آراء

هل إنتهى زمن بيع الأوهام بالصحراء؟

هل تصدقون ما حدث هذا الشهر بالصحراء ربما الصحافة لم تعير الاهتمام الكافي لهذا الموضوع طبعا نظرا لانشغالها بلعبة الشد والجدب بين وزراء الحكومة النصف الإسلاموية ومعارضتها المفبركة، وحتى أقربكم مما يقع في الصحراء، حدث يستحق الكتابة طبعا الأمر يتعلق بذكرى تأسيس ما يسمى بالجمهورية المزعومة.

نعم أنه حدث إبراز عضلات وهم انفصال الداخل، وهي بالمناسبة تسمية لاندري من كان وراء إختراعها وطبعا على مقاس هؤلاء المستفزون للشعب الأصلي للصحراء الصنهاجية وحقوقهم بالدرجة الأولى حيث أن هؤلاء الى حدود اليوم يعانون ويلات الصدمة من فكر العروبة بقوميته البعثية وببداوته وتخلفه ليضع ارض الامازيغ في مزاد علني أشبه في قانون الالتزام والعقود بـ “وعدا للبيع”.

هل تصدقون إذن، إن ذكرى 20 ماي التي تؤسس لمشروع دويلة عروبية بالصحراء توقف هذه السنة بقدرة قادر، هل يعني ذلك أن الوهم انتهى بحسابات لايعلمها إلا ماسكي بيد هذا الملف؟ طبعا حكومة بن كيران لم تخبر الشعب بما حصل، رغم إشارة أحد الصحراويين المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة على ضوء تنظيم الحفل الختامي لتقديم خلاصات أعمال لجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، حيث نبه بإدراج شريطا صوتيا يحمل مقطوعة موسيقية لأغنية حماسية تؤديها الفنانة الحسانية مريم منت حسان، وتتغنى فيها بذكرى 10 ماي التي تؤرخ لذكرى ميلاد ما سمي بجبهة الانفصالبن رغم إن الأمر لايعدو أن يكون اختصارا للصراع بين البيجدي والأصالة والمعاصرة، فالمكتشف هو الحاضر في نفس الوقت وليس في لغز الكلام إلا بيد الله العائد الى ارض الوطن، تاركا عائلته بتندوف تنتعش بمستملحات المغنية “……” التي يعرفها أهل الدار أكثر من أمازيغ الصحراء الشرقية.

كلما نتعجب فيه ذاك الصمت المريب من أعيان السلطة في الصحراء دعاة الوحدة منهم لإبقاء على مصالحهم الريعية، ودعاة الانفصال لمقايضتهم العملات بصفة عامة وهم المنبهرون بحماسة شعارات “لابديل لابديل..” هذه المرة التزموا الصمت إعلانا بتوقف السيناريو الوهمي، وهو ما يجعل الأمر بديهيا بالنسبة للعائدين وللمؤسسين الذين أصبحوا في دهاليز الداخلية وقبضوا واطلعوا على أسرار ملف الإنعاش أو بالأحرى ” ملف الكارتيات” الذي كان في السابق توزع فيه الأموال دافعي الضرائب لصناعة الإنفصال وتقسم فيه “الكرطية” بين رجل السلطة والمأجور “الإنفصالي”، وآخرون جمعويين من العائدين أيضا ومنهم كثر يسترزقون باسم القضية لهم تجربة وعلى دراية بما يحاكى في تندوف، لما لا وهم المؤسسون .. لكن ما لايروق الضمير الإنساني ويثير الإستغراب هو كيف يمكن أن يتقبل المغاربة بهضم ما كان يقع؟ ألا يعتبر لعبا على ذقون ضحايا حرب مجانية، قادها تجار الحرب في الصحراء؟.

الانفصاليون طبعا يعرفون أنفسهم باختلاف قبائلهم فكل واحد يريد أن يمثل قبيلته كزعيم لانفصاليتها ، والسبب درايتهم بكيفية در الأموال والعمولات التي يتم تكيفها مع ثقافة حقوق الإنسان كلما اقتربت اللحظة، وهم في الحقيقية يخدمون أجندة تخدم مصالحهم ليس إلا وفي هذه الحالة يمكن تفسير أن ذاكرة 20 ماي لم تعد تهمهم باسم الحرية والكرامة … ترى ما حدث؟

رسالة توقف الإحتفال باللقاء الموؤد كل نهاية شهر ماي تأسيسا لجمهورية الوهم يطرح أسئلة الى كل المغاربة الذين يرأون في “الانفصاليون” شر لابد منه، فهي ظاهرة تهدد أمنهم واستقرارهم لأن هؤلاء يساومون بأرضهم و في حالة هذه لاغلاب إلا الله. وحينما يطالبون بحق تقرير المصير كما أرداته الشعوب التواقة للحرية وليس لتعزيز بيادق صراع الحرب الباردة. فإنهم غافلون عن مقاربة أمازيغ الصحراء، التي تؤسس على مرجعية حضارة عريقة في مناطقنا المغاربية لايمكن إقبارها ، عفوا أنهم يدقون باب الخطأ بوعي أو بدونه ولا ينبشون في خصوصية بلاد مراكش.

الصحراء ليست قضية القوميين البعثتين العرب، ولا قضية التمثيليات المتأسلمة الإرهابية، أبدا قضية الصحراء قضية مفبركة ، قضية الإبتزاز الإمبريالي الذي يريد الإستحواذ على ثرواتها، الصحراء قضية عادلة لشعب أصلي على أرضه المقدسة .قضية المزايدات التعسفية وقضية الموقف الاّأخلاقي لإستمرار عرقلة التنمية والوجود الإنساني.

أما وقف الإحتجاج والتوريط في الدعاية للانفصال فهو ليس إلا برنامجا للابتزاز والاسترزاق وموقفا إيديولوجيا وقضية بوليميك بين النظام العسكري الجزائري والمغرب من جهة والتوجه المشرقي من جهة أخرى ، الإبقاء على موقف التفاوض أشبه الرغبة في التطبيع مع امبرياليين لعل أصحاب الأرض غير قادرون الآن من التخلص من رفع عدوانه القائم وتوقيف عن ارتكاب جرائم في حقهم.

منذ سنوات استمرت الإحتجاجات باسم الإنفصال الداخل يخلطون بين حساسياتهم الابديولوجية القومية وبين ابتزازهم لأنظمة مشرقية ، وفيها لايعيرون أي اهتمام للمكون الأمازيغي ويخلطون بين عدائهم للنظام المغربي ومحاباتهم للنظام العسكري الجزائري.

وكباقي ضحايا الأفكار القومية سعى هذا التوجه إلى التهديد بالتاكتيك الحربي الذي يقول إن وسيلة الإبقاء على الوهم التهديد بالحرب للضغط على مصالح الغرب وأن أفضل طريقة لوخز العقل الأمازيغي بالصحراء هو التقرب إلى دول المشارقة والى رواد السياسية العالمية وخطب ودّها بمعية أموال النظام العسكري الجزائري وهي إستراتيجية الهدف منها فك العزلة النفسية لإضطهاد دعاة البسمركية بالجزائر في بلاد الإمبراطورية المرابطية الصنهاجية المتجدرة في عمق إفريقيا.

هذا رهان خاسر وخطأ سياسي فادح سينقلب على أصحابه اليوم أو غدا لأن التاريخ لاينسى.

إن درس وكليكس ووثائقه السرية كافية لفهم الحقيقية والتأكيد على أن تجربة الربيع العربي والاسلاموي ورقة محروقة، لأن النظام العالمي الجديد يعرف مسبقا أن مشروع الوطن العربي والاسلاموي غير قائم أصلا في شما ل إفريقيا، وان إفريقيا للأفارقة كما حدثنا لسان هيردوت أب التاريخ، في حين يحمل مشروع الجمهورية الوهمية في الوقت الحالي إرهاصات لتهريب الثروة وعلى جانبها تعنت العسكر الجزائري، ورفضه للحلول الممكنة حتى لاتجزاء الأرض لتي احتلتها اسبانيا وفرنسا وأرادت أن تسيطر عليها إملاءات الناتو اليوم. إن رعاية الجزائر لما تبقى من القومين العرب البعثتين الدين يسعون الى خلق الجمهورية الوهمية ليس إلا لهدف واحد هو خلق البلبلة والبحث عن اقصر الطرق للوصول للمحيط الأطلسي، واللعب على تهميش الصحراويين ورعاية مصالح العسكر، وتنشيط خلايا المأجورين لإبقاء الوضع عما عليه.

لكن عمليا الموقف الأمريكي لأحداث 11سبتمبر 2001 عكس ذلك وما ظهور الأكراد والازواد والأتراك والفرس والأقباط ودارفور والمورنة في لبنان .. يعكس حجم الاضطهاد الذي عان منه العجم من العرب ولأن مقولة الإسلام هو الحل لم تعد تجدي وغير مقبولة هي الأخرى، بل فشلت بفشل الاسلاموفوبيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، والدليل على ذلك استغلال تجار الدين لقتل أبرياء في سوريا وقبلها أفغانستان ووو.. إعلانا بتشويه صورة الإسلام، واختصاره في إسلام العرب المتطرف ضربا عرض الحائط التأويل الديني للآية القرآنية، “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ..”، وهوتأويلا لم يعد ممكنا في دروس تجار الدين بمصر و سوريا وو… وهم بذلك يشوهون الإسلام ويضربون في عنق النسيج الاجتماعي لهذه الشعوب المضطهدة فهم ساهموا بذلك في خرق الشرخ والصدمة العميقة ولن يفكر هؤلاء المضطهدون إلا في محاربة هذا الإستغلال السياسيوي باسم الدين والعروبة وعلى مقاومة كل مس بأرضهم ولغتهم وخصوصياتهم الإنسانية. فهل إنتهى زمن بيع الأوهام بالصحراء؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *