آراء

فيدرالية اليسار .. شعار وحدوي “جميل” سابق لأوانــــه!

إلــى أي حد كون فيدرالية اليسار الديمقراطي نتيجة موضوعية للتطور الطبيعي للمجتمع المغربي و بالتالي لليسار الديمقراطي، وما مدى كونها إجابة علمية لسؤال الفعل السياسي الرديء في المغرب؟.

إن الوضع السياسي الراهن بالمغرب يتســم بتحكم الإدارة في الحياة السياسية ببلادنا وتعمل جاهدة على تسويغ الإستبداد وشرعنــة الفساد، ولعزل الفاعل السياسي المناضل عمدت إلى تعليب الحياة السياسة من خلال تدجين وتوريط الأحزاب الديمقراطية ، وكذلك تمييعها من خلال تفريخ عشرات الأحزاب وتعبيد الطريق أمامها من خلال التمويل من فوق وتحت الطاولة ، في المقابل فرض قطع كافة أشكال الدعم على الفاعل السياسي الذي لا يدور في فلك السلطة وفرض حصار إعلامي على مواقفه وطروحاتها على وجهاتها و صوابها.

الوضــع الراهــن

كما أن التطورات الأخيرة التي عرفتها بلادنا في الأونة الأخيرة ، أبانت أن النظام يشكو هو الأخر من تأزم الحياة السياسية بالبـــلاد على غرار الإحتقان الاجتماعي والتخلف الاقتصادي ، و تولد لديه وعي بأن كل “تخريجاته” ما هي إلا إرجاء لحل أزمة بنيوية وفق ما تقتضيه الظروف الوقتيــة و موازين القوى.

و وفق هــذا الوضع يطرح وبإلحـــــــاح سؤال دور الحزب اليساري ، الذي أبان غير ما مرة صدق تحليلاته وتقديراته لهـــكذا وضــع ، بل و عايش محطات كان بالإمكان أن تكون لحظة للتغيير الديمقراطي ببلادنا بقيادة هذا اليسار ، لكنه يعيش لظروف موضوعيـــة و أخرى ذاتية ضعفا كبيرا و غير مسبوق.

الضعف يوحدنا !

من بين ما يوحد مكونات فيدرالية اليسار هو ضعف تنظيماتها ، لا على مستوى الإمتداد التنظيمي و الاشعاعي و المالي ، و بالتالي ضعف إرتباطها بقاعدة جماهيــــرية واسعة ، مهما كانت هــذه القاعدة و دورها في عملية التحول الديمقراطي.

بل أكثر من ذلك أن الواجهات التي تحتلها فصائل الفيدرالية ، بحكم عوامل تاريخية ، كالجمعيات الحقوقيــة و النقابية و الجمعوية و المجالس المنتخبــة ، لم تنعكس على قوة هــذه التنظيمات ، لسبب رئيسي هو “غياب رقابة هــذه الأحزاب على مناضيليها في الاطارات الجماهيرية” ، بإعتبار الحزب بوصلة المناضل داخل منظمات النضال الجماهيري ، بل أكثر من ذلك أن هــذه الأحزاب فشلت في تنزيل خيارات وحدويــة على المستوى الجماهيري ، فما بالك بالمواقف السياسيـــة.

الوحدة .. شعار جميل سابق لأوانه

إن المحك الذي كان يجب أن تختبر فيه مدى نضج شروط أي خيار لعمل وحدوي ، هو واجهات النضال الجماهيـــري ، و تتوفــر مكونات الفيدرالية على ما يقارب 500 مستشار جماعي ، ضمنهم من تحملوا مسؤولية رئاسة المجالس المنتخبــة ، و إن أصبح هــذا العدد في تراجع ، نظرا لكون بعض المستشارين عقدوا تحالفات مع أحزاب يمينية في مجالس منتخبة و تم إبتلاعهــم و ذوبانهم في هــذه التشكيلات الانتخابيــة ، و إستقالة أخرون إلى أحزاب أخرى ، ولم تطرح مكونات التحالف يوما سؤال تقييم أداء هــؤلاء المنتخبون و مدى إنضباطهم للتصور السياسي لتحالف الطليعة ، الإشتراكي الموحد ، وهو ما اتضح جليا في منتخبون بإسم أحزاب قاطعت الدستور في حين أن هؤلاء انخرطوا في التصويت والدعاية ل “نعم”للدستـــور ، دون أن يتحمل التحالف مسؤوليته في إتخاد المتعيــن .

و في الوقت الذي هيمن فيــه حزب المؤتمر على الكنفدراليــة الديمقراطية للشغل ، غيب الشروط الديمقراطيــة من أجل قطع الطريق على حلفائــه في الفيدراليـة ، ونفس الشيء ينطبق على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و فرز الهيئة المغربية لحقوق الإنسان و هلم أوجــه العبث بشعار جميل إسمه “الوحدة اليسارية” لم تنجح مكوناته في تنزيله ميدانيا و في فرص النضال المتاحــة ، قبل أن يتوج ب “تحالف سياسي” ، دونما تقييم موضوعي وموسع لتحالف “تجمع اليسار” تم تحت ضغــط إنتخابي إعلان “تحالف اليسار” و بعده الإعلان عن اللمسات الأخيرة للفيدرالية ، و المعلوم أن كل تلك التراكمات منذ صيف 2005 لم تؤدي إلى قفزة نوعيـــة ، وتبددت أحـــلام بناء يسار قوي مناضل و مكافح وذا مصداقيـــة.

على كل …

مهما كانت هــذه الملاحظات النقديــة ، وجيهة أو خاطئــة ، فإنها لا يجب أن تمنع مناضل يساري في الوقت الراهــن من نشدان وحدة حقيقية ليسار حقيقي ، في أكثر من واجهة نضالية تتوج حينــئذ بوحدة سياسيـــة أو تنظيمية و إيديولوجية في مراحل متقدمــة ، طالما توفـــر تقدير مشترك للمرحلة و متطلباتها ، و تصليب عود يسار يقول : لا للمخزنة و الإستبداد والاستغلال و نعـــم للديمقراطيـــة والعدالة والمســاواة ، كمتطلبات حــد أدنى للشكل الوحدوي المنشـــــود.

* عضو اللجنة المركزية لحزب الطليعــة الديمقراطي الإشتراكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *