آراء

هل كان نيكولا ساركوزي عميلا للموساد الإسرائيلي؟

هل فعلا فرنسا بلد الحريات؟ هذا السؤال طرحته على نفسي قبل ان أشاركه مع القراء الكرام عندما علمت ان كتاب ساركوزي إسرائيل واليهود  للصحفي والمؤرخ الفرنسي المميز paul –eric  blanrue قد تعرض للتضييق وحصار إعلامي  في  طبعه وتداوله في فرنسا واضطر معه الكاتب الى التوجه الى بلجيكا لطبعه  وفي ندوة صحفية لتقديمه للقراء الفرنسيين تمت مقاطعتها ولم يحضر فيها سوى صحافيان، فما خطورة هذا الكتاب على الفرنسيين حتى يتخذ ضده كل هذه الإجراءات؟

في كلمة تقديمية للناشر ماركو بيتور تحدث عن الصعوبات التي واجهته عندما أراد طبع الكتاب ومنها رفض زوجته خوفا عليه بطبيعة الحال من ردود الأفعال التي ستلي نشره الكتاب، لكنه أصر واعتبر نشر الكتاب من صميم البحث عن الحقيقة التاريخية ومتوافق مع قيمه وقناعاته بأن قوة الحجة العلمية والتاريخية للكتاب لا تثنيه عن استعمال حجة القوة في منع تداوله بين صفوف الشعب الفرنسي خاصة والأوروبي عامة.

عنوان الكتاب مستوحى من عنوان كتاب سابق للباحث الفرنسي رايمون ارون: دغول إسرائيل واليهود ويهدف الكتاب الى توعية الفرنسيين كما يقول الكاتب بخطورة الخلط بين معاداة السامية وهو موقف مرفوض ومدان  ومعاداة الصهيونية كحركة سياسية معادية لقيم الحرية واستقلال الشعوب، الكتاب يوثق بالتواريخ والأسماء والأحداث التي تدل على ان الدولة الفرنسية في عهد ساركوزي كانت مخترقة من اللوبي الصهيوني التي أصبح يؤثر بشكل كبير  على الانتخابات الفرنسية.

صحيح أن الجالية اليهودية في فرنسا هي الثالثة عالميا، لكن ليس كل اليهود في فرنسا متفقين مع الحركات الصهيونية ومع إسرائيل، يطرح الكتاب إشكالية كبيرة وهي ازدواجية انتماء بعض اليهود الفرنسيين، فهم فرنسيو الجنسية ولكن ولائهم لإسرائيل اكبر وأوضح، إلى حدود أن السياسة الإسرائيلية تهمهم أكثر ما تهمهم السياسة الفرنسية، كما يحمل الكتاب حقائق خطيرة ومنها ان نقاش العلاقات الفرنسية الإسرائيلية طابو وسر من أسرار الدولة التي عليها إجماع داخلي مفروض وكل من تجرأ على خرقه يتابع بتهم معاداة السامية أو إنكار المحرقة التي تعرض لها اليهود في مرحلة مظلمة من تاريخ اوروبا، الكتاب يحمل مفاجأة كبيرة عندما يتحدث عن تجنيد محتمل للموساد الإسرائيلي للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي منذ عهد حكومة مناحيم بيكين الإسرائيلية في نهاية السبعينات وعملية التجنيد تكلف بها العميل الإسرائيلي رفائيل ايتان، الكتاب جدير بالقراءة للتنقيب في حفريات المعرفة السياسية التاريخية الفرنسية ويطرح من التساؤلات الشيء الذي يجعل الباحث عن الحقائق السياسية في العلاقات الفرنسية الإسرائيلية يضيف الى اهتماماته أسئلة كبرى ويفتح معه أوراش بحثية كبرى، قد نتفق مع جزء كبير من الكتاب أو جزء يسير ولكن المهم هو ان يتداول الكتاب ليفتح نقاشا عموميا ويضيء بعض جوانب العتمة في العلاقات الدولية.

*باحث في العلاقات الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *