة باقتناء كافة المدخلات الزراعية من الأسمدة والمبيدات وهي العوامل الرئيسية في عملية تجويد الإنتاج الفلاحي. وهذا الأمر أدى إلى ارتفاع كلفة الانتاج وتقليص هامش الربح في ظل غياب اجراءات مرافقة، اقرار الضريبة المضافة على المدخلات الزراعية، لتجويد مسارات التصدير.

ويخوض منتجو ومصدرو الحوامض بسوس، مثلا،  حملة تصدير تعد الأكثر صعوبة، في السنوات الأخيرة،  بسبب الزيادات الكبيرة في تكاليف النقل البحري بواسطة الحاويات، حيث عرفت مسارات اللوجستيك، استعمال الحاويات، زيادة في كلفة النقل تتراوج مابين 20 و50 في المائة مقارنة مع السنة الفارطة. كما سجل تكلفة النقل البواخر زيادة تراوح 50 في المائة من التكلفة الاعتيادية مقارنة مع السنوات الماضية.وهذه الزيادات في مجالات الإنتاج والتلفيف والنقل واللوجستيك تؤثر سلبا على هامش الربح لدى المصدرات والفلاحين، خاصة وأن الأثمان في الاسواق الدولية غير مستقرة ولا يتم الإفصاح عن قيمتها إلا في نهاية الموسم الفلاحي.

وخلقت هذه الوضعية أزمة بين الفلاحين والبنوك بالمنطقة،حيث أن ارتفاع نسبة الديون المتراكمة على الفلاحين بسبب تراجع مداخيلهم لسنوات عدة، وهذا الامر قلص من عمليات تسديد مستحقاتهم في الآجال المحدد.

ومن تجليات هذه الأزمة ايضا ارتفاع عدد الدعاوى القضائية ضد الفلاحين والمنتجين،والمتعلقة بالشيكات بدون رصيد الخاصة، وكذا تسجيل تزايد عدد الكمبيالات غير المؤداة، وأدت هذه الوضعية إلى توقف البنوك عن إجراء عمليات الاقتراض الموجهة للفلاحين، منها المتعلقة بالقروض الموسمية. وقد سببت قلة السيولة المالية لدى الفلاحين إلى عدم دفع مستحقات الموردين بالنسبة لتعاملات الموسم الفارط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *