ثقافة وفن

ملكة جمال سيدي إيفني .. بين السلطان عبد العزيز وصدمة التعيين

مقال رأي:

يحكي تاريخ المغرب أن أحد سلاطين المغرب وصلت فيه المراهقة حدا لا يطاق، كما حكاها مهندس ألعابه غابرييل فيري Gabriel Veyre، وقال عنه هذا المهندس في كتابه “في “حميمية السلطان”: السلطان كان مجرد مراهق كبير بدنيا طويل القامة له ملامح شخص قوي من دون أن يتوفر على العضلات الضرورية”، انه مولاي عبد العزيز ابن مولاي الحسن الأول الذي توفي تاركا الابن دون سن 14 عاما، سلطان مهووس باللعب الذي ينفق عليه أموالا طائلة، حتى غرق المغرب في ديون أجنبية عجز عن تسديدها كانت من بين أبرز ما يسر من تهافت القوى الأوربية على المغرب مع بداية القرن 20.

وتعد حكاية الدارجة النارية من أبرز ما يحتفظ به المغاربة في مخيلتهم عن هذا السلطان، الذي راهن المغرب بها، فقد ظل أسير هذه اللعبة الحديثة أنذاك، يلهوا بها إلى بزوغ الفجر بل وسخر لها 30 عبيدا يرافقونه في جولاته داخل القصر لإنارة الشموع أثناء جولاته، القصة ذاتها مع السيارة ومع مهرج البلاط وحريمه، حيث راهن بداية توليه مسؤولية تدبير شؤون البلاد حياته بهاته الأمور، وهي التي عجلت بزواله بعدما ثار الناس في المدن والبوادي وثار بوحمارة و الريسوني، مما عجل بسقوط المغرب تحث قبضة السلطات الإستعمارية، ذلك أن الشاب لم يكن مؤهلا من قبل لتولي السلطة، فقد كان أبوه قبل ذلك كما يحكي التاريخ أنه قضى فترة حكمه على صهوة جواده لردع القبائل الثائرة ضده، ومنها قبائل أيت باعمران التي وصل اليها سنة 1885.

وشكلت بيعت مولالي عبد العزيز سنه 1894 صدمة قوية لديه، ويضيف مهندس ألعابه” يجب التأكيد على أن لا أحد مطلقا قام بتهييء عبد العزيز للدور الكبير الذي نؤدي عليه خطا من أجل لعبه”. عقدة أتت على البلاد والعباد، هذا هو حال مهندس فكرة ملكة جمال مهرجان الصبار المزعم تنظيمه أيام 16 و17 و18 غشت 2014 بسيدي إفني، الذي لم نجد لها تفسيرا ولا يمكن إدراجها إلا ضمن إفرازات صدمة تحول مسؤولياتي لم يستطيع الخروج منها فلاسفة فكرة ملكة جمال إيفني بالرغم من إختلاف الظروف والسياقات والمستويات التعليمية والعمرية بين هذا و ذاك.

صدمة التعيين إذن كانت قوية، وعلاجها يتطلب مرحلة أطول، ذلك أن جميع ما يمكن أن يساهم في تنمية الثقافة و الموروث الثقافي في المنطقة لم يخطر على بال هؤلاء، سوى هذا الذي سمعناه، الم تجدوا فرصة للجلوس مهلة للتفكير بعمق في واقع المنطقة أم أن النزوات والرغبات والحسابات الضيقة فعلت فعلتها كما عهدنا في من سبقوا.

فإفني ساداتي سيداتي فلاسفة الفكرة، لا تحتاج إلى ملكة جمال لأن كل الباعمرانيات ملكات في تربية أبنائهن والتضحية من أجلهن ومن أجل أرضهم وتاريخهم الحافل بالبطولات جيل عن جيل، فحبذا لو فكرنا في تكريم ملكات مرحلة المقاومة الباسلة ضد فرنسا وضد إسبانيا خلال القرن الماضي، واللواتي مازلن يكافحن في ظروف قاهرة بأيت باعمران ضد الأمراض والتهميش وقساوة ظروفهن الاجتماعية، ولا ربما رجعت عمالة سيدي إفني إلى أرشيف الباشوية والبلدية والجمعيات لتجد مئات طلبات تسوية وضعيات أرامل المقاومة الباعمرانية، لعل العمالة فعلت خيرا في نفض الغبار عن هذا الجانب لكن لا تستطيع، لأن ذلك ليس من أولوياتها كما ملكة جمالهم، أمر يتطلب شجاعة سلطات عمالة إيفني لأن الأمر موكول لمركز اخر إسمه الرباط،، فلا بأس نفهم اللعبة جيدا.

لقد فهمنا أن عهدنا هو عهد الثقافة السوقية، من أجل السوق نجعل من اللاشيء شيئا ثقافيا يستحق الإهتمام، حتى نفتتح به سوقنا لنسوق أنفسنا كما يريده الآخرون الذين جعلوا مفاتيح هذا السوق بين أيدينا، هذا السوق الذي حكم على الفكر والثقافة الحقة بالموت.

فلا عجب في ذلك يأ أبناء قبيلتي، لأن هذا النموذج ممن نراهم اليوم يخترعون ما لا نجده في عاداتنا و أعرافنا و ثقاليدينا و تاريخينا يؤمن دائما بقيم غريبة على ما يمكن أن يجده من مجتمعه من نماذج راقية تعيش تحث وطأة التهميش تنتظر الموت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *