ملفات

رأي: سيدي إفني على طاولة البوليساريو

ذكرت جريدة “مشاهد” خبر مثيرا للدهشة تناقلته وسائل الإعلام الالكتروني بالصحراء دون أن يكون هناك توضيح يذكر من مؤسسات الدولة في المغرب وأجهزتها المعنية به، وهنا يتعلق الأمر بزيارة ما يسمى بوزير الإعلام والناطق الرسمي في حكومة جبهة البوليساريو، محمد المامي التامك، الذي قيل بأنه زار مدينة سيدي إفني، في إطار تفقده لمعتصم عدد من عائلات المعتقلين بالمدينة على خلفية أحداث سابقة شهدتها المدينة.

بل الأدهى من كل هذا ودائما حسب نفس الجريدة، أن الأخير يقضي عطلة والاستجمام بشاطئ مير اللفت والذي يبعد عن إفني بدقائق معدودة، وأن عامل الإقليم ماماي باهي قد زاره بصفته الصحراوية وليس بصفته مسؤولا في الدولة وتناقش معه في قضايا …

هذا الحدث يطرح أسئلة تعكس الوضع السياسي، والمؤسساتي للدولة بالمغرب، بحيث أن الاهتمام بقضايا مصير الأمة لا تعني حكومة الرباط وما جورها، مادام أن ممثل صاحب الجلالة بالإقليم هو الذي استقبل ما يسمى بوزير الإعلام في “الدولة العربية الوهمية” حسب ما نقلته مشاهد، ففي هذه الحالة يتبين أن عمل الولاة والعمال لا يخضع للتقييم الدقيق والمحاسبة، مادام أن اختصاصاتهم واضحة، ربما ملف الصحراء الذي قال عنه يوما رئيس الحكومة بيد الشعب المغربي، لم يعد كذالك وليس من اهتمام حكومته، وأن الأولية بالنسبة إليه هو التأطير الحزبي، ولو خارج بلده.

بكل بساطة، الإسلاميون لا يؤمنون بالهوية الوطنية، ونظرتهم إلى الأممية الإسلامية أهم من مصير سيدي افني والمغرب كله، ولعل الدليل القاطع ما أقدمت عليه سفير المغرب في الكويت بتجميع رموز الإخوان وترتيب اللقاء مع وزير الخارجية سعد الدين العثماني، دون أن يحرك ساكنا في قضية المجرم “دنييال غلبان”.

هذه فقط إشارات بسيطة تجعلنا نتأكد يوما بعد يوم أن هناك فتور غير مسبوق في تدبير الشأن السياسي، واللامبالاة أمام ضرورة شرح الأولويات في الدبلوماسية المغربية، خاصة منها وضع الصحراء اليوم. فالمغرب حتما يواجه التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد في الداخل والخارج، تحتاج إلى التعامل مع الملفات بشكل دقيق دون استغفال الشعب، فمثل هذا الخبر يحتاج الى توضيح، لكي يعرف المغاربة سر ما يدبر بشان قضيتهم الأولى، وبشأن منطقة سيدي افني، ورصيد هذه المنطقة التاريخي والدبلوماسي معروف ولا يحتاج الى استغلال.

فما هي نوع القضايا التي ناقشها عامل الإقليم مع المامي التامك يا ترى؟ هل هي علاقات ذات طابع قبلي بين أولاد دليم التي ينتمي إليه ماماي باهي، أم وضع قبيلة آيت أوسى التي ينتمي إليها بوحمد المامي ؟ خاصة وأن قبيلة أولادليم تمثل الدبلوماسية المغربية حاليا في مدريد من طرف عائد من تندوف محسوب على هذه القبيلة؟ كما أن قبيلة آيت أوسى هي الأخرى معروفة بعائلة أهل تامك، ولها نفوذ داخل وزارة الداخلية، ومن ضمنهم محمد صالح التامك الوالي، رئيس ديوان وزير الداخلية.

أسئلة يمكن أن تثير شكوك، وترتيبات يتم إعدادها في الخفاء في استغباء للشعب، والمعروف عن محمد المامي التامك، قبل التحاقه بالبوليساريو، شغل مهمة رئيس قسم الحالة المدنية بجماعة الزاك، بالإضافة إلى متابعة دراسته الجامعية بأكادير السنة الثانية شعبة الشريعة. كما شغل أمين فرع التنظيم السياسي بآسا ( المسؤول الأول عن تنظيم فرع الشهيد حمدي بوزيد الرباني). وقيل أن له اثنان وعشرون أخا ومن بينهم من يتقلد مناصب قيادية في “الجمهورية العربية الوهمية”، يوسف التامك الأمين العام لما يسمى للبرلمان الصحراوي الحالي.

كما أن ريادة هؤلاء في جبهة بوليساريو وتقليدهم لهذه المناصب تعود إلى أحد إخوتهم المحسوب على منظمة إلى الأمام في السبعينات من القرن الماضي، ووضعت له مزرعة باسمه في مخيمات تندوف سنة 1983 “الشهيد الحسين التامك، ربما الوضع الذي تعيشه مخيمات تندوف من حيث الأزمة الاقتصادية، وانتقاد رموز الجبهة من طرف الشباب، والحملة التي يؤطرها ما يسمى بخط الشهيد، إضافة إلى صراع قبلي يطفو بشكل واضح، كلها ارهاصات يمكن أن تكون وراء البيع في الذمم وترتيب مثل هذه اللقاءات بالضغط بوهم دويلة “العروبة” في الصحراء.

كلما يهمنا في هذه المقالة أن نؤكد أن مسوؤلي الدولة ما زالوا يحتكرون قضايا الأمة في احتقار للشعب، وهو الخلل بعينه مادام أن هؤلاء موظفين يتقاضون أجورهم من أموال الشعب من أجل خدمته، وليس التستر عليه، وليس على الوزير العثماني اليوم إلا أن يقدم توضيحا في الأمر مادام أن الأمر يدخل في العمل الدبلوماسي، حتى يتعرف هذا الشعب عن تلك “التعاملات” التي يخوضها المسترزقين من القضية الوطنية والإعلان عنها، لأن المسالة لا تعني قبيلة ولا شخصية ولا تيار ولا حتى المنتظم الدولي مادام أن ملف الصحراء ظل محتكرا من الدوائر العليا دون إشراك الشعب.

فحين يتقاضى العائدون الملايين، وتتشكل “كتيبة” خاصة بهم للاسترزاق حيث وصلوا الى مناصب نافدة في الدولة بالوساطات تحت مسمى مصالح قضيتنا الوطنية، فان هذه المحاباة لن تفيد في شيء وأن ما بني على باطل فهو باطل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *