المشهد الأول

ما بين الرعي الجائر والصيد الجائر .. حذاري من الفتنة

أصبحت وسائل الإعلام بمنطقة سوس على وجه الخصوص تعج بمقالات ومتابعات صحفية حول نزوح المواشي من الصحراء نحو مناطق سوس بحثا عن الماء والكلأ، إذ تم تحرير كتابات عديدة تتناول هذا الموضوع بنظرة جهوية شوفينية ضيقة.

فظاهرة تنقل الرحل الذين يمتهنون تربية المواشي خصوصا الإبل والماعز قديمة تتكرر كل سنة، إذ تحولت مناطق سوس عبر التاريخ إلى فضاءات للرعي أو للمرور إلى ربوع الوسط المغربي في رحلات سنوية، كما تمخض عن هذه الظاهرة توطين عدد من قبائل الصحراء في مجالات جغرافية تمتد من أحواز مراكش إلى مناطق سيدي قاسم.

إلا أن اللافت في الأمر هو أن ينحرف إثارة موضوع هذه الظاهرة من بعض الأضرار التي يتسبب في رعاة الصحراء من خسائر مادية إلى الحديث بلغة عنصرية وقبلية ومناطقية تغذيها حماسة بعض الجمعيات التي لاتتردد في وصف ظاهرة الرعي هذه بأوصاف مهينة تمتح مفرداتها من قاموس عنصري بغيض.

لقد كثرت الاجتماعات الرسمية مؤخرا التي تدين ظاهرة عادية تعاملت معها القبائل عبر التاريخ بنوع من الحكمة والتعقل، فأن يتم نعت الرعاة الرحل بأوصاف ذات دلالات عنصرية وعدائية يمكن أن تكون له تداعيات وخيمة على التماسك المجتمعي بالمغرب.

لقد خلف إثارة موضوع الرعي الذي يمارسه الرحل الصحراويين بمناطق سوس بالطريقة التي تتطرق إليه وسائل الإعلام وبعض الجمعيات، ردود أفعال مشابهة بمناطق الصحراء. إن تسميات من قبيل الرعي الجائر وغيرها من النعوت القدحية، هي التي تغذي ظاهرة جديدة بالصحراء، حيث انتصبت جمعيات بمناطق العيون والداخلة للتنديد، وبشكل مشابه لما يحدث بسوس، بالصيد البحري الجائر، وبتهريب السمك إلى أقاليم الشمال، كما انتقدت ذات الجمعيات احتكار نشاط الصيد االبحري من طرف أشخاص لاينتمون إلى المناطق الجنوبية للمغرب، وفي ذلك إشاعة مرة أخرى لخطاب قبلي ومجالي غير مبرر وغير مقبول.

فما بين الرعي الجائر والصيد الجائر .. حذاري من الفتنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *