حوادث

فرنسا تشتعل..نشر 45 ألف شرطي ودركي لمحاصرة الاحتجاجات

قال وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، أمس الجمعة، 30 يونيو 2023، إن الساعات المقبلة ستكون حاسمة مع نشر 45 ألف شرطي ودركي في الشوارع بعد أعمال شغب مستمرة منذ 3 ليال؛ بسبب مقتل مراهق برصاص فرد شرطة في إشارة مرورية بإحدى ضواحي باريس التي تسكنها الطبقة العاملة.

وفي إطار سعيها لاحتواء الشغب والتخريب، سمحت الحكومة الفرنسية للدرك بإنزال عربات مصفّحة إلى الشوارع، من دون أن تذهب إلى حد إعلان حالة الطوارئ.

في الوقت نفسه قالت الشرطة إن مثيري شغب فرنسيين نهبوا متجراً للسلاح في وسط مارسيليا، ثاني كبرى المدن الفرنسية، واستولوا على بعض بنادق الصيد لكن دون ذخيرة، وأضافت الشرطة أنها اعتقلت أحد الأشخاص وبحوزته بندقية ربما نُهبت من متجر السلاح. وتتولى الشرطة حالياً حراسة المتجر.

في حين تسببت أعمال العنف، التي أُضرمت خلالها النيران في بعض المباني والسيارات، بالإضافة إلى نهب بعض المحال، في وضع الرئيس إيمانويل ماكرون في أكبر أزمة خلال فترة رئاسته منذ احتجاجات السترات الصفراء التي اندلعت في 2018.

في سياق متصل، توفي شاب عشريني، بعد ظهر الجمعة، في شمال غرب فرنسا متأثّراً بإصابته بجروح، إثر سقوطه من أعلى سطح متجر خلال أعمال شغب تشهدها البلاد؛ احتجاجاً على مقتل شاب فرنسي من أصول جزائرية برصاص الشرطة خلال عملية تدقيق مروري.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية، عن مصدر في الشرطة، قوله إن الشاب سقط من أعلى سطح سوبرماركت “خلال عملية نهب”، لكن مكتب المدّعي العام في روان قال إن هذا المتجر “لم يتعرّض لهجوم من قبل مثيري الشغب خلال هذه الوقائع”.

في حين اندلعت الاضطرابات في جميع أنحاء البلاد، مثل مارسيليا وليون وتولوز وستراسبورغ وليل وباريس، حيث قُتل نائل م. (17 عاماً)، وهو من أصل جزائري-مغربي، برصاص الشرطة يوم الثلاثاء في ضاحية نانتير.

وأذكت وفاته، التي رصدتها إحدى الكاميرات، شكاوى قديمة من أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة والمجتمعات الحضرية بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية.

ووجّه وزير الداخلية رسالة لرجال الإطفاء وعناصر الشرطة قال فيها “الساعات المقبلة ستكون حاسمة، وأنا أعلم أنه يمكنني الاعتماد على جهودكم المضنية”، وذلك في محاولة لوضع نهاية للاضطرابات.

وطلب دارمانان من السلطات المحلية وقف حركة جميع الحافلات والترام من الساعة التاسعة مساء (السابعة بتوقيت غرينتش) في أنحاء البلاد، وقال في وقت لاحق إن 45 ألفاً من قوات الشرطة سينتشرون مساء أمس الجمعة في الشوارع.

ورداً على سؤال في البرنامج الإخباري الرئيسي الذي بثته شبكة (تي.إف1) التلفزيونية مساء الجمعة، عما إذا كان بإمكان الحكومة إعلان حالة الطوارئ، قال دارمانان “بكل بساطة، نحن لا نستبعد أي فرضية، وسنرى بعد هذه الليلة ما سيختاره رئيس الجمهورية”.

وانتشر نحو 40 ألفاً من أفراد الشرطة في الشوارع الليلة الماضية. وأُصيب أكثر من 200 منهم. وقال دارمانان إن أكثر من 900 شخص اعتُقلوا في أعقاب الاضطرابات التي اندلعت الخميس، وأضاف أن متوسط ​​أعمارهم 17 عاماً.

ورغم أن أسوأ أعمال العنف مقتصرة على ضواحي المدن حتى الآن، فإن أي علامة على انتشارها في مراكز أكبر ستمثل تصعيداً كبيراً.

وبدأت الشرطة الفرنسية إخلاء ساحة الكونكورد الشهيرة، في وسط العاصمة باريس، من المحتجين، بعد أن بدأت فيها مظاهرة دون تخطيط مسبق.

وقال مسؤول محلي إن لصوصاً نهبوا متاجر، أحدها لشركة أبل، في مدينة ستراسبورغ الجمعة. وقال مصدر لرويترز إن العديد من المتاجر تعرّضت للنهب في جميع أنحاء البلاد.

كما قالت شرطة باريس إنه جرى اقتحام متجر لبيع الأحذية تابع لشركة نايكي في وسط باريس، وإنها ألقت القبض على عدة أشخاص بعد تحطيم نوافذ متجر في شارع رو دي ريفولي.

وألغت السلطات بعض الفعاليات، من بينها حفلتان موسيقيتان في ملعب فرنسا بضواحي العاصمة. ويقول منظمو سباق “تور دو فرانس” إنهم مستعدون للتعامل مع أي موقف عندما يدخل المتسابقون البلاد يوم الإثنين، بعد انطلاق السباق في مدينة بلباو الإسبانية.

في حين حظرت السلطات تنظيم مظاهرات عامة كانت مقررة الجمعة في مدينة مرسيليا جنوب البلاد، ثاني أكبر مدن فرنسا، وطلبت من المطاعم إغلاق ساحاتها الخارجية المخصصة لتناول الطعام مبكراً. وأضافت أن جميع وسائل النقل العام ستتوقف اعتباراً من الساعة السابعة مساء.

وقالت الشرطة إنها نشرت مجموعات صغيرة في المدينة واعتقلت 36 شخصاً، وأُصيب اثنان من أفراد الشرطة بجروح، وحلقت طائرة هليكوبتر تابعة للشرطة في سماء المدينة.

وغادر ماكرون قمة تابعة للاتحاد الأوروبي في بروكسل مبكراً، كي يتمكن من حضور ثاني اجتماع طارئ للحكومة خلال يومين.

وطلب ماكرون من منصات التواصل الاجتماعي إزالة لقطات الشغب “الأكثر حساسية” من صفحاتها وإبلاغ السلطات بهوية المستخدمين الذين يحضون على ارتكاب العنف.

والتقى دارمانان بممثلين عن شركات ميتا وتويتر وسناب شات وتيك توك. وقالت شركة سناب شات إنها لا تتهاون مطلقا مع المحتوى الذي يحض على العنف.

وقال محمد جاكوبي، صديق أسرة الضحية والذي شاهد نائل، وهو يكبر منذ أن كان طفلاً، إن ما يؤجج حالة الغضب هذه هو الشعور بالظلم في الأحياء الفقيرة بعد أن مارست قوات الشرطة العنف ضد الأقليات العرقية، وكثيرون منهم ينحدرون من المستعمرات الفرنسية في السابق. وقال “سئمنا، نحن الفرنسيين أيضاً ضد العنف، ولسنا حثالة”. في حين ينفي ماكرون وجود عنصرية ممنهجة داخل أجهزة إنفاذ القانون.

أظهرت مقاطع مصوَّرة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي اشتعال النيران في حدائق بالمدن، وفي ترام بمدينة ليون بشرق البلاد، وفي 12 حافلة داخل مرأب في أوبيرفيلييه بشمال باريس.

وفي نانتير على مشارف العاصمة، أضرم محتجون النار في سيارات وأغلقوا الشوارع وألقوا مقذوفات على الشرطة، بعد وقفة احتجاجية سلمية في وقت سابق لتأبين الشاب.

وقالت وزيرة الطاقة إن عدداً من العاملين في إحدى شركات توزيع الكهرباء أُصيبوا بالحجارة التي أُلقيت عليهم خلال الاشتباكات.

وذكرت وزارة الداخلية أن مثيري الشغب هاجموا 79 قسم شرطة و119 مبنى حكومياً، من بينها 34 دار بلدية و28 مدرسة، الليلة الماضية. وانتاب القلق بعض السائحين، بينما عبر البعض الآخر عن تأييدهم للمتظاهرين.

وقال السائح الأمريكي، إنزو سانتو دومينجو، في باريس “العنصرية والدخول في مشكلات مع الشرطة والأقليات من القضايا المستمرة ومن المهم معالجتهما”.

في سياق متصل، نصحت بعض الحكومات الغربية مواطنيها في فرنسا بتوخي الحذر.

وشدد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على أهمية أن تكون التجمعات سلمية. ودعا السلطات الفرنسية إلى ضمان أن يكون استخدام الشرطة للقوة، وفقاً لمبادئ عدم التمييز. وقالت رافينا شامداساني، المتحدثة باسم المكتب “هذه فرصة للبلاد لتعالج بجدية المشكلات العميقة المتعلقة بالعنصرية والتمييز العنصري في إنفاذ القانون”.

في حين خضع رجل الشرطة، الذي قال الادعاء العام إنه اعترف بإطلاق رصاصة قاتلة على الشاب القاصر، لتحقيق رسمي بتهمة القتل العمد، وهو محبوس احتياطياً الآن. وقال محاميه، لوران فرانك لينار، لقناة (بي.إف.إم) التلفزيونية، إن موكله صوّب على ساق السائق، لكنه ارتطم بشيء عندما أقلعت السيارة، مما جعله يصوب النار على صدر الشاب. وأردف قائلاً “بكل تأكيد أن (رجل الشرطة) لم يرغب في قتل السائق”.

وأعادت الاضطرابات للأذهان أعمال الشغب التي وقعت عام 2005 وهزت فرنسا لمدة 3 أسابيع، وأجبرت حينها الرئيس جاك شيراك على إعلان حالة الطوارئ، بعد وفاة شابين صعقاً بالكهرباء في محطة كهرباء فرعية أثناء اختبائهما من الشرطة.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *