متابعات

هكذا قتل الشاب المغربي بدكار لتنتهي أحلامه كطبيب

لم تمّر واقعة مقتل الطالب المغربي، مازن الشاكيري، على يد لصوص مسلحين بالعاصمة السنغالية، دون أن تحدث ضجة واسعة بين صفوف الطلبة المغاربة خصوصا، إذ خلقت الواقعة نقاشا جديدا حول ظروف الأمن بدكار، زيادة على نقاش قديم-جديد بالمغرب، حول نقل جثامين المغاربة الذين يقضون خارج أرض الوطن.

مازن الشاكيري، 24 سنة، ابن مدينة مراكش، عُرف بأخلاقه الحسنة وحبه للحياة، شاب مليء بالطموح، كان في سنته الأخيرة في دكار، قضى هناك ما يصل إلى سبع سنوات، وفي العام الذي كان ينتظر إنهاء دراسته بطب الأسنان وتخرجه في جامعة الشيخ أنتا ديوب ثم العودة إلى بلاده، رحل عن هذه الحياة بشكل مفاجئ، إذ كان ضحية اعتداء بالسكين من أحد قطاع الطرق.

قصة الاعتداء وفق ما رواه بعض أصدقاء الراحل لـCNN بالعربية، منهم رضا المنصوري، وهاجر بوتاحولت، تعود إلى الليلة الفاصلة بين السبت 25 والأحد 26 فبراير2017، كان مازن قد التقى ما بعد منتصف الليل بقليل، بالقرب من بيته، بزميلة له تدرس هي الأخرى طب الأسنان، في هذا الوقت فوجئ بستة أفراد يترجلون من ثلاثة دراجات نارية، ثم يسلبونه كل ما يملك.

لم يبدِ مازن أيّ مقاومة خوفا على حياته وحياة زميلته، لكن أحد قطاع الطرق، ولمّا كان أصحابه في طريق عودتهم لدراجاتهم، قام بغرس سكين في فخذ الشاب، وتحديدا في منطقة جد حساسة هي الشريان الفخذي، حيث انطلق الدم غزيرا، وهنا حاولت زميلته أن تجد سيارة أجرة لنقله إلى المستشفى.

رواية الطالبين المذكورين تضيف أن صديقا آخر لمازن، استطاع إيجاد سيارة أجرة، نقلته في البداية إلى مستشفى رئيسي بالمدينة، يبعد بحوالي عشر دقائق على السيارة من مكان الاعتداء، لكن القائمين على المستشفى أوصوا بنقله إلى المستشفى العسكري لخطورة إصابته، وهناك وافته المنية في الطريق، تقريبا بعد بضع ساعات من الاعتداء عليه، ويتحدث رضا عن أن أصدقاء مازن عاينوا ما يقارب لترا ونصف من الدم المراق في مكان الاعتداء.

يوسف لطف الله، رئيس جمعية الطلبة المغاربة بالسنغال، يؤكد أن الإصابة في الشريان الفخذي خطيرة للغاية، ولأجل إنقاذه يجب أن تتوافر لحظة إصابة صاحبها سيارة إسعاف تقوم بنقله على وجه السرعة إلى مستشفى القلب والشرايين، ووفق صديق له اطلع على تقرير الطب الشرعي للراحل، فالإصابة كانت عميقة جدا، لدرجة أنه استغرب كيف استطاع مازن المقاومة لبعض الوقت قبل أن يرحل للأبد، مشيرًا إلى أن الوفاة وفق ما علمه من المقربين من الراحل، وقعت الساعة الخامسة صباحا.

بيد أن مأساة أسرة مازن وأصدقاءه لم تتوقف عند الوفاة، فقد طُرح مشكل نقل جثمانه إلى مدينة مراكش، وعلم الأصدقاء أن عليهم جمع المال لأجل التكفل بمصاريف النقل التي تقارب 8 آلاف دولار، وفعلا بدأوا بجمع المال، وساهمت معهم جامعة ديوب ووزارة التعليم السنغالية، حسب تصريحات هاجر، ويؤكد رضا أن المبلغ بلغ في نهاية حملة التبرعات التي تمت بشكل سريع 12 ألف دولار.

في نهاية الأمر، تكفلت وزارة الجالية المغربية بمصاريف نقل الجثمان وقرّرت شركة الخطوط الجوية المغربية نقل التابوت مجانا، لكن ما يواجه عملية النقل الآن هو تعقد الإجراءات التي تتطلب انتظار يومين على الأقل حتى يصل الجثمان إلى مدينة مراكش، مشكل لم يعترض أسرة مازن لوحدها، فالجالية المغربية هناك عموما عانت أكثر من مرة مع عملية نقل الجثامين، خاصة خلال الأشهر الأخيرة.

زاد من تعقيدات نقل جثمان مازن أن وفاته صادفت نهاية صلاحية جواز سفر والده، ممّا أدى إلى تسريع الإجراءات لأجل تمكينه من جواز سفر جديد حتى يتمكن من السفر لدكار، أما عن مبلغ التبرعات، فسيتم إيصاله إلى أسرة الراحل، لمساعدتهم في مصاريف العزاء، حسب تأكديات رضا.

مقتل مازن أدى إلى تجمع العشرات من الطلبة المغاربة للاحتجاج أمام السفارة المغربية بدكار اليوم الاثنين على عدم المساعدة في نقل الجثمان، والتقى عدد منهم بعد ذلك بالسفير الذي أكدّ لهم تكفل الحكومة المغربية بمصاريف نقل الجثمان، قرار يرى الطلبة أنه أتى بعد ضغط منهم، لكن لم يكن نقل الجثمان وحده سبب الاحتجاجات، فهاجر تقول إنها وعدد من صديقاتها بتن يتخوفن من تكرار مثل هذه الاعتداءات.

” سبق لي أن عانيت من السرقة. اقتُحم بيتي وسُرق حاسوبي ونقودي، ولم أضع شكوى لأنني أعرف أنه لن يتم التعامل معها، إذ سبق أن أخبرنا السفارة بوجود سرقات متكررة تطال الطلبة المغاربة خصوصا، وأخبرتنا أنها ستشعر السلطات السنغالية، لكن لم نر رد فعل كبير من هذه الأخيرة. لم تقع في الماضي جرائم قتل بحق المغاربة، رغم استهدافنا بشكل كبير لأغراض السرقة، لكن ما وقع لمازن، بات يشكّل كابوسا لنا”، تقول هاجر.

و تعكف السلطات السينغالية على تكثيف عمليات البحث بحق المتورطين الذين لا يزالون في حالة فرار وفق ما علمته CNN بالعربية، بينما في الجانب الاخر يرفض السفير المغربي بالسنغال، طالب برادة، في تصريحات للقناة الثانية المغربية، فكرة وجود اعتداءات موجهة تحديدا ضد الطلبة المغاربة، ويبرّر ذلك بأن بعض المجرمين يستهدفون الجميع وليس المغاربة فقط.

كما يرى رضا منصوري أنه من الصعب الحديث عن توجه عنصري يستهدف الطلبة المغاربة في دكار، ويعتقد أن السرقات المتكررة التي تعرّضوا لها سببها ظن اللصوص أن المغاربة يملكون المال وأنهم أغنياء مقارنة بطلبة آخرين، بينما يشير مصدر مغربي تحفظ على ذكر اسمه أن المنطقة حيث كان يقطن مازن، لم تكن آمنة بشكل كبير، وشهدت سابقا أكثر من واقعة اعتداء في الشارع العام، كانوا ضحاياها كذلك من أبناء البلد.

يشدّد يوسف لطف الله، أن الاعتداءات ضد المغاربة حقيقة جلية، وأن الطلبة سبق لهم أن احتجوا العام الماضي بشأن هذا الموضوع أمام السفارة، كما أن طالبة مغربية تعرّضت للسرقة فقط اليوم الاثنين، مشيرًا إلى أن طلبة المغرب بالسنغال يطالبون بأن تأخذ العدالة مجراها ويُحاكم المتورطون في الجريمة، وأن تتدخل السفارة المغربية بشكل أكبر لدى السلطات السنغال حتى يتم توفير حماية للطلبة المغاربة الذين يأتون في الغالب لهذا البلد قصد دراسة الطب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *