المغرب الكبير

ولد حرمة ل”مشاهد”: فشل الوحدة المغاربية دليل على فشل الأنظمة الرسمية

في الـــ17 من شهر فبراير 1989، أعلن زعماء الدول المغاربية الخمس، بمدينة مراكش عن تأسيس منظمة “اتحاد المغرب العربي”. غير أنه وبعد مضي 35 سنة على هذا الإعلان، ما تزال الوحدة المغاربية مجرد حلم ما انفك يراود الشعوب المغاربية، أملًا في رؤية فضاء يحقق تطلعها إلى مزيدٍ من التنمية والرخاء.

بالنسبة لعبد السلام ولد حرمة، رئيس حزب الصواب الموريتاني، وزعيم المعارضة البرلمانية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، فإن الاتحاد المغاربي لم يولد ميتا، لكن الفشل في تفعيله ينتصب، في نظره، دليلًا كافيا على فشل الأنظمة الرسمية في الاستجابة لحاجات شعوبها.

ولتسليط مزيدٍ من الضوء على معيقات هذه الوحدة المنشودة، وتداعياتها على اقتصاديات الدول المغاربية، نتابع الحوار الذي أجرته جريدة “مشاهد” حول هذا الموضوع مع القيادي السياسي الموريتاني.

على بعد أشهر قليلة، سنكون قد أهدرنا 35 سنة من عمر الزمن الوحدوي المغاربي. قبل الحديث عن تداعيات هذا الهدر، ما الذي يجعل الاتحاد المغاربي اليوم ضرورة ملحة؟

الاتحاد ضرورة تاريخية، وضرورة راهنة وملحة كذلك. أما فشله فدليل كاف على فشل أنظمتنا الرسمية في الاستجابة لحاجات شعوبها التنموية، ومطالبها الوجدانية، فيما تسمح به الظروف، وما هو قابل للإنجاز، والتطور وفق أي الصيغ المناسبة لظروف دوله، وواقعها القائم، وحقائق الميدان المعبأة بنصف قرن من الخلافات، أو غياب الرغبة الجدية في حلها. وهو ما أصبح للأسف، رصيدا جديدا من الشك، وانعدام الثقة في نجاح أي مبادرة اندماجية مغاربية، والريبة إزاء كل الذين يتشبثون باتحاد مغاربي قابل للمنافسة والوجود الفاعل.

ما هي الانعكاسات السلبية لتجميد الاتحاد المغاربي على اقتصاديات الدول المغاربية؟

الانعكاسات السلبية الاقتصادية لتجميد الاتحاد المغاربي كثيرة، وبادية للعيان، وتحدث عنها الخبراء بإسهاب. فالمبادلات البينية لا تتجاوز على مستوى دوله، وفي أعلى حالاتها، نسبة 0.5 % من الحجم الإجمالي للصادرات والواردات لهذه البلدان، وذلك رغم ما في عملية الاندماج من فوائد اقتصادية كثيرة، ورغم ما توفره من قوة للتعامل مع الشريك القوي شمالا، أي الاتحاد الأوربي، وما توفره من فرص عدم تبعيتها المذلة له، وتشتت اتفاقياتها مع بقية الكتل الاقتصادية، وضعف مردوديتها. المنطقي أن يكون هناك ترابط، وتبادل، واندماج قوي بين الدول المغاربية الخمس، المكملة اقتصاداتها لبعضها البعض، والقادرة، حسب الخبراء، على أن توفر بجدارة، الاكتفاء الذاتي لكل هذه الدول في معظم حاجياتها.

بناء على ما سبق، هل يمكننا القول بأن الاتحاد المغاربي اليوم في حالة موت سريري؟ أم أنه قد ولد ميتا من الأساس؟

لم يولد الاتحاد ميتا، بل ولد في مناخ عارم، وبهيج من التطلع الوجداني لوصل أجزاء كيان قسمه الاستعمار، وباعدت بينه الخلافات البينية، والزيادة في التشرذم، والتجزئة. ففي السياسة عندنا، للأسف، يبدو أن هناك لحظة مثلى يكون فيها الفعل ملائما تماما ومتسقا مع الهدف، كما جرى في مراكش سنة 1989، وإن انقضاء هذه اللحظة دون استغلالها – أو حتى الشعور بها – يجعل المصادفات الأخرى مجرد شواهد على الصيغة النادرة الأصلية، وتصبح حينها الجهود المطلوبة خارجةً عن القدرة، مع نتائج هزيلةٍ، قد تصبح تافهة بل مضرة. ومع ذلك فمطلب الاتحاد المغاربي مطلب استراتيجي عابر للأنظمة، واللحظات الزمنية المتقلبة للسياسة، ومرتبط بما يزيد على مليون مغاربي يتطلعون للحياة الكريمة في وطن توحده الجغرافيا، والرحم، والتحديات، والتهديدات الوشيكة والمنتظرة ..

ما دامت الوحدة المغاربية بهذه الأهمية، ما هي المداخل الممكنة، في نظرك، لإعادة إحياء هذه المنظمة المغاربية؟

المدخل الأساسي في نظري، هو نضال النخب، وتضحياتها في سبيل هذا الهدف، والعمل كمن يعمل لاسترجاع بيته الشخصي المغتصب من طرف الغير. ذلك لأن اختطاف وحدة المغرب الكبير، عمل يستحق كل تضحية من النخب والقادة.

وأنت قيادي سياسي في موريتانيا، أي دور يجب أن تلعبه بلاد شنقيط في عملية الإحياء هاته؟

كل دول الاتحاد لها مصلحة ملحة في قيامه. أما بالنسبة لموريتانيا، فأرى أنها تواجه حجما من التحديات الإستراتيجية تصعب مواجهتها إلا بتجمع يمتلك من القدرة، والإمكانيات غير الموجودة اليوم إلا في إطار اتحاد مغاربي مكتمل. وذلك منوط بتفكير جدي يتخلى أصحابه، بشكلٍ قاطع، عن محاولات تبني ما لا يمكن تسويغه.

حاوره: عبدالله الفرياضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *