متابعات

توالي سنوات الجفاف..التخلي عن مايقارب 1500 هكتار من الحوامض بتارودانت

اسفر توالي سنوات الجفاف بجهة سوس ماسة عن تخلي مجموعة من الفلاحين ،مؤخرا، باقليم تارودانت عن مايقارب عن 1500 هكتار من ضيعات الحوامض. وتأتي هذه الخطوة نظرا لنضوب مياه السقي الجوفية و انقطاع التزود بمياه السقي من المجمع المائي لأولوز. وتم تسجيل هذه الإحصايات في محور هوارة الكردان في اتجاه مدينة تارودانت.

وقد اسفرت عملية التخلي عن هذه الضيعات عن تسريح عدد كبير من العمال الرسميين والموسميين وفقدان عدد كبير من ايام العمل. كما تم تسجيل توقف 10 محطات التلفيف عن العمل بسوس مما يفسر انخفاضا حادا في الكميات المصدرة، مايقارب 500 الف طن، بالمغرب فيما تجاوزت في السنوات الماضية 1.7 مليون طن.

بالمقابل يعرف منتوج الحوامض بالمغرب، هذه السنة، نقصان حيث لم يتجاوز 1.7 مليون طن فيما تم تسجيل في موسم 2021 /2022 مايفوق 2.6 مليون طن من انتاج الحوامض باختلاف أنواعها.

الجفاف يهدد قطاع الحوامض بسوس…انخفاض المساحات المزروعة

يعرف القطاع الفلاحي بسوس ماسة أوضاعا استثنائية، لتستمر الازمة التي يعيشها القطاع منذ سنوات، ويأتي مشكل قلة منتوج الحوامض بكافة أنواعها ليقوض انتظارات الفلاحين في تعويض الخسائر التي تكبدها القطاع في السنوات الأخيرة.

وخلقت هذه الوضعية أزمة بين الفلاحين والبنوك بالمنطقة، إذ أكدت مصادر أن نسبة الديون المتراكمة على الفلاحين تسببت في قلة السيولة المالية بمجموعة من الأبناك، وأبطأت عمليات تسديد مستحقاتهم في الآجال المحدد. مضيفة أن محاكم سوس تشهد مؤخراً ارتفاعا في الدعاوى القضائية المتعلقة بالشيكات بدون رصيد وكذا تسجيل تزايد عدد الكمبيالات غير المؤداة.

وقد أدت هذه الوضعية إلى توقف البنوك عن إجراء عمليات الاقتراض الموجهة للفلاحين، منها المتعلقة بالقروض الزراعية. وقد سببت قلة السيولة المالية لدى الفلاحين إلى عدم دفع مستحقات الموردين بالنسبة لتعاملات الموسم الفارط. وهذه النقطة أرهقت كاهل الفلاحين مما أدى إلى تهيئ سيئ للموسم الفلاحي الحالي، مما قد ينذر بنقص مهول في بعض المزروعات كالخضروات مثلا.

ومما زاد من استثنائية الموسم الفلاحي الحالي توالي سنوات الجفاف،مايقابر 10 سنوات، إذ تم تسجيل نقص كبير في الفرشة المائية ونضوبها في بعض الأحواض الاخرى، وتسجيل عجز مقلق في حقينة السدود مما تسبب في قطع مياه السقي المجلوبة من السدود.

كما عدد من الفلاحين يتخوفون من تكرار إشكاليات تسويق الحوامض، خاصة وأن الموسم الفلاحي الماضي، لم يؤثر على وضعية الفلاحين فقط بل زاد من تأزيم الوضعية بسبب اشكالات التصدير وضعف الاثمان وامتناع مجموعة من محطات التلفيف من أداء مستحقات الفلاحين.حيث عرفت كلفة انتاج الحوامض ارتفاعا قياسيا بفعل تظافر مجموعة من العوامل المتعلقة بغلاء فواتير مياه السقي والزيادة في كافة مدخلات مسارات الانتاج.

وفي هذا الاطار، أصبح الفلاحون يؤدون الضريبة على القيمة المضافة المرتبطة باقتناء كافة المدخلات الزراعية من الأسمدة والمبيدات وهي العوامل الرئيسية في عملية تجويد الإنتاج الفلاحي. وهذا الأمر أدى إلى ارتفاع كلفة الانتاج وتقليص هامش الربح في ظل غياب اجراءات مرافقة، اقرار الضريبة المضافة على المدخلات الزراعية، لتجويد مسارات التصدير.

ويخوض منتجو ومصدرو الحوامض بسوس حملة تصدير تعد الأكثر صعوبة بسبب الزيادات الكبيرة في تكاليف النقل البحري بواسطة الحاويات، حيث عرفت مسارات اللوجستيك، استعمال الحاويات، زيادة في كلفة النقل تتراوج مابين 20 و50 في المائة مقارنة مع السنة الفارطة. كما سجل تكلفة النقل البواخر زيادة تراوح 50 في المائة من التكلفة الاعتيادية مقارنة مع السنوات الماضية.

وهذه الزيادات في مجالات الإنتاج والتلفيف والنقل واللوجستيك تؤثر سلبا على هامش الربح لدى المصدرات والفلاحين، خاصة وأن الأثمان في الاسواق الدولية غير مستقرة ولا يتم الإفصاح عن قيمتها إلا في نهاية الموسم الفلاحي.

ويتخوف عدد من الفلاحين من إشكالية تسويق الحوامض، خاصة وأن الموسم الفلاحي الحالي يعرف تراجعا مهولا في منتوج كافة الاصناف مما ينذر بموسم فلاحي كارثي بفعل ارتفاع اثمان الأدوية الفلاحية والمواد الأولية واستمرار الجفاف.

ومن جهة أخرى، ونظرا لانخفاض منتوج الحوامض يعرف القطاع مشاكل أخرى تزيد من الأزمة تتعلق بمجال التسويق من قبيل صعوبة تحديد مسارات التسويق التي يتحكم فيها القطاع غير المهيكل. وفي ظل استمرار غياب سياسة تسويقية للمنتوجات الفلاحية، خاصة في ظرفية الجفاف وارتفاع المواد الأولية، اصبحت لوبيات وسماسرة القطاع غير المهيكل يحدد اثمان المتوجات الفلاحية في هضم لحقوق الفلاح والمواطن على حد سواء.

قطاع الحوامض في أرقام

يعتبر قطاع الحوامض والبواكر من أهم القطاعات الفلاحية بالمغرب، إذ تقدر الاستغلاليات والضيعات الفلاحية بـ 92 ألف هكتار، يستغلها ما يناهز 14 ألف فلاح، ويساهم قطاع الحوامض في إحداث 21 مليون يوم عمل في السنة، إذ يشكل زراعة الحمضيات واحدة من الأعمدة التي يتأسس عليها النشاط الفلاحي في جهة سوس ماسة، سواء بالنظر للمساحات الأرضية التي تشغلها هذه السلسلة الزراعية، أو بالنظر إلى حجم الإنتاج، وأهمية الصادرات.

فهذا القطاع الإنتاجي الذي يتمتع بقيمة اقتصادية قوية، والذي يواجه ندرة الموارد المائية خاصة خلال الموسم الفلاحي لهذه السنة، يخلق عددا كبيرا من أيام العمل على طول دورة الإنتاج، بدءا بظهور بأولى مراحل الإنتاج ومواكبته حتى فترة جني المحصول، أو خلال عمليات التلفيف التي تجري داخل وحدات متخصصة، أو عند مرحلة التسويق.

وتضم جهة سوس ماسة 38 في المائة من الإنتاج الوطني من الحمضيات، و20 في المائة توجد في منطقة الغرب، و 17 في المائة في حوض ملوية، و 14 في المائة في سهل تادلة، و 6 في المائة في منطقة الحوز، حيث تغطي هذه المناطق أزيد من 93 في المائة من المساحة الوطنية، وأن رصيد منطقة سوس من أشجار الحمضيات يحتل حاليا مساحة تصل حوالي 40533 هكتار ، حيث تغطي الأشجار المزروعة حديثا حوالي 600 هكتار. أما المساحة المخصصة للفواكه الصغيرة فتشغل 21256 هكتار، مقابل 18204 هكتار بالنسبة لمجموعة البرتقال ، أي ما يعادل 53 في المائة من مجموع أشجار الحمضيات على الصعيد الجهوي.

 ومن جهة أخرى، أن المساحات المشمولة بزراعة الحمضيات في جهة سوس ماسة تطورت في الفترة ما بين 2010 و 2019 حيث توسعت هذه المساحات بمجموع 7524 هكتار، ( تطور بحوالي 22 في المائة)، مشيرا إلى أن الفواكه الصغيرة (أصناف الكيلمونتين، والنور، وأفورار، ونوفا، وفورتين، وأورطانيك، ونوليس) عرفت اتساعا في المساحات الزراعية بنسبة 21 في المائة، مقارنة مع سنة 2010 ، أي ما يوازي إضافة مساحات زراعية تصل 3700 هكتار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *