اقتصاد

الماء بجهة كلميم السمارة .. بين الندرة وهاجس التدبير

تشكل المياه الجوفية المزود الرئيسي لسكان جهة كلميم السمارة بالماء الصالح للشرب، غير أن الاستغلال المفرط لها جراء التزايد المطرد للسكان وتوسيع المساحات المسقية وتوالي سنوات الجفاف جعلها في الوقت الراهن غير قادرة على تلبية الحاجيات المتزايدة من هذه المادة الحيوية.

وبالرغم من الجهود المبذولة بجهة كلميم السمارة التي تتميز بمناخ صحراوي قاحل مع جفاف بنيوي، من أجل البحث عن موارد مائية اضافية لتلبية الحاجيات الآنية والمستقبلية من الماء، فإن ارتفاع الطلب على هذه المادة سيضاعف من حدة الضغط على استغلال الفرشات المائية بهذه المنطقة التي لا يتجاوز بها المعدل السنوي للتساقطات المطرية 80 ملم.

وتفيد معطيات لوكالة الحوض المائي لسوس ماسة ودرعة بأن مجموع الموارد المائية المتجددة السطحية والجوفية بجهة كلميم السمارة تصل الى 210 مليون متر مكعب في حين تتجاوز الحاجيات المرتبطة بالشرب والاستعمالات الفلاحية والصناعية 250 مليون متر مكعب.

وتشير المعطيات نفسها الى أن الحاجيات المستقبلية من المياه الصالحة للشرب بالجهة ستنتقل من 16.9 مليون متر مكعب سنة 2015 الى 25 مليون متر مكعب في أفق 2030 بينما ستنخفض حاجيات الري خلال الفترة نفسها من 292 مليون متر مكعب الى 192 مليون متر مكعب.

ومن أجل تحقيق توازن بين العرض والطلب والحفاظ على الفرشة المائية لفائدة الأجيال القادمة في إطار التنمية المستدامة أكد مندوب وكالة الحوض المائي بكلميم عبد العطي قائمي على ضرورة اتخاذ مجموعة من التدابير ترتكز على ثلاثة محاور اساسية تتمثل في تدبير العرض وتدبير الطلب وإرساء حكامة جيدة.

وأوضح عبد العطي قائمي في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء انه على مستوى تدبير العرض يجب مواصلة التعبئة القصوى للمياه السطحية عن طريق بناء السدود، وتعميق المعرفة بالمياه الجوفية خصوصا الباطنية العميقة، وإعادة استعمال المياه العادمة وتجميع مياه الأمطار.

وعلى مستوى تدبير الطلب أكد على ضرورة ترشيد استعمال الماء من خلال تعميم الري الموضعي، وتحسين مردودية المنظومات المائية، وتثمين مياه السقي في حين يجب على مستوى الحكامة إعداد عقود الفرشات المائية ، وتقوية ومراقبة حفر الآبار وجلب المياه.

وفي أفق إعداد عقود الفرشات المائية ما بين جميع المتدخلين في ميدان الماء تتواصل بأقاليم جهة كلميم السمارة المشاورات واللقاءات من أجل وضع سياسة تشاركية، وبلورة خطة عمل متفق حولها بما يتماشى مع توصيات وأحكام الإستراتيجية الوطنية للماء والمخطط المديري للتهيئة المندمجة للموارد المائية لحوضي درعة وكلميم، وذلك بهدف المحافظة على المياه الجوفية وتحقيق التنمية المستدامة.

وتتضمن هذه العقود التي تتوخى تعزيز المعرفة بمستوى المياه الجوفية، وتطوير آليات تدبيرها، من خلال إشراك مستعملي المياه في التدبير المندمج للموارد المائية اقتراح مجموعة من التدابير لإشراك مستعملي المياه في التدبير المندمج للموارد المائية من بينها اقتصاد وتثمين مياه الري، والتحسيس والتواصل والتكوين، وتحيين الإطار المؤسساتي والقانوني والتنظيمي، وتدبير العرض، والمحافظة على الموارد المائية، والوقاية من المخاطر، فضلا عن تعزيز البحث العلمي.

وحسب مندوبية وكالة الحوض المائي بكلميم فان الميزانية المتوقعة لتنفيذ محاور ومكونات عقدة الفرشة بأقاليم كلميم وطانطان وأسا الزاك وطاطا في أفق سنة 2020 تقدر بأربعة ملايير و291 مليون درهم.

وفي أفق تنفيذ هذه المشاريع للتغلب على العجز الحاصل وتحقيق نوع من التوازن بين الحاجيات المتزايدة من الماء الصالح للشرب ومتطلبات باقي الاستعمالات الأخرى الفلاحية والصناعية والاستجابة للمتطلبات المستقبلية من هذه المادة الحيوية بأقاليم جهة كلميم السمارة التي يتجاوز عدد سكانها 462 ألف نسمة، فإن الأمر يستدعي إعادة النظر في طرق استعمال واستهلاك الماء ونظم الحكامة المعتمدة في تدبير الموارد المائية والتعامل مع المتوفر منها بنفس القدر الذي يتعامل به مع كل مادة ثمينة من أجل تأمين حاجيات الأجيال المقبلة.

يشار الى أن جهة كلميم السمارة استفادت خلال الفترة ما بين 2010 و2013 من مجموعة من المشاريع المائية همت إنجاز 206 أثقاب بصبيب يبلغ 494 لتر في الثانية وبكلفة مالية بلغت 9.6 مليون درهم وأشغال الحماية من الفيضانات (18 مليون درهم) وتجميع الأمطار عبر إنجاز 18 مطفية (3.8 مليون درهم) وإعداد المخطط المديري لتجميع هذه المياه بحوض درعة وكلميم وإنجاز دراسات التطهير السائل (3.12 مليون درهم) فضلا عن التأهيل البيئي للمساجد والمدارس القروية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *