متابعات | هام

بافتقادها لمعايير السلامة الصحية..المجازر الجماعية بسوس تشتغل خارج أي مراقبة

أضحت جل المجازر الجماعية بجهة سوس ماسة تنذر بكارثة إنسانية وبيئية، نتيجة الوضعية المزرية التي توجد عليها، خاصة وأن معظم الجماعات تتخلص من مخلفات الأنشطة المزاولة بالمجازر في مطارح عشوائية تم إحداثها بالقرب من هذه المرافق الجماعية ووسط التجمعات السكنية، مما يهدد السلامة الصحية والبيئية، وينذر بكارثة بيئية في غياب ربط هذه المجازر بشبكة الصرف الصحي.

ومن جهة أخرى، تفتقر هذه المجازر الجماعية لأبسط شروط السلامة الصحية والنظافة، في ظل غياب بنيات تحتية تستقبل كافة الأنشطة التي يتم مزاولتها بها، خاصة ما يتعلق منها بالظروف التي تتم فيها عمليات الذبح والسلخ، علاوة على غياب وسائل نقل اللحوم التي تستجيب للمواصفات الصحية.

وكان المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية “أونسا” قد أعلن منذ 2018 أنه سيقوم بإغلاق المجازر التي لا تتوفر فيها الشروط الصحية، بكافة الجماعات الترابية منها جهة سوس ماسة، من خلال سحب عمليات المراقبة وختم اللحوم، التي يقوم بها أطره، وهو ما سيوقف أنشطة المجازر المذكورة بشكل نهائي في انتظار تأهيلها.

وفي سياق متصل، كان المجلس الأعلى للحسابات قد كشف قبل 6 سنوات في تقرير تفصيلي، أن خمس مجازر جماعية فقط هي التي تحترم الشروط الصحية للذبح بالمغرب من أصل 900 مجزرة، حيث مكنت المهمات الرقابية التي قامت بها المجالس الجهوية للحسابات، ما بين سنتي 2007 و2015، من الوقوف على عدة نقائص ذات طابع متكرر تتعلق بشروط النظافة والصحة وكذا على مستوى التدبير.

وحذر المجلس من الأثر السلبي لهذه النقائص على جودة اللحوم الموجهة للاستهلاك، حيث تشكل عقبة رئيسية في طريق تحديث قطاع إنتاج وتوزيع اللحوم الحمراء على الرغم من المجهودات التي تبذلها الدولة لتأهيل القطاع.

وأظهرت عمليات المراقبة أن أغلب المنشآت المخصصة للمجازر لا تتوفر فيها الشروط الأساسية المطلوبة في هذا الميدان، إذ أن خمس مجازر فقط، على المستوى الوطني، استطاعت الحصول على الاعتماد من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.

وأضاف التقرير، أنه بسبب عدم وجود مرافق منفصلة للنحر والسلخ ونزع الأحشاء، تعمل معظم المجازر وفقا لنموذج مراكز الاشتغال الثابتة، والتي لا تسمح بوضع منظومة للتحكم إلى الأمام انطلاقا من القطاع الملوث نحو القطاع النظيف. وبالتالي، يتم النحر والسلخ ونزع الأحشاء، في نفس الغرفة في تناقض تام مع المعايير المنصوص عليها في دفتر التحملات والرامية إلى تفادي تلوث الذبائح.

وخلصت المهمات الرقابية إلى أن العديد من المجازر لا تتوفر على محلات مهيأة بشكل يحول دون تسلل الحيوانات والحشرات التي يمكن أن تلوث اللحوم وأن تشكل ناقلات للأمراض. كما أن الجدران والأرضيات لا تستجيب للمواصفات المنصوص عليها في دفتر التحملات من حيث الصلابة والكتامة وشروط النظافة والتعقيم. وفي بعض الأحيان لا تكون جدران غرف الذبح بالارتفاع الملائم مما يؤثر سلبا على سلامة اللحوم عند حدوث تماس بينها وبين الأرضية والجدران.

وفضلا عن ذلك، يضيف التقرير، فإنه لم يتم ربط العديد من المجازر بشبكات الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير ما من شأنه أن يؤثر سلبا على النظافة والسلامة الصحية لعملية الذبح. كما لا تتوفر العديد من المجازر على المرافق والأنظمة والتجهيزات الصحية اللازمة لتنظيف وتطهير الأيدي والأدوات والتي تقتضي المعايير المعتمدة من طرف دفتر التحملات على أن تكون متواجدة بالقرب من مواقع العمل.

ورغم هذا صدور هذا التقرير “الاسود”، منذ 6 سنوات حول وضعية المجازر الجماعية بالمغرب ومنها جهة سوس ماسة لم تتحرك الجهات الوصية لحلحلة هذا الواقع الذي يمس السلامة الصحية للمواطنين.

كما کشف تقرير للجنة استطلاع برلمانية مؤقتة،في سنة 2020، حول المجازر بالمغرب عن مجموعة من الاختلالات التي تشوب تدبيرها على الصعيد الوطني، وأن هذه المجازر لا تحترم شروط الصحة والسلامة والنظافة، حيث يقدر عدد المجازر على الصعيد الوطني بـ185 مجزرة بالوسط الحضري وحوالي 749 مذبحة قروية. ومن بين الاختلالات، التي كشفها التقرير، تقادم البنيات وضعف التجهيزات بسبب غياب الصيانة وضعف الاستثمار، واعتماد أنماط تدبيرية غير احترافية بالمجازر، إلى جانب عدم توفر شروط الصحة والسلامة والنظافة داخل جل المجازر الموزعة على مستوى الصعيد الوطني.

ودعت اللجنة، التي شكلها مجلس النواب للوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية، الوزارة الوصية إلى تأهيل وتنظيم أسواق الماشية خاصة الأسبوعية، ومراقبة معايير السلامة الصحية، لتفادي أي تأثير سلبي على جودة اللحوم ومحدودية المجازر المعتمدة بالنسبة لكل جهات المملكة.

ومن تداعيات ضعف البنيات التحتية لهذه المرافق الجماعية وقلة الأطر البيطرية، تزايد انتشار ظاهرة الذبيحة السرية بجل الجماعات بسوس، حيث تقوم لوبيات الذبيحة السرية يوميا بإغراق الأسواق المحلية بلحوم غير مراقبة بيطريا ومجهولة المصدر.

كما أن هذه الظاهرة تهدد السلامة الصحية لمستهلكي هذه اللحوم، معتبرة أن تساهل السلطات المحلية والمصالح البيطرية التابعة لوزارة الفلاحة في فرض مراقبة صارمة ساهم في ارتفاع وثيرة هذا النشاط المخالف للقانون.

ومن نتائج انتشار هذه الظارهة تراجع الرسم المفروض على الذبيحة بسبب تباطؤ نشاط المجزرة البلدية، مما يفسر تزايد الذبيحة السرية بأغلب النفوذ الترابي بالجماعة، بالاضافة إلى استغناء مهنيي القطاع عن اقتناء الذبائح التي تمر عبر المجزرة الجماعية.

وأوضحت ذات المصادر، أن هذا النشاط يفوت على خزينة الجماعة مبالغ مالية كبيرة، ودعت إلى ضرورة تشديد السلطات المحلية الرقابة على مراكز الذبيحة السرية ونقط بيعها، حيت يعمد محترفو الذبيحة السرية إلى خلق مجازر عشوائية بمجموعة من الأحياء الهامشية.

فهل تعمل الجهات الوصية وأجهزة المراقبة على إصلاح هذه الاختلالات بالمجازر الجماعية بسوس؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *