حوارات

عبد اللطيف وهبي: لا يمكن للملك أن ينتقد حكومة هو من عينها

استبعد القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي، أن يتمكن عبد الإله بنكيران من إيجاد انسجام قوي داخل أي حكومة يشكلها، بدعوى أن ابن كيران رجل لا يكف عن خلق الصراعات في مواجهات أصدقائه وأعدائه، واعتبر وهبي أن الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها ليس في صالح المغرب، لأن ذلك من شأنه أن يعرقل تقدم المشاريع الكبرى في البلاد، مشيرا في السياق ذاته، إلى أن دخول حزب الأحرار للحكومة لن يمنع من معارضته أو انتقاده كسائر الأحزاب المشاركة في الحكومة، رغم أن حزب “مزوار” يعد أحد الحلفاء الاستراتجيين لحزب “البام” منذ نشأته.

هل تحمل النسخة الثانية لحكومة بنكيران أسباب النجاح والاستمرارية؟

من الصعب الحديث عن موقف حكومة لم تنشأ بعد، غير أننا نطرح سؤالا إن كانت لدى بنكيران القابلية للتعاون، وليس خلق صراعات في ظرفية جديدة في مواجهات أصدقائه وأعدائه. نحن نعتقد أن بنكيران كشخص لا يمكن أن يعيش إلا في جلبة. وضجيجه هذا سيؤدي حتما إلى مواجهة أخرى مع شركائه في الحكومة. فمن الصعب عليه أن يغير طباعه بعد سنتين من تواجده بالحكومة، فهو دوما ما يميل إلى المواجهة، واختلاق الخصومات. لذا من الصعب تقديم حكم منذ الآن، فلو كانت الأمور والخريطة السياسية واضحتين يمكن أن نتحدث عن تقييم أولي، أما غير ذلك فمن الصعب حاليا، غير أننا في كل الأحوال نتمنى التوفيق للحكومة مما كانت طبيعتها ومكوناتها.

هل هذا يعني أن بنكيران غير أهل لأن يقود أي حكومة؟

أنا أقول أن ابن كيران ليس له استعداد لإدارة الأمور وجمع أعضاء الحكومة حوله، وليس له استعداد للرد علي أي وزير أو الاستجابة لمطالبه، وهذه الطريقة لا تشجع على الانسجام الحكومي. هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فغن هناك توجه من لدن حزب العدالة والتنمية للهيمنة، وهذا يبرز من خلال حديث ابن كيران في البرلمان عندما يتحدث عن الحزب ولا يتحدث عن الحكومة، كما هو الشأن في أغلب تصريحاته.

هل تعنت الحزب الذي يقود الحكومة هو من أوصل الوضع السياسي إلى ما هو عليه أم هناك فاعل خارجي؟

أولا هناك تعنت من طرف الجميع؛ لا من طرف ابن كيران ولا من حوله، ثانيا؛ طبيعة إدارة ابن كيران للعملية السياسية، ثالثا؛ مرتبطة أيضا بطبيعة الأشخاص الذين يتواجدون في الحكومة مما جعل الانسجام غير موجود منذ البداية. أما الحديث عن العنصر الخارجي فهو بالضرورة سيكون دائما ضد رئيس الحكومة، وهذا العنصر الخارجي ليس فاعلا مساعدا لإنجاح الحكومة، بل هو دائما ما يسعى إلى خلق المشاكل لأي حكومة مهما كان نوعها، فهو إما المصالح الخارجية أو الخارجية أو الاقتصاد الدولي والصراعات الخارجية، وهذا طبيعي جدا، أما بالنسبة للمعارضة فإن دورها هو الدفع بالحكومة إلى اتخاذ قراراتها، وهذا يخلق مشاكل للحكومة، وعلى الحكومة أن لا تتوقع من المعارضة أن تحميها من العنصر الخارجي الذي يسعى إلى ضرب وحدتها.

هل هناك توجه لتكوين كتلة ديمقراطية بين أحزاب المعارضة؟

لا أبدا، فلا يوجد لحد الساعة أي توجه من هذا القبيل، غير أننا وكما كنا نعمل في السابق فإننا ننسق في بعض المواقف، غير أنه لا يوجد اتفاق لحد الساعة. ونحن مستعدين لأي تحالف غير أننا لن نستجد أحدا.

اصطفاف الأصالة والمعاصرة ضمن المعارضة ماذا حقق للحزب؟

حقق حضورا سياسيا، وأصبح له خطابا آخر يختلف ويسمع ويحاول أن يفعل العملية الديمقراطية، وهو من وجوه المعارضة التي لا يمكن تجاوزها ولا تهميشها ولا ضربها. حاول البعض من خلال بعض الهجمات إلغائه وشيطنته، غير ان الحزب ظل حاضرا وفرض وجوده وما زال يعبر عن رأي فئة عريضة ضد توجهات وخطاب الحزب القوي ضد الحكومة.

لم تكن مرتاحا وأنت تقوم بمهام رئاسة فريق البام في وقت سابق بسبب خلافات داخلية، هل زالت أعراض هذه الخلافات الداخلية؟

أولا يجب أن تعلم أنها أول تجربة لي، لا في البرلمان ولا في رئاسة الفريق، وهذا لابد أن تصاحبه صعوبات في الأول، غير أنه مع التجربة وطبيعة العمل الأكثر دينامكية والأكثر متطلبات، فلم تعد موجودة بالنسبة لي تلك العراقيل النفسية التي كانت في السابق.

هل تلاحظ أن هناك حضورا وهيمنة كبيرة لأسماء تنتمي لمنطقتي مراكش والريف على عضوية مراكز القرار بحزب البام؟

أنا شخصيا لا يهيمن علي أحد، بل قناعتي والقرارات الحزبية التي تأخذ في الأجهزة التنظيمية هي المهيمنة علي، وأنا لن أقبل بوجود أي هيمنة مهما كانت.

لكن حضور جهة سوس ماسة درعة باهت مقارنة بجهات أخرى، خصوصا على مستوى المكتب السياسي؟

لا، الحضور ليس باهتا، وأقوى مؤتمر جهوي انعقد للحزب كان في جهة سوس ماسة درعة، وأقوى حضور على مستوى الجماعات المحلية كان على مستوى هذه الجهة، ناهيك على أن أقوى قاعدة للحزب توجد في جهة سوس، أما على مستوى المكتب السياسي فإن غياب التنظيم لدى السوسيين في المؤتمر الوطني الأخير هو من أفرز تلك النتائج، غير أن هذا لم يخلق أي مشكل بتاتا. وتشكيل المكتب السياسي لا يعني فيدرالية الحزب على مستوى جهات المغرب، بل النضال داخل الحزب هو من يحدد ذلك بغض النظر عن طبيعة المنطقة التي يوجد بها الموجود في المكتب السياسي. وأنا كمنتمي للحزب بمنطقة سوس لا أشعر بأي إقصاء ولا يستطيع أحد أن يقصيني، وهو نفس شعور المنتمين للحزب والمنحدرين من المنطقة، وسيكون لنا دور كبير في المؤتمر المقبل إنشاء الله.

ما هي التحالفات التي يمكن لحزبكم الانخراط فيها على المدى القريب والمتوسط؟

نحن نتحرك انطلاقا مما تقضيه ظروف كل مرحلة مرحلة، وطبيعة النتائج الانتخابية والخطاب السياسي والبرنامج الحزبي. وأي تحالف سينطلق من هذه الخصائص. وليست لدينا أية خطوط حمراء كما يتصور البعض.

ولكنها موجودة مع حزب العدالة والتنمية والحكومة؟

هذا كان في السابق، والآن نحن نتحدث عن ذلك، ولكن كل شيء قابل للتغير حسب الظرفية، أما على مستوى الحكومة، فلا يمكنني أن أجزم لك بشيء الآن، ولكن عندما يتم تشكيل الحكومة الجديدة سأخبرك، فنحن لا نبني أحكامنا على احتمالات.

ألا يفقدكم دخول الأحرار للحكومة حليفا استراتجيا؟

إذا فقدنا الحزب فإننا سنكون فقدناه في حالة إستراتيجية مهمة لبلد، غير أن هذا لا يعني أننا سنتعامل بشكل أكثر مما نتعامل مع الأحزاب الحكومية، بل سنعرضه كما نعارض الجميع وسنقوم بنقده وانتقاده كما نفعل مع الجميع وقفا لمهامنا كمعارضة، وهذه المسألة لن دعنا نفرق بين الأحزاب الموجودة في الحكومة، بل سنتعامل مع معها على قدم المساواة، لأننا نعتبر الحكومة موضوع معرضتنا ونقدنا بغض النظر عمن يوجد بها.

الملك انتقد أداء الحكومة خصوصا في مستوى التعليم، هل يصح هذا الانتقاد ما دام أن عمر الحكومة لا يتجاوز السنتين؟

أولا الملك لم ينتقد الحكومة، بل وضع الأمور في نصابها فقط، وهو أعطى تصورا عن مكامن المشاكل وكيف يتصورها ويقيمها انطلاقا من مسؤوليته كمكون من مكونات الدولة، وخطابه هذا لا يعني انتقادا للحكومة بل إبرازا لمشكل يهمنا كمغاربة جميعا. وأنا لا كيف يؤوّل البعض خطاب الملك ويعتبره انتقادا، مع العلم أن الحكومة توجد تحت قيادته. فخطابه عبارة عن توضيح وتنبيه إلى المشاكل التي ستكون وطريقة التعامل معها في إطار مقاربة صحيحة. والملك لا يمكن أن يكون معارضا لحكومة عينها هو.

بما تفسر دعوة شباط إلى حل حزب العدالة والتنمية؟

هذا عبث، فحزب العدالة والتنمية مهما اختلفنا معه، يشكل مكونا من مكونات المشهد السياسي، وإذا كنا نتعامل معه ونواجهه فانطلاقا من التوجهات التي يحددها الدستور. ولا يجوز لأحد يحترم الثوابت الدستورية والديمقراطية أن يطالب بحل حزب آخر.

هل تعتبر ما حدث بمصر وليبيا وتونس بداية نهاية أحزاب الإسلام السياسي، وهل ينطبق الوضع على المغرب؟

من الصعب أن نحكم، غير أن وضعية المغرب تختلف كثيرا عن وضعية بقية البلدان العربية الأخرى. فموازين القوى والتحركات السياسية لا يمكن الحكم عليها هكذا جزافا. غير أن ما يمكن أن نحكم عليه، هو أن هذه الأحزاب لم تفهم بأنها يمكن أن تهمين وهي هيمنت، وهذه الأحزاب التي تدعي أنها متدينة لم تفهم أنها لا يمكن أن تحكم وحدها فحاولت. وهي أثبت أن فاشلة لحد الآن في إدارة الشأن العام، سواء في المغرب أو في مصر.

ما هي قراءتك لمستقبل البلاد سياسيا، وما هو الأقرب إلى الواقع، تشكيل حكومة جديدة أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة؟

أنا بطبعي متفائل، غير أن النقاش السياسي سيكون أشد في الدخول الاجتماعي المقبل، لأننا أولا مقبلين على انتخابات بلدية وبرلمانية، وثانيا ستكون هناك قوانين تنظيمية ستناقش داخل البرلمان وسيكون النقاش حولها ساخنا، ثالثا أن انتقال حزب الاستقلال من الحكومة إلى صفوف المعارضة، سينعكس بشكل طبيعي على العملية السياسية، لهذا فإن الصراع السياسي سيختلف وسيتخذ منحى أخر. ولكن مادام هذا النقاش وهذه المواجهات السياسية تتم في إطار المؤسسات وبشكل سليم وواضح ومؤسساتي، فلا أجد مشكلا في ذلك، وهي ظاهرة صحية بالنسبة للعملية الديمقراطية ككل.

أما بالنسبة للوضع الحكومة فإنني أفضل طبعا تشكيل حكومة أخرى بدل الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها، فلا يعقل أن يدعو أي رئيس الحكومة كلما وقع له مشكل في أغلبيته إلى انتخابات مبكرة. لأن ذلك سيوقف تقدم البلاد ويجعل المشاريع الكبرى متوقفة إلى حين مرور الانتخابات وتشكيل حكومة أخرى لن تخرج هندستها على ما هو قائم، بفعل تواجد نفس القوانين الانتخابية السابقة، وهذا لا يخدم مصلحة البلاد.

*العدد الـ 143 من مشاهد الورقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *