حوارات

المعطي منجيب: لن يسمح لبنكيران بالنجاح لأنه سيكون أسطورة

اعتبر المؤرخ والمحلل السياسي المعطي منجيب أن المدة الزمنية التي أخذها عبد الإله بنكيران من أجل ترميم حكومته، تعكس طول الأزمة التي وقعت منذ وصول حميد شباط إلى حزب الإستقلال، والتي دامت عدة شهور. وهي أزمة منها هدفين أساسيين، أولهما إلهاء الحكومة وإعاقتها في أخذ قرارات الإصلاح الكبرى التي كانت قد وعدت بها المغاربة، أما الهدف الثاني فيتمثل في إظهار حزب العدالة والتنمية كحزب معزول عن المجتمع السياسي المغربي، وأنه لديه صعوبات في إيجاد حلفاء.

وأشار منجيب في هذا الحوار مع “مشاهد”، إلى أن بنكيران لن يستطيع أن يصلح صندوق المقاصة كما يريده أو يطمح إليه، كمنح تعويضات مالية لذوي الدخل المادي المنعدم أو الضعيف، وهو ما سيمكن الحزب من ربح سياسي مهم جدا، لأن النظام لن يسمح له بذلك، لأن الناس ستسمي تلك المساعدات بمساعدات بنكيران، الشيء الذي سيصبح معها بنكيران أسطورة حقيقة عند الشعب.

بما يمكن تفسير طول المشاورات لتشكيل الأغلبية الجديدة؟

طول هذه المشاوات، هي نتيجة لطول الأزمة التي وقعت منذ وصول حميد شباط إلى حزب الإستقلال، والتي دامت عدة شهور. وهي أزمة منها هدفين أساسيين، أولهما إلهاء الحكومة وإعاقتها في أخذ قرارات الإصلاح الكبرى التي كانت قد وعدت بها المغاربة، أما الهدف الثاني فيتمثل في إظهار حزب العدالة والتنمية كحزب معزول عن المجتمع السياسي المغربي، وأنه لديه صعوبات في إيجاد حلفاء. وهذا كله ناتج عن خطأ البيجيدي منذ البداية، عندما أصبح يتظاهر وكأنه تحالف مع ثلاثة أحزاب، بينما الحقيقة أن التحالف لم يكن سوى تحالفا ثنائيا بينه وبين القصر. فالعدالة والتنمية أتت بمشروعية الشارع وصناديق الاقتراع بينما القصر له مشروعية الحكم والقوة.

هل يمكن أن يتكرر سيناريو شباط مع مزوار؟

أظن أن حزب التجمع الوطني للأحرار، له مواقف منتقدة حسب ما يطلبه منه المخزن. كما أظن أن الأحرار سائر في طريق دخول الحكومة بشروط ليست في صالح العدالة والتنمية، وسيعمل في الحكومة بطريقة أقل ضوضائية، أي نفس السياسة التي كان يلعبها شباط، والتي تلعبها الحركة الشعبية داخل الحكومة. والهدف من كل ذلك هو إلهاء وإضعاف رئاسة الحكومة عن اتخاذ القرارات الحاسمة؛ كالإصلاح الضريبي وإصلاح صندوق المقاصة وإصلاح نظام التقاعد. وهنا يجب أن نشير إلى أن الربح السياسي في الإصلاح الجزئي لصندوق المقاصة بدأ يأخذه القصر، وذلك عندما قررت وزارة الداخلية أن تمنح المهنيين تعويضا كل 3 أشهر بعد اعتماد الحكومة لنظام المقايسة في تحريها الجزئي لدعم المواد البترولية. فهذا التعويض كان من الأولى أن تقدمه وزارة النقل باعتبارها وصية على القطاع، وليست وزارة الداخلية، فأي علاقة لوزارة الداخلية بهذا الملف؟ إلا أن وجود شخص من العدالة والتنمية على رأس وزارة التجهيز والنقل، جعل الدولة تقحم وزارة الداخلية في الموضوع، لأن الربح السياسي سيعود لها وليس للحزب الحاكم.

هل الأسماء المقترحة لتولي المناصب الوزارية في الحكومة الثانية، ستكون لها إضافة على أداء القطاعات التي سيشغلونها؟

على كل حال، حزب الاستقلال كانت لديه كفاءات مهمة داخل التشكيلة الحكومية السابقة، أما الوزراء الجديد فأظن أنه لن تكون لهم أية إضافة نوعية. فالقرارات التي يجب أن تأخذ هي القرارات السياسية التي تظهر أن الدستور الجديد لديه معنى، ولديه مشروعية على أرض الواقع. ونحن نعرف أن القرارات الكبرى تتخذ من طرف القصر وأن البلاد تحكم دائما ليس من طرف الحكومة، ولكن من طرف القصر بشكل أو بآخر.

هل القرارات التي يتخذها بنكيران والتي توصف بأنها لا شعبية، هل يتخذها عن اقتناع أم أنها تفرض عليه، ومثال ذلك نظام المقايسة؟

في الحقيقة لا أعلم التفاصيل الدقيقة التي جعلت بنكيران يتخذ هذا القرار الذي ذكرت، ولكن كثيرا من الدول اتخذته، غير أنه سيضر كثيرا بشعبية العدالة والتنمية، لأن هذا القرار بسببه قد ترتفع الأسعار بشكل صاروخي في حالة ما إذا ارتفعت الأسعار على المستوى الدولي، كما أنه سيمنع حزب البيجيدي من إصلاح صندوق المقاصة كما يريده أو يطمح إليه، كمنح تعويضات مالية لذوي الدخل المادي المنعدم أو الضعيف، وهو ما سيمكن الحزب من ربح سياسي مهم جدا. غير أن النظام بطبيعة الحال لن يسمح بذلك، لأن الناس ستسمي تلك المساعدات بمساعدات بنكيران، الشيء الذي سيصبح معها بنكيران أسطورة حقيقة عند الشعب، فالشعب بطبعه لا يهتم كثيرا بالأحزاب أو البرامج بقدر ما يتهم بالشخصيات والأشخاص. ولو فعلا تم إصلاح صندوق المقاصة كما يريدها حزب البيجيدي وكما حدث في بلدان أخرى من قبل، كالبرازيل مثلا، حيث عوض أن يكون هناك صندوق مقاصة يستفيد منه الأغنياء والشركات الكبرى قبل أن يستفيد منها الشعب، فإن إعطاء تعويض شهري لكل الفئات المغربية الهشية، كان سيجعل من حزب العدالة والتنمية ليس حزب مناضلين كما هو معروف عليه الآن، ولكن هو حزب منتخبِين. فكما تعلمون فإن عددا من الأحزاب يكون في صفوفها عدد المناضلين أكثر من عدد المنتخبِين، وهذه مسألة تشبه نوعا ما عملية رياضية. فعندما مثلا يكون في حزب ما عدد المناضلين الملتزمين بالحزب 10 آلاف عضو بينما عدد المنتخبِين لا يتجاوز 30 ألفا، فإن فعاليته ستكون أقل على مستوى الحضور السياسي، بينما إذا كان حزب يتوفر على 5 آلاف عضو ومناضل ملتزم لكنهم قادرين على التأثير في 60 ألف منتخِب، فإن الحزب سيكون له حضور قوي في المشهد السياسي، وهذا ما أريد ان أشير إليه بخصوص حزب البيجيدي، لأنه إذا استطاع أن يمرر مشروعه الاقتصادي ويمنح الفئات الهشة مبالغ مالية، فإن قاعدة المنتخبِين ستكون أقوى وأكبر، حتى لو كان عدد المناضلين فيه ضعيف بالمقارنة مع بعض الأحزاب الأخرى التي يكون عدد أعضائها أكبر لكنها لا تتوفر على قاعدة انتخابية مهمة. فمثلا لو تحول حزب البيجيدي إلى حزب مناضلين وفي نفس الوقت حزب منتخبِين فإنه سيشكل حينئذ خطرا على النظام في بنيته الحالية، لأن الحكم يمكن أن يخرج من بين يديه ويصبح في يدي طرف آخر لا ينظر إليه بعين الرضا.

كيف تقرأ دعوة العدل والإحسان تشكيل جبهة موحدة ضد المخزن؟

أعتقد أنها دعوة صادقة، ولكنها يجب أن تتخذ قرارات لتصريفها وأجرأتها على أرض الواقع، وإذا كانت الدعوة لم تلقى القبل بشكل كبير من لدن القوى الفاعلة في الوطن على المستوى السياسي، فلأن المخزن يضغط على هذه القوى بشكل كبير، وأن الجماعة ما زالت موزعة بين الطريقة والحزب، وهذا يشوش على صورتهم كفاعل سياسي محظ، وكثير من الناس الفاعلين في المجتمع يفضلون أن يتعاملوا مع كيان سياسي حزبي على أن يتعاموا مع جماعة تجمع بين ما هو سياسي وما هو دعوي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *