رياضة

ماجدولين العلاوي.. بطلة تجديف تخطت عقبات كثيرة قبل الوصول إلى أولمبياد باريس

عاشقة للرياضة بمختلف أنواعها، مارست العديد من أنواعها منذ الصغر، حتى أضحت “رياضية متكاملة”، كما تحب أن تصف نفسها، لكن الصدفة وحدها ستقود ماجدولين العلاوي إلى عالم التجديف، لتصبح واحدة من أمهر وأسرع المجدفات عربيا وإفريقيا، بل ولتكون من بين المجدفات اللواتي سيخضن الألعاب الأولمبية صيف السنة الجارية بالعاصمة الفرنسية.

ولئن كان للصدفة دور في دخول ماجدولين عالم التجديف قادمة إليه من رياضة أم الألعاب التي برعت في مسابقاتها القصيرة، فإن الفضل يعود أيضا لنهر أبي رقراق في هذا الاختيار، ليس فقط لأنه كان حلبة البداية والتمرين، بل لأنه يجمع أيضا وجدانيا بين الرباط مسقط رأسها سنة 2001، وسلا حيث ترعرعت.

من سباقات 400 متر حواجز، وحلبات التايكواندو، إلى طقوس وأجواء الزوارق والمياه. ومن حواجز أم الألعاب إلى منعرجات الوديان والأنهار، اختلفت التحديات والأمكنة، لكن الطموح والحلم ظل واحدا: التفوق والنجاح والتطلع إلى المجد الرياضي.

تقول ماجدولين العلاوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “لم أكن أعرف شيئا عن رياضة التجديف قبل تسع سنوات، والصدفة فقط هي التي قادتني لزيارة قريبي بـ”مارينا سلا”، والذي كان ينشط بإحدى أندية الرياضات المائية هناك، فكان أول احتكاك لي بهذه الرياضة (…) كنت متوترة لأني كنت أجهل الكثير عن الرياضات المائية”.

لم يمض أكثر من شهر على بداية رحلة ماجدولين في عالم التجديف، حتى انتقلت من ممارسة لهواية طرقت أبوابها صدفة، إلى واحدة من المحترفات في هذا الصنف الرياضي، بل أضحت إسما وازنا وطنيا وقاريا في عالم الرياضات المائية.

تعتبر ماجدولين أنها كانت مهيأة نسبيا للنجاح في هذا التحدي الرياضي، فقد دخلت غمار التجديف وهي تملك كل المقومات المطلوبة، من جسد رياضي وقوة ذهنية، لكن الأهم كان هو تسلحها بالعزيمة والصلابة والصبر، وهي وصفة النجاح في كل رياضة.

تقول ماجدولين “اكتشفت رويدا رويدا جمالية هذه الرياضة، وأثرت في حياتي بشكل شخصي لما تمنحه من راحة نفسية، وصفاء ذهني”، مضيفة “تجاوزت سريعا سوء تقدير البداية حول هذه الرياضة ووقعت في حبها حتى أنها أصبحت اليوم كل حياتي”.

وتتابع المتحدثة قولها، وهي تبحث عن أكثر الكلمات تعبيرا عن تعلقها برياضة التجديف: “فضلا عن الأجواء التنافسية التي توفرها هذه الرياضة، فهي تمنح الإنسان فرصة ثمينة لاكتشاف الذات لما تتيحه من فرص لاكتشاف العالم من خلال الوديان والأنهار، ناهيك عن نسج علاقات إنسانية رفيعة مع ثقافات من مختلف القارات”.

دخلت العلاوي سريعا في أجواء التنافس على الجوائز والميداليات، وفرضت سيطرة مطلقة على بطولة المغرب خلال السنوات الثلاث الماضية، وحازت اللقب على التوالي سنوات 2021، 2022 و2023، في التجديف الكلاسيكي والساحلي.

كما استطاعت انتزاع المركز الثالث في التجديف الكلاسيكي ببطولة إفريقيا لسنة 2019، والمركز الثالث زوجي في التجديف الكلاسيكي لبطولة إفريقيا سنة 2023، كما احتلت المركز الثاني في دورتي البطولة العربية لـ 2021 و2022 في التجديف الساحلي. فضلا عن احتلالها المركز الـ19 في بطولة العالم في التجديف الكلاسيكي لسنة 2023.

وحملت نهاية سنة 2023 الخبر السار لماجدولين ولأسرة الرياضة المغربية بعد تمكنها من حجز بطاقة التأهل لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية باريس 2024، خلال الدور الأخير من الدورة الإقصائية الإفريقية للتجديف التي نظمت بالمسار المائي لبحيرة تونس.

وجاء تأهل البطلة المغربية، بعدما تمكنت من احتلال المركز الأول في الترتيب النهائي (ب) في فئة سباق المنعرجات صنف الكبيرات، وبفضلها سيحظى التجديف المغربي بمشاركة ثانية في أولمبياد باريس 2024 بعد مشاركتة الأولى في أولمبياد طوكيو 2020.

وهكذا ستكون ماجدولين الممثلة الوحيدة للتجديف المغربي في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 ، حيث تقف كما قالت “على عتبة حلم حياتها”، فكل رياضي أو رياضية “يضع سقفا لأحلامه يتمثل في المشاركة والتتويج الأولمبي”.

وأكدت العلاوي “أن هذا الإنجاز لم يتحقق بالصدفة”، بل كان وراءه عمل كبير لمنظومة كاملة بدء من مدربها الذي تعتبره ركيزة أساسية في نجاحها الرياضي، إلى جانب أطر وأعضاء الجامعة الملكية المغربية للتجديف، واللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، فضلا عن دعم أسرتها لها عبر التشجيع والتحفيز.

وعن حظوظها في هذا المحفل الرياضي العالمي، اعتبرت ماجدولين أن المشاركة المغربية ستكون مشرفة، وبأنها ستحاول تحقيق أرقام وضعتها كهدف، ولم لا صعود منصة التتويج رغم المنافسة القوية التي تطبع رياضة يسيطر عليها أبطال من دول ذات تقاليد عريقة في هذا الصنف الرياضي.

ولا تخفي البطلة المغربية سعادتها بالأثر الإيجابي للنتائج التي حققتها ومن بينها التأهل للألعاب الاولمبية، على الممارسين الشباب لهذه الرياضة. “لقد أعادوا اكتشاف مقولة إنه لا مستحيل في الرياضة، وهم متحمسون اليوم أكثر من أي وقت مضى لشق طريق النجاح والتتويج”، تقول ماجدولين.

وعن مستقبل هذه الرياضة بالمغرب، أكدت بأن القادم أفضل، وأن نخبة من الجدافين سيقولون كلمتهم في المستقبل القريب. مضيفة : “أتوقع مشاركة كبيرة وقوية في الألعاب الأولمبية المقبلة (لوس أنجلوس 2028)، خصوصا وأن هذه الدورة ستعرف إضافة التجديف الساحلي إلى جانب الكلاسيكي في جدول الرياضات المعتمدة”.

تكثف ماجدولين العلاوي استعداداتها للمشاركة في الألعاب الأولمبية صيف السنة الجارية، وعينها على كتابة اسمها بأحرف من ذهب في سجل الرياضيين المغاربة الذي حققوا إنجازات ستظل راسخة في الأذهان، وهي تستحضر مسيرة بطلات أولمبيات مغربيات فتحن باب الحلم أمام الرياضة المغربية بنون النسوة، من قبيل البطلات نوال المتوكل ونزهة بدوان وحسناء بنحسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *